انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

الصانعات التقليديات يحتفين بفاطمة المرنيسي بمراكش

شهادات حية سردها رفاقها و أصدقاؤها في لقاء جمعهم ب “دارالمعلمة”

مراكش: رجاء خيرات

 

لحظات استثنائية عاشها أقرباء و رفاق و أصدقاء الباحثة المغربية فاطمة المرنيسي، خلال اللقاء الذي جمعهم مساء أمس السبت المنصرم، لتكريم الراحلة رفقة ثلة من الصانعات التقليديات ب “دار المعلمة ” بمراكش.

اللقاء الذي نظمته شبكة الصانعات التقلديات بالمغرب بتعاون مع وزارة الثقافة و الاتصال وعائلة الراحلة فاطمة المرنيسي، شكل مناسبة لاستحضار محطات من الانخراط الإنساني و الاجتماعي و العلمي الذي طبع مسيرة باحثة من الوزن الثقيل كفاطمة المرنيسي، كما تخلله معرض للزرابي التي تركتها الراحلة (حوالي 200 زربية).

الشهادات الحية سردها بعض ممن جمعتهم ظروف استئنائية بالراحلة، كشفت عن جوانب كانت خفية من شخصية فاطمة المرنيسي، أصدقاؤها و أقرباؤها وكل من رافقها في مسيرة امتدت لأزيد من أربعين سنة وهي تجوب مناطق عديدة من المغرب المنسي، لتأخذ بيد الصانعات التقليديات و تخرجهن من الاستغلال و الاستعباد الذي كن يتعرضن له على يد التجار أو الأزواج، لتكون بذلك سفيرتهن في بقع شاسعة من العالم و تعرف بما تبدعه أناملهن، خاصة في صناعة الزربية المغربية.

شهادات ووفاء..

أصدقاء الراحلة فاطمة المرنيسي و رفاقها حضروا للقاء تكريمها في لحظة وفاء لمسار حافل بالعطاء و التميز..

وقالت فوزية المكناسي رئيسة شبكة الصانعات التقليديات، إنها تعرفت على فاطمة المرنيسي سنة 2008، حين أنشأن دار المعلمة، وظلت علاقتها ممتدة إلى أن وافتها المنية.

كانت الراحلة تعتبر الصنعة بمثابة الكنز الذي تمتله النساء، و أن من واجبها كباحثة أن تعمل على ألا يضيع ويندثر، لأنه يعكس هوية الثقافة المغربية، إذ بدونه تضيع هويتنا.

وتضيف المكناسي” لم يكن هاجسها طبعا هو الجانب الثقافي الهوياتي فحسب، بل انصب اهتمامها على الجانب الاقتصادي كذلك، فالنساء الصانعات يساهمن بقدر كبير في الاقتصاد الوطني، والاهتمام بهذا المجال، يمكنه أن ينعش الاقتصاد الوطني، خاصة مع وجود 3 ملايين صانعة تقلدية بالمغرب.

ويقول فريد المريني محلل نفساني، عمل مع فاطمة المرنيسي في عدد من مشاريعها العلمية، إنه تعرف عليها حين دعاها لحضور مؤتمر علمي حول الطب النفسي، لكنها اعتذرت عن عدم الحضور، لتعاود الاتصال به بعد ذلك، بحكم اهتمامها بالتحليل النفسي في أبحاثها. المفاجأة كانت، يضيف المريني، عندما سألته ” هل كانت أمك تطرز؟ ” حيث استغرب من السؤال وهو الذي كان ينتظر الحديث عن محاور المؤتمر. نعم، يقول المريني، كانت فاطمة المرنيسي تهتم ب “الصنعة ” التي تمتلكها ربات البيوت، وتعتبرها مادة غنية للاشتغال، وكانت تخاف عليها من الاندثار و التلف، ليبدأ الاشتغال مع فريد المريني حول مسألة “نقل الصنعة من الأم لابنتها”.

وبتأثر بالغ تتذكر رفيقة دربها وصديقتها لأزيد من أربعين سنة، الدكتورة حليمة مروان، كيف كانت الراحلة تهتم بالمستضعفين و المظلومين، تناصرهم في قضاياهم. تقول ” أتذكر كيف كنت أرافقها لزيارة المستوصفات و المحاكم وغيرها، وهي تنصت للمهمشين المظلومين..وتواسيهم.

تقول مروان من الصعب اختزال مسار امرأة كفاطمة المرنيسي في بضعة أسطر أو كلمات، لقد كانت تمثل عالما لوحدها، بتعدد معارفها وحرصها على نقل كل ذلك للآخرين دون التقليل من شأنهم، فضلا عن أنها كانت صوت المهمشين و المستضعفين. انخراطها إلى جانب الصانعات التقليديات جعلها سفيرة لهن وللصناعة التقليدية المغربية عبر العالم، إنها صوتهن لكي يستفدن من عائدات بيع الزرابي التي ينسجنها، وقد عملت على تعزيز ثقتهن بأنفسهن ومنحتهن الأمل.

كان  سعد لحلو ابن أخت الراحلة من بين الحاضرين، تحدث عن انخراط العائلة في مشروع الصانعات التقيديات، وكل المشاريع الأخرى التي انخرطت فيها الباحثة. قال سعد:” كنت أرى و أنا صغير كيف كان يتم إشراك كل أفراد العائلة في عمليات تضامنية، من أجل اقتناء منتوجات تقليدية و مساعدة هؤلاء الصانعات، وكان ذلك مبادرة من الراحلة لمساعدتهن في تسويق منتوجهن و إعطائه الإشعاع الذي يستحقه”.

إنشاء مركز تازناخت للزربية

المجهودات التي قامت بها الباحثة فاطمة المرنيسي بزياراتها لمنطقة ” تازناخت” (غرب ورزازات في جنوب المغرب)، و اللقاءات المكثفة التي عقدتها مع الصانعات التقليديات هناك، توجت بزيارة الملك محمد السادس للمنطقة و إنشاء  مركز لصناعة الزربية، وهو ما أعطى للإقليم إشعاعا وطنيا ودوليا.

عن هذه المحطة تقول الناشطة الحقوقية نجية البودالي التي رافقت الراحلة في كل زياراتها ومشروعها للتعريف بمنتوج المنطقة ومساعدة الصانعات على تسويقه عبر العالم:” عندما كانت فاطمة المرنيسي تجوب بعض بقع العالم، اكتشفت أن الزربية التي تنتجها نساء المنطقة تسوق بمبالغ مرتفعة، في حين أنهن لا يجنين إلا مبالغ زهيدة جدا، وهو ما يظهر أنهن كن يتعرضن للاستغلال من طرف تجار الزربية”.

لم تتوان الراحلة في إجبار ضيوفها على اقتناء متنتوجات الصانعات التقليديات، بفتح صالون بيتها لعرض الزرابي و حث الضيوف العابرين إلى اقتناء تلك المنتوجات.

تقول البودالي:” فاطمة المرنيسي كانت ظاهرة إنسانية و علمية من الصعب أن تتكرر”، رافقتها لسنوات عبر دواوير بمنطقة تازناخت و زاكورة، ووقفت على حجم شغفها بالصناعة التقليدية و حرصها الشديد على أن ينتقل هذا الإرث و الكنز الثمين إلى الأجيال اللاحقة. أدركت فاطمة المرنيسي أن الرسوم التي تنسج على الزرابي تغيرت مع مرور الوقت و أصبحت تمثل جيلا آخر منفتحا و أكثر تحررا.

لا يختلف العمل الميداني لدى المرنيسي عن الجانب العلمي و الأكاديمي، فهي توظف كل ذلك لتدونه في كتبها ومؤلفاتها التي تحدثت فيها عن النساء الصانعات.

 

“للا إيجا”ا.. ذاكرة الصانعات

كانت « للا إيجا » أول الصانعات التقليديات بتازناخت اللواتي فتحت بابهن لاستقبال فاطمة المرنيسي, وقد كن يشتغلن في بيوتهن التي لا يغادرنها، حيث يتكلف الزوج بتسويق الزربية، و لا يترك من مبلغ البيع إلا ثمن  شراء المواد الأولية من صوف وغيرها لتبدأ الزوجة في صنع زربية جديدة.

هذا المسلسل الاستعبادي الذي سيثير الباحثة الاجتماعية، جعلها تنخرط في إخراج هؤلاء النساء من قوقعتهن، عبر لفت انتباههن إلا التحف التي يبدعن في صناعتها.

تقول صفية إحدى الصانعات التقليديات بالمنطقة ” يرجع الفضل للأستاذة فاطمة المرنيسي رحمها الله، في التعريف بمنتوجنا، و إنشاء مركز للزربية بالمنطقة”.

وتعد الزربية بتازناخت اليوم، إلى جانب إنتاج الزعفران أهم مورد لعيش السكان، وتلعب فيه المرأة دورا أساسيا، فالمنطقة تزخر بما بناهز 22 ألف نساجة، لكنهن لا يستفدن شيئا.

 

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا