انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

ملاعب للقرب، ملاعب للقبر! قبور في النهر…

 

بقلم حميد الجماهري

ستغلق القبور  ويفتح التحقيق ويغلق التحقيق

ويسود صمت القبور

وندرك من بعد أننا نسينا البداهة

نسينا أن الماء يحتفظ بذاكرته

وأن النهر، ليس مثلنا تماما، ينسى أرضه ومجراه..

وربما سنزيد الألم، في مازوشية متوخاة في الأحزان ونطرح السؤال: لماذا لم يهربوا من الفيضانات

لماذا لم يدقوا***** أجسادهم؟

نموت كما يموت آباؤنا:عراة بسطاء

تحت وابل من المطر أو في سيل غائر من الرعود

نموت بين فجاج الجبال ككل الكائنات في العصر الجيولوجي الأول..

ربما..آن الأوان أن نقول لأجدادنا:يا أجدادنا ما زلتم معنا

نتشابه معكم في الميتات المبللة  وفي قبور الماء

وفي الخوف من الطبيعة الأولى ومن السماء إذا تكلمت

ومن صمت السماء الذي يلي العاصفة..

أو ربما يحسن أن نغير التركيب اللغوي ونقول :

كم نحن أكثر جهلا بالوديان من الماء

وقال*** وفاد**** لأشباهنا..

ونحن أضعف من الموت كالعادة

وفي كل الظروف… ولهذا يمزقنا الألم

وربما سنذهب إلى الجنازة الموالية بكثير من الجبر القدري

وبإذعان تام، بأن الأشياء لا بد من أن تكون طبيعية

لأن الماء  ولأن السيول

ولأن الرعود

لا تستشيرنا في السياسة والتخطيط والتراب..

هنا نعطل حتى الغريزة  التي تدفعنا إلى حب البقاء

ولكل ما تعطل في الغريزة لا يمكن أن تحله السياسة وحدها..

والسياسة في البلاد تكون غريزية عندما يكون فيها نفع ومصلحة وموازين شخصية للأقدار، أما عندما تعني الدفاع عن الإنسان باستحضار غريزة الطبيعة، وما لا ينساه النهر

فتلك ليست سياسة موجودة…

ومن الغريب حقا أن الماء

الذي نبحث عنه في أماكن عديدة من البلاد،

بقنديل من العطش

ورهبة من الندرة

هو الماء نفسه الذي يفاجئ شهداءنا في السوس العالمة، البسطاء الذين غدرتهم المياه، ويخطف منا أمواتنا بعد إروائهم.

غريب أيها الماء

في واد قاحل

ومجار قاحلة..

كما لو أن الجلبة والأطفال وأصوات الكرة قد أيقظته من مسائه الأول حيث ينام الغيم  على كرة من سحاب…

سيجف النهر مرة أخرى ولن يبقى من مياهه سوى دمعنا!..

**

نتساءل مرة أخرى: لماذا تكون الفاجعة دوما جماعية، في وفياتنا، كما لو كانت السياسة معنية مباشرة:

في الفيضانات والحريق والتدافع من أجل الإحسان وفي مباريات الأطفال؟ ونتساءل، ما جدوى الوطن

وما جدوى المسؤولية

وما جدوانا كلنا إذا كانت خططنا أقل من ذاكرة الماء

وليست فوق الشبهة تماما؟

ماجدوى أن نتساءل حتى ما جدوى أن نتساءل في الفشل وحده

وفي الموت وحده

وفي الألم وحده

وفي الفضيحة وحدها؟

**

كان الملعب ملعب قرب

صار الملعب ملعب قبر

فلا أحد سيتهم الماء أو العاصفة

لأن الذي رخص والذي وقع  والذي تابع  والذي نفذ، مات جدا

حتى لم يعد لسؤال المسؤولية معنى..

******

ومع ذلك لا بد من أن تكون المحاسبة حتى تكون السياسة ممكنة

ويكون الحزن أيضا ممكنا، بسيطا

وعاديا كما الراحلين.. لا كما تريد لغة البلاغات الرسمية

كما في رواية بغلاف عاد بلاغات “أكدت أنه سيتم إخبار الرأي العام بكل المستجدات المتعلقة بهذا الحادث».

كأن يتم إلقاء القبض على الماء في معطف غيمة

أوفي ينبوع صاف

أو وهو لاه في فرشة باطنية بعيدا عن الدرك..

أو يثبت أن السماء قتلت بالخطأ

بدون عمد أو يثبت العكس

أو أن المسؤولين لم يفعلوا أكثر من تسهيل مهمة الأقدار

وساعدوا الرعد على غيه..

كما لو أن التحقيق سيثبت بأن الذين ماتوا لم يموتوا حقا، أو أنهم كانوا ضروريين كموتى لاكتمال المشهد العاصف ليلة صيف!

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا