صعقة الموت

سلمى مختار أمانة الله
لم يكن مجرد خبر موت عابر، بل كان موتا ساكنا بحلق المرارة والألم…
موت الكاتب والشاعر محسن أخريف، غرق الأزرق في قتامة الفاجعة… توالت صور الفقيد وتوالت معها التعليقات الحزينة لأصدقائه ومعارفه ومحبيه، الكل تحت هول الصدمة.. كان في حاجة لمعانقة الآخرين لتهوينها والتخفيف من ثقلها، صعقة الموت لم تستعر المجاز هذه المرة بل تجلت بكامل عريها، سافرة كحقيقة الموت نفسه… صعقة كهربائية تؤدي بحياة كاتب في عيد الكتاب نتيجة تسرب الأمطار لخيمة الاحتفاء، التي كان يسير فيها المرحوم جلسة أدبية.
*هل توجد قتامة أكثر من هذه لنصف مشهدا ثقافيا موغل في السوداوية؟
*هذا العبث اللامشروط لو طال تنظيم مهرجانا غنائيا يكرس للتفاهة باسم تسويقنا عالميا، كمهرجان موازين مثلا الذي تصرف فيه الملايين بالعملة الصعبة لتأمين سلامة نجومه فقط؟ ما عساه كان سيحدث؟ وكيف ستكون ردود الفعل الرسمية محليا ودوليا؟
لا حاجة للسؤال لرد بعض الأسئلة نمارسها فقط لنتطاول بها على المعنى،، لنقيس قامة هذا الإدراك المتقزم فينا..
*هل نحن الأرخص في سوق لا قيمة فيها للإنسان الحر المتشبت بحقه
في الاختلاف،، حقه في بصم وجوده بما يليق ويتماشى مع قدراته الإبداعية الخلاقة، في تفاعله المضيف لمشهد ينغرس فيه بكل إمكانياته.. حقه في تشكيل رؤية مغايرة لوطن اختلت موازينه..وطن قرر منذ زمن بعيد أن يرسم حدوده الضيقة بمنحى عن مثقفيه الحقيقيين الغيورين..
كاتب مبدع يموت بصعقة إهمال وتسفيه لنشاط ثقافي يجدر به أن يكون قاطرة أساسية في قطار تنمية هذا الوطن..
الغضب والآسى لا يكفيان لوصف ما أشعر به.. أنا التي فرضت علي مؤسسة تعليمية تابعة للبعثة الفرنسية في إطار لقاء مفتوح مع تلاميذها ضرورة تمتعي بتأمين لتغطية مسافة ساعتي اللقاء… استغربت واستنكرت الأمر في الأول لكن وأنا أرى الموت يتسلل هكذا عبر خيوط كهربائية ليقبض على الحياة في أقل من ثانية أفهم الآن سر إلحاح من يقدرون قيمة تلك الحياة.
رحم الله الفقيد وإنا لله وإنا إليه راجعون وحينها سيحاسب كل من بخًس قيمة الإنسان حتى أصبح أرخص من ثمن كفنه..