كيف نرقى بصورة المرأة في الإنتاج الدرامي الوطني؟
سؤال محوري في ندوة لجنة المناصفة بشركةSNRT

لماذا تعيد بعض المسلسلات والأفلام إنتاج القيم التقليدية نفسها الحاطة من قيمة المرأة؟ ولماذا تهمش الأدوار الحيوية التي بدأت تلعبها المرأة في المجتمع؟ وكيف يمكن أن نجعل من الإنتاج الدرامي كفن وكإبداع يخاطب وجدان المتلقي وسيطا غير مباشر لتمرير قيم المناصفة وإعادة تشكيل الوعي المجتمعي؟ ولماذا تغيب في الدراما الصورة الايجابية أو على الأقل الصورة التي تعكس التطور الذي تعرفه وضعية المرأة في بلدنا وحضورها الايجابي في مختلف المجالات؟
هي أسئلة ضمن أخرى طرحتها فاطمة الأفريقي كتوطئة ومدخل لليوم الدراسي الذي نظمته أمس بالرباط، لجنة المناصفة واليقظة التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، حول موضوع “صورة المرأة في الإنتاج الدرامي”، بشراكة مع منظمة اليونيسكو وبتنسيق مع المديرية المركزية للإنتاج والبث، ومديرية التسويق.
اللقاء عرف مشاركة وإشراك العديد من الأسماء الفاعلة في صناعة الإنتاج الدرامي الوطني من مخرجين وكتاب السيناريو وممثلين عن شركات الإنتاج، باعتبارهم صناع الصورة الملهمة والمؤثرة في الوجدان والوعي المجتمعي. وحضرت أيضا “الهاكا” كمؤسسة وطنية أوكل إليها المشرع مهمة مراقبة هذه الصورة ومعاقبة من يسيء إليها.
وتميز هذا اليوم الدراسي، بمساهمة وازنة لكل من الأستاذ والناقد المختص في دلالات الصورة، إدريس قري و زهور كرام الأستاذة الجامعية المختصة في قضايا النوع ووسائل الإعلام الحديثة. فكان لقاءا مثمرا، مستفزا في إشكالاته وأسئلته ومتحول في مقارباته، لكن ثابت في مسألة مبدئية وهي:” إن كان المطلب أو المنطلق من طرح هذا الموضوع هو التحسيس بهذه القضية والتفكير من أجل هدم الصور الجاهزة والمسبقة عن المرأة واستحضار في أي عمل درامي قيم المناصفة والكرامة، فإن ذلك لا يجب أن يمس بحرية الإبداع والتعبير كمنطلق وكمنتهى وكحق مقدس.
في مداخلته، ركز ذ. قري، على سلطة الصورة في عالمنا هذا، وقال إن عالم الصورة لم يعد “قضي وعدي”، كما نفعل نحن اليوم، ولم تبق الصورة مسألة للترفيه ولتسجية الوقت، بل أصبحت آلية للتنمية والعصرنة، ويجب أن ندرك أن من يملك سلطة الصورة اليوم يملك العالم.
ملاحظة لافتة، جاءت في مداخلة ذة. كرام حين أثارت الانتباه إلى أننا وأمام هذه الإشكالية فيما يخص الدراما لم تعد صورة المرأة في تجاذب بين الخيال والواقع، بل هناك بين الخيال والواقع يقيم العالم الافتراضي. مشيرة إلى أن السؤال الذي يجب أن يطرح اليوم هو أي تعاقد مجتمعي نريد في ظل استحضار المفهوم الجديد للذكاء الاصطناعي؟. وقدمت كرام احصاءات مهمة تعكس تأثير العالم الافتراضي على المواطن المغربي، حيث أن 68 في المائة من المغاربة لهم ارتباط بشبكة الأنترنيت ولهم حساب في مواقع التواصل الاجتماعي وبأن 25 في المائة من المغاربة يقضون حوالي 3 ساعات يوميا في تفحص الأنترنيت.، بما تتيحه هذه العميلة وهذه الجغرافية الجديدة من مساحة للحرية للمتصفح. وهنا وقفت الأستاذة زهور على ظاهرة خطيرة أفرزها العالم الافتراضي، وهي ما بات يعرف أو يوصف بالمؤثرين التي ترصدها وتقيمها أرقام المشاهدة. إذ تجاوز المؤثر مفهوم النجم. لكن، وهنا يطرح السؤال الحارق. ما هو مضمون المنتوج الذي يقدمه هؤلاء المؤثرون؟ وتلك قضية أخرى…
النقاش الذي ساد خلال هذا اليوم، استحضر المخاض الذي نعيشه جميعنا من أجل ترسيخ مجتمع ديمقراطي وحداثي، وانطلق من مبدأ حماية حرية المبدع والإبداع المتشبع بقيم المساواة والمواطنة، وانتهى بتقديم مجموعة من التوصيات ندرجها كالتالي:
توصيات اليوم الدراسي حول موضوع:” صورة المرأة في الإنتاج الدرامي”.
– أول توصية هي مأسسة اللقاء وجعله موعدا سنويا للنقاش حول ما تحقق من التوصيات.
– كتاب السيناريو جزء أساسي في عملية الإنتاج.
– احترام الكتابة والنص المقدم من طرف السيناريست وإشراكه في كل المراحل الإنتاجية.
– الاشتغال على نصوص وكتابات كتاب مغاربة أبدعوا في مجال قضايا المرأة.
– الاستفادة من خبرات مثقفين وكتاب سيناريو الذين راكموا تجربة كبيرة في الكتابة.
– دعوة المنتجين إلى التشبع والإطلاع على كل القوانين ودفتر التحملات وميثاق المناصفة. وما هو مسطر بعلاقته مع صورة المرأة.
– ضرورة إيجاد آليات تتبع الإنتاحات من طرف الشركة في كل مراحلها.
– عقد دورات بشراكة مع المركز السينمائي.
– عرض الأعمال التي فازت بالكتابة بتقديمها صورة ايجابية عن المرأة بعيدة عن الصور النمطية الجاهزة وأحكام القيمة.
– اعتبار الاشتغال على قضايا المرأة إبداعا والكتابة حول موضوع المرأة اشتغالا على قضية من قضايا حقوق الإنسان.
– الإقرار بحق المبدع في اختياراته واشتغاله بحرية على كل القضايا، شريطة احترام قيم المواطنة والأخلاقيات المسطرة في ميثاق المناصفة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.
– عدم اعتبار نسب المشاهدة المعيار الوحيد الذي يعتد به بالنسبة لمؤسسة إعلامية عمومية تقدم خدمة عمومية.