انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

من وحي 8 مارس.. أمينة  غريب تكتب..

ولا زالت شهرزاد تحكي نفس الحكاية كل يوم وانتن الجميلات المقتدرات.. 

في هذا اليوم النسائي، عادت لتتساءل فيه إذا كانت تلك المرأة التي إلتقتها في نهاية هذه السنة على أبواب مدينة سبتة قد استطاعت المرور بسلعتها، التي حملتها على ظهر انكسر بفعل ذهاب وإياب من أجل لقمة عيش يومي، كانت هي عائدة من رحلة سياحية إلى الضفة الأخرى وكانت تلك المرأة تعبر عائدة إلى مدينة تطوان هي وأخريات طابور من النساء ينتظرن المرور”خاي الله إلى كتعرفي شي ديواني يساعدني باش ندوز هذه السلعة”..

كانت هذه هي الجملة التي طوحت بها تلك السيدة في وجهها، وهي تتجاذب معها الحديث والنقاش حول المرأة المغربية، حول ثقافة النوع والإقصاء والعقلية الذكورية والجمعيات النسائية التي تدافع عن قضايا المرأة والدستور الجديد الذي شدد على مبدأ الإنصاف..

فجأة انتبهت إلى تلك النظرة البلهاء المرسومة على وجه رقية، هكذا كان اسمها لتجعلها تتوقف عن الحديث كان واضحا أنها لم تستوعب ولا كلمة من كل ذلك الخطاب الطويل الذي كانت تسرده أمامها، لقد كانت منشغلة بشيء واحد سلعتها التي يجب أن تعبر بها قوتها اليومي هي وأطفالها الأربعة..

كانت رقية ترمقها بتلك النظرة البلهاء فيما الأخريات أكتفين بالإبتعاد رد فعل كان كافيا بأن تفهم بأن خطابات صالونات الرباط والدار البيضاء لم تصل بعد إلى هنا.

في هذا اليوم النسائي أيضا رحلت بتفكيرها إلى تلك الربوع التي كلما مرت منها تراءت لها نساء محملات أيضا ولكن هذه المرة بحطب الوقود، ففي تلك الربوع بدون حطب الحياة مستحيلة، يقطعن المسافات بحطبهن، المقاومة هنا للطبيعة ولقساوتها ومعها قساوة العيش، ومع ذلك يواجهن هذه القساوة بصبرو بإصرار على زرع الحرارة والدفيء في أجساد أطفالهن في فصل الشتاء وجرعة ماء في فصل صيف تجف ينابيعه إنهن نساء معركتهن الحياة.

في هذا اليوم النسائي تذكرت فاطمة ابنة مدينتها امرأة تسحر بجمالها لكن كل من اقتربوا منها اعتبروه لعنة لابد من تدميرها، فاطمة لم تعرف يوما طريق المدرسة ولم تولد وفي فمها ملعقة من ذهب عاشت فقط تنتقل بين الذئاب.لم يشفع لها جمالها ولا صوتها الذي كانت تصدح به ولا جسدها الذي ظلت ترقص به لتكسب مالا لها ولابنها الذي جاء إلى الوجود في لحظة كانت فاطمة تظن بأنها اللحظة التي ستنقدها ـ لم يكن كذلك فحتى هو لم يستطع أن يتجاوز جسدها تاركا إياها وطفلها، تخلى عنها الكل وعندما بدأت ملامحها تتغيرغيرت الذئاب الاتجاه نحو جسد آخر..

من أجل طفلها عادت فاطمة لتحاول من البداية بعيدا عن الغناء والرقص والذئاب. لقد أصبحت تكنس جامع المدينة وتتسول صدقات من نفس الذئاب الذين نهشوا جسدها..

في هذا اليوم النسائي تذكرت حليمة التي في لحظة حب جنوني عادت وفي أحشائها شيء من هذا الحب، كانت تظن بان هذا الشيء هو الذي سيجعل هذا الحب يكبر، لم يكن كذلك لم يغفر لها ما اسماه بالخطيئة مع أنه هو مرتكبها لم يغفر لها ذلك، ولم يترك لها أي خيار لم يكن لديها المال الكافي ولم يكن بإمكانها البوح لأحد كانت أمام خيار واحد ووحيد إخفاء الدليل عنوان الخطيئة بأقل ثمن : أعشاب تناولتها لينزل الدليل ومعه حياة حليمة..

في هذا اليوم النسائي تذكرت خديجة التي أنهكتها معامل البيضاء منذ أن غادرت المدرسة ظلت تنتقل من معمل لآخر بأجر لم يكن ليتعدى الأسبوع الأول من كل شهر، لتجد خديجة نفسها مضطرة أمام ثقل متطلبات عائلتها أن تختار وجهة أخرى الشارع .الذي أنهك كل قواها لتعود إلى المعمل من جديد، لكن هذه المرة للتنظيف وبأجر أقل كثيرا عما كان من قبل..

نساء ونساء عبرن مخيلتها في هذا اليوم، لتستفيق على صوت إحدى المتدخلات في تلك الندوة التي كانت تتحدث عن ثقافة النوع، انتبهت إلى وجهها وإلى الوجوه الحاضرة هي نفسها التي تعودت على رؤيتها مناضلات الحركة النسائية لتغادر القاعة..

غادرت لتحاصرها في الشارع أصوات نسائية لكن هذه المرة بوجوه شابة، لم تتعرف عليها لكنها تذكرت بأن اليوم يوم ربيعي لم يعكره سوى مرور سحابة لغيمة سوادء كانت تتحرك بالاتجاه الآخر..

سارت هي بين الاتجاهين، لتتوقف فجأة أمام إعلانات كثيرة تعلن احتفاءا بالمرأة، تمعنت في أحد الإعلانات هاته، مطعم يفتح أبوابه بالليل لساعتين أمام النساء من أجل مساجات ومانيكير وماكياج بأثمان منخفضة وبأبواب مغلقة، لن تفتح إلا عند ساعة متأخرة من الليل أمام الرجال، لتستمر السهرة على إيقاع الموسيقى، عادت نفس النظرة البلهاء لترتسم على محياها لم تستوعب هذه الطريقة الجديدة للاحتفال بنساء بلدها، وهنا فقط، شعرت بشيء من الغبن بل بكثير من الغبن..

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا