انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

”كاينة ظروف” حلقته الأخيرة كارثية

حلقة ساذجة خاطبتنا وكأننا أغبياء..

بقلم: الناقد فؤاد زويريق

بسمة نسائية/ ثقافة/ دراما

شاهدت للتو الحلقة الأخيرة من ”كاينة ظروف” فرغم أني كنت مسبقا على علم بكل ما سيحدث فيها، وبكل الحلول التي ستطرح على مائدتها لأن الدراما المغربية للأسف عودتنا على ذلك، إلا أنني فضلت مشاهدتها حتى أشاهد بأم عيني، كيف ستعالج فيها كل هذه الأحداث المتراكمة من أول حلقة، فربما سيخطئ حدسي هذه المرّة ويصبح هذا المسلسل استثناء، لكن للأسف سقط كما يسقط جل الأعمال المغربي في فخ الاستسهال والاستغباء والاستحمار..

هل ندمت على مشاهدتها؟ لا لم أندم، لكني تأسفت على ما نحن فيه، وعلى ما نعيشه من بُعد عن الاحترافية في صياغة دراما متكاملة من أول الى آخر حلقة، صحيح أنني صفقت لهذا العمل وشجعته لأنه هو الوحيد -حسب رأيي- الذي يستحق المواكبة والمتابعة والكتابة في ظل الفوضى والعبث الذي يشهده حقل المسلسلات لدينا.

التشخيص كان قويا لا شك في ذلك، وتسكين الممثلين كان في محله باستثناء بعض العناصر التي شكلت نشازا بأدائها المتصنع والمبتذل، وجعلت من المَشاهد التي شاركت فيها مشاهد كوميدية رغم تراجيديتها المنغمسة في المأساة والألم، السيناريو كان على العموم موفقا وهو الذي حافظ الى حد كبير على تماسك خيوط المسلسل، لكن في بعض الحلقات تشعر به وكأنه أضاع فجأة البوصلة، لتختلط الخيوط والشخصيات ببعضها البعض وكأن هناك أياد خفية تتلاعب به دون خطة مدروسة، ويساعد على ذلك ضعف عملية المونتاج التي تعتبر في الأعمال المحترمة عمودها وعصبها، وكذا غياب رؤية إخراجية مؤثرة، إذن كما قلت رغم هذه الهنات فالمسلسل بكل صراحة قاوم وصارع الانهيار حتى اللحظات الأخيرة، حيث ظهرت كل عيوبه في الحلقة الأخيرة، فكانت وكأنها حلقة من مسلسلات الكارتون الموجهة الى الأطفال، بل حتى في الكارتون تجد إبداعا يحترم العقول.

حلقة الأمس حُلّت فيها كل مشاكل شخصيات المسلسل دفعة واحدة، إيقاعها سريع جدا بعد إيقاع بطيء تعودنا عليه فيما تقدّم من حلقات، حيث كان التمطيط مبالغا فيه في كثير من أحداثها، عملية التقطيع والتوضيب كانت كارثية، هذا دون أن نتكلم عن بنية السرد واللغة البصرية الى غير ذلك، في الحقيقة هي حلقة لا تستحق منا كل هذا العناء في التحليل والتفصيل لأنها حلقة ساذجة خاطبتنا وكأننا أغبياء سذج، كان لصناع هذا المسلسل الوقت الكافي، ثلاثون حلقة لبناء الحلول ضمن سياق الأحداث بشكل متزن وواقعي ومنطقي ومقنع، دون انتظار آخر حلقة للدخول في سباق 100 متر مع الزمن، ماذا يعني أن تتعرف فوزية بعد كل هذا المارطون الدرامي على ابنها في ثانية من خلال كلمات أغنية حفظها عن ظهر قلب وهو لم يتجاوز خمس سنين؟ أية سذاجة هذه؟

نهار جديد هذا.. بلا ما نسمع منك صباح الخير.. ولفت نسمع صوتك كل صباح.. ودابا فينك فينك فاتك الوقت من غير سباب.. ويا حسرة علاش انت وانا كتاب علينا المكتاب وتفارقنا…

هذه بعض المقاطع من الأغنية فإذا تجاوزنا بأن شيخة تقليدية محترفة مثل الشيخة فوزية التي خبرت معنى الكلمة والأغنية الحقيقية الدالة ستتغنى بمثل هذه القصيدة السطحية، فهل يمكننا تجاوز حفظ طفل صغير جدا هذا الكلام ولسنوات؟؟؟؟؟؟

الحلقة الأخيرة بدت وكأنها صوِّرت داخل هيئة الإنصاف والمصالحة، فجأة تصالح الكل مع الكل، وغفر الكل للكل، وتزوج الكل من الكل، وانتهت الحكاية، الشاب زين المختفي كان كل المغاربة الذين يشاهدون هذا المسلسل، يعرفون أنه ابن فوزية من أول ظهور له ماعدا فوزية نفسها، وهذا عوار في العمل فأن يكشف المتلقي نتائج الأحداث المعروضة أمامه، فهذا يعتبر تقصيرا بل سُبّة في حق أصحاب العمل، وغباء منهم في سرد الأحداث بهذا الأسلوب المكشوف، لكن هي عادتنا ولم نشتريها للأسف.

أصارحكم القول بأنني كنت أنتظر حتى آخر لحظة مبررا لموت شخصية زهور لكنه لم يظهر، فموتها لم يعط للأحداث دفعة مهمة ولم يطورها كما كنت أتوقع، بل أبطأ إيقاعها، زهور كانت شخصية مهمة في البناء الدرامي فجأة قتلوها دون مبرر يذكر وهذه كارثة درامية تنم عن جهل، أو تقصير، أو بحث عن ”بوز”، زهور ماتت واختفت وكأن شيئا لم يكن، وكذا شخصية الشاقور وزميل خالد في المقهى الذي يعتبر أقرب صديق له وكونا معا ثنائيا جميلا، وبعد أن سانده بقوة نساه فجأة ونسيناه معه، كما نجد أيضا بعض الشخصيات التي لا وظيفة ولا تأثير لها نهائيا في العمل وخلقت لسبب لا يعرفه سوى صاحب العمل أو أصحابه، الشابة المسجونة التي ركزت عليها الكاميرا في الحلقات الأولى، أخت حارسة السجن لحد الآن لم أستوعب دورها داخل الأحداث، كان لها خط درامي منفصل عن باقي الخطوط فانقطع فور دخولها الى السجن ومسحت من ذاكرتنا، سعاد النجار وزهور السليماني أشفقت عليهما لأن وظيفتهما كانت باهتة رغم محاولة إقحامها عنوة في مجريات الأحداث، وقد كان من الممكن الاشتغال على شخصيتهما بشكل أكثر نضجا…

على أي يبقى هذا المسلسل أفضل وأهم عمل درامي لدينا هذا الموسم، وهذا مؤسف لأنه يظهر لك مدى المأساة التي نعيشها داخل هذا المجال الذي يعاني حقيقة من غياب الإبداع، وبدل استقراء طموحات الجمهور واستطلاع آرائه بشكل شفاف وصريح، وقياس نسبة رضاه بدل قياس بخبث نسبة المشاهدة، حتى نحقق آماله وما يبتغيه في إنتاجاتنا الوطنية، نستغبيه ونستبلده ونستحمره وهي أسهل الطرق للاستيلاء على أمواله، والسؤال الى متى ستظل هذه المنظومة تقتات على جهود الممثلين، فالممثل إلى حد الآن هو من ينقذ الى حدّ ما ماء وجه المواسم الدرامية المغربية.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا