بعد سنوات متتالية تصدرت فيها الإناث رتب التفوق على الذكور في نتائج الباكالوريا الوطنية، كان الاستثناء هذه السنة، بتصدر التلميذ ناصر نايت لائحة أعلى المعدلات المحصل عليها في اختبارات الباكالوريا في المغرب لهذا العام، بحصوله على معدل 19،44. وبجانب ناصر ظهرت نتائج مشرفة جدا لتلميذات يدرسن في المدارس العمومية حصلن على معدلات قربية جدا من المعدل الوطني، حيث احتلت ابتسام لبروفي التي درست هي أيضا العلوم الفيزيائية بالثانوية التأهيلية بآسفي المرتبة الأولى على صعيد الإقليم بمعدل 19،15.
وتربعت الإناث طيلة المواسم الدراسية السابقة على عرش المراتب الأولى، إذ انحسرت المنافسة سنة 2014 بين سارة رضاد و هدى نايبي. وكانت إيناس وإيمان وإلهام نجمات الباك عام 2015. وأميمة قصاب ونهيلة شهبار تفوقن في الموسم الدراسي السابق 2016/2017.
وكانت فتيات مغربيات يقيمن بأوربا تألقن أيضا، حيث حصلت التلميذة الألمانية من أصل مغربي، مريم رادك، على شهادة الباكالوريا بمعدل 20/20. وحطمت فتاة مغربية أخرى مقيمة بفرنسا اسمها مريم بورحايل الرقم القياسي بحصولها على معدل نجاح في الباكالوريا، اعتبر سابقة في هذا البلد، إذ لم يسجل من قبل. مريم سجلت معدل 21 على 20، جعل منها نجمة ساطعة تتنافس على صورها كل وسائل الإعلام الفرنسي وحظيت بدعوة خاصة لحضور احتفالات 14 يوليوز آنذاك، وجرى استقبالها من قبل الرئيس السابق فرانسوا هولند، وكرمت من قبل البرلمان الفرنسي. وكان التشريف الأكبر من المغرب، حيث استدعيت مريم بورحايل من قبل جلالة الملك محمد السادس لحضور احتفالات عيد العرش وتوجت بوسام ملكي مستحق.
لكن، يحق لنا أن نتساءل اليوم، ونحن نحتفي بالمتوجين والمتوجات هذا العام، أين هي مريم وسارة وهدى وأميمة قصاب وشهير نهال وايمان الطويل، واللائحة طويلة لهؤلاء التلميذات المتفوقات اللواتي أثبتن أن تفوق المرأة في المغرب أضحى واقعا لا يمكن إنكاره. أين هن الآن؟
كم هو جميل طعم التفوق والتميز، لكن الأجمل هو طعم الاعتراف والعرفان بهذا التفوق لأبناء هذا الوطن، ذكورا وإناثا. هل حظيت هذه الكفاءات الفتية بالاحتضان المفترض من قبل الجهات المسؤولة؟ هل تم احتواء هذه الطاقات الناشئة والتكفل بها؟ وهل للدولة استرتيجية وطنية للاستثمار في الموارد البشرية وبناء المهارات وتطويرها؟ أم أنها تتركهم لمصير مبهم مفتوح على كل الاحتمالات؟.
لن نضيف جديدا حين نذكر بأن التقارير الدولية لا زالت تظهر المغرب في رتبة متأخرة على مستوى مؤشر الرأسمال البشري، معتمدة في إعداد هذا التنقيط على عنصر الاستثمار في النظام التعليمي أولا. وهو أمر لا يعرف للسف أي تطور يذكر. والمؤسف أكثر أن لا تستفيد بلدنا من الاستثمار في هذه “الفلتات” التي تتحدى ضعف منظومتنا التربوية والتعليمية، وتنجح في تجاوز جميع العقبات والمعوقات وتحقق التفوق والتميز.
برافو سارة وبرافو ناصر وشكرا لكل هؤلاء المتفوقين والمتفوقات وهنيئا لكل الناجحات والناجحين وأملنا أن تواصلوا مسيرتكم الدراسية بالحماس والإصرار نفسه.