
مقاربة نقدية في رواية (أوسكار) محمود عبد الغني
قطعت الرواية المغربية أشواطا في ترسيخ مكانتها بين الأجناس الأدبية الأخرى، حيث أصبحت تعبر عن رفضها للقوالب الجاهزة والمستهلكة. والحقيقة أنها باتت تعرب عن قلقها الشكلي والمضموني من خلال التجديد الذي تخضع له على يد كتابها. هؤلاء الذين لا يفتؤون يلزمون مسارا معينا حتى يغيروه بحثا عن غيره. إن هذا التنوع والتباين بين النصوص لدى الكاتب الواحد أو بين كاتب وآخر جعل تنميطها بالأمر العسير على المتلقي. إذ أن هاجس التميز والتفرد أضحى ميسم الكتاب. ثم إنه دفع بهم إلى إيجاد مقاييس جديدة ترتبط بالتغيير في محاولة لكسر النماذج الكلاسيكية، والبحث عن لغة جديدة تمتح من مرجعيات فكرية وثقافية وفنية لابتكار نص روائي يجمع بين الواقعي والمتخيل، ويربط جسر التواصل مع المتلقي. ولعل من الأسماء التي راهنت على هذا الجنس الأدبي ولم ترض بديلا عنه الروائي محمود عبد الغني الذي تبنت رواياته تنويعات سردية ولغة حبلى بالدلالات، وقد جاءت روايته أوسكار لتعزز الإنتاج الإبداعي الذي عودنا عليه، حيث نقل إلى المتلقي أجواء محكيه بلغة سلسة واضحة لا تخلو من الشاعرية، من قبيل : ( حين تعمل الذاكرة تتقد اللغة / الحياة خدعة فرضت علينا / الرائحة نداء تجعل الجسد يتذكر أنه جسد/ إذا تجمع المال في يد واحدة تصبح له رائحة كريهة/ السماء ليست فارغة بل الله يملأها / الماء الغزير في الخارج كأن السماء لفظته دفعة واحدة/ الذاكرة هي ثلاجة الذكريات والكراسة هي ثلاجة الأفكار…)، وتحيل ضمنيا على امتلاكه لمهارات عالية في حصر عوالمه،
لقد اشتغلت الرواية على حيز جغرافي جمع بين المغرب حيث منير والحلم الكبير بفيلم يشارك به في أكبر جائزة عالمية للسينما، وبين فرنسا حيث تتواجد ربيعة والذكريات، ربيعة التي جسدت بدورها في الرواية مستويات التعبير عن هذا الحلم، إذ نجد الحوارات تكتسي صدقها في ارتباطها بالعلاقة الحميمية من قبيل الحب والأمومة والأخوة.
يثبت البناء العام في تجربة محمود عبد الغني أن الكتابة هي مشروع مفتوح لنشر غسيل الذات والآخر في علاقتهما الجدلية بمحيطهما المجتمعي، وكشف ما اعتراه من تفسخ للقيم. فالحكي شكل في رواية أوسكار تفصيلا ملفتا لوقائع وأحداث عاشها البطل، وهنا لا بد أن أشير إلى الطابع التسجيلي للكتابة الروائية عند محمود عبد الغني، ونحن لا نقصد بها ما هو تاريخي تقريري بقدر ما نشير إلى رغبته في إثبات طريقته وقناعته في فهم الوقائع، إذ تمكن في إطار عملية فكرية هجينة أن يحول الوقائع التاريخية إلى فن والفن إلى تاريخ. هذه الكتابة التي تتأسس على استراتيجية الخطاب الجمعي والتحولات التي تحكم فئة من المجتمع تتلخص في شخصيات الرواية ( منير بطل الرواية ، ربيعة، بهيجة، صفاء، الطبيب عبد الواحد، الحاجة رقية، حسن، حسناء، سالم، رشيد، سعيد الرسام، وناقد الفن ثم الطائر أوسكار)، وقد حاول محمود عبد الغني أن يغوص في أعماقها ليفجر آمالها و آلامها وأحلامها وإخفاقاتها في بوح سردي كاشف. كما يتبين أيضا أن السارد عايش شخصياته، وسعى إلى تمثل تمظهرها العام ورؤيتها للعالم. إن فضولنا لمقاربة تجربة محمود عبد الغني دفعنا إلى مساءلة العتبات النصية في رواية أوسكار لسنيا وسيميائيا في علاقتها الجدلية مع باقي المكونات الأخرى أملا في الوصول إلى نقطة الإلتقاء بين التجربة الروائية والعتبة، إذ كيف يساهم الخطاب المقدماتي في بناء دلالة النص؟
لقد أضحت العتبات النص مهمة في الرواية الحديثة، بل أصبحت تعد جزءا من بنيتها، ولا يمكن الاستغناء عنها، إذ ترتبط بعوالمها الداخلية، وتساهم في تأسيس بنيتها الدلالية، “ولعل ولوج النص قد يكون مشروطا بالمرور عليها، لكي يستدل بها في رحلة القارئ عبر المتن الحكائي، عن طريق المعايشة العميقة لهذه العتبات، والتي تتمظهر في العناوين، المقدمات، الذيول، الملاحق، كلمات الناشر، دور النشر، والكلمات الموجودة على الغلاف، إلى جانب الهوامش والشروح والتعليقات”.[1]
أولا – لوحة الغلاف:
يعد الغلاف أول العتبات التي تطالعنا، وتشد القارئ وتستفزه عن طريق لغة العين التي تفرض عليه ضرورة التسلح بآليات التأويل التي تضمن له عملية الموازاة بين ما هو كاليغرافي وبين ما هو تشكيلي وبين العمل الأدبي، فالغلاف يتخذ أهميته انطلاقا من المؤشرات المصاحبة له، وبالتالي نستشعر ذلك التعاقد بين الدال والمدلول الذي جاء به دي سوسير، حيث نجد هناك نوعا من التآلف بين اللوحة كأيقونة وكدال بصري يحيل على الكثير من الإيحاءات السيميائية والتأويلات المتعددة لقراءته، وبين العنوان كمقولة كليغرافية لسنية. وبتأملنا للوحة غلاف رواية “أوسكار” نلفيها ذات طابع تجريدي، إذ هي عبارة عن هيئة رجل يدير ظهره للمشاهد، وهو مغادر للمكان الذي يتواجد فيه. هذا الأخير اختفت كل ملامحه التفصيلية وهو ما يثير لدينا نوعا من الغموض، غير أن حدوده تظل واضحة، ويعكس ظله الحالة ذاتها، هذا الظل الذي يشبه الرؤيا في مقابل اليقظة، إذ لا بدن له يستقل به، ولا طبيعة يتحيز فيها. فالظل هنا هو لحظة انفصالية عن الجسد الذي يمثله. ولحظة الانفصال هذه لحظة ايجاد وحدوث، لحظة وجودية مرتبطة بالظهور والانكشاف، تجعل الشيء الظل المنفصل مرئيا مشهودا على حد تعبير ابن عربي حيث ارتباطه بالمصدر العلوي الذي عنه يحدث الفيض والظهور في صور محسوسة ، وهو ايضا ما يجعنا نتأكد من أننا أمام خفـاء ظاهـر بجلاء للعين يفتح الأفق لخيالات المتلقي. وبالتالي يمكن القول أن الظل هنا يحيل على أحلام السارد وأفكاره ودواخله التي ماتزال صامدة، إذ تشغل مساحة أكبر على ظهر الغلاف. نلحظ أن الظل وصاحبه يسبحان في لونين مختلفتين، علما أن اللون بدوره يشكل علامة بصرية ذات أبعاد دلالية ورمزية، تساهم في تكثيف دلالة النص عبر ما تثيره في نفسية المتلقي. فعلى الواجهة الأمامية للرواية نجد الرجل وظله يسبحان في اللون الأزرق الذي يحيل على ثنائية ضدية تجمع بين الثقة، والذكاء، والسلطة، وبين السلام، والصفاء الروحي والشعور بالحرية أكثر، إنه لون يعزز التعبير عن الذات، وهو ما حاولت الشخصية البطل في الرواية القيام به رغم الضياع الذي اعتراها طيلة الرواية. في حين نجدهما يسبحان في اللون الرمادي على الواجهة الخلفية، وهو لون محايد، وساكن يبعث على الإحساس بالهدوء. وربما اختاره الكاتب في إشارة الى الإحساس بالإحباط والوحدة والعزلة الذي اكتنف في كثير من صفحات الرواية حلم البطل الذي هو الأوسكار. مع فتح الغلاف من الجهة الأمامية يطالعا اللون الأخضر الداكن الذي يجمع بين التفاؤل وصفاء الذهن وبين الهدوء العاطفي والأمل وربما استعمله الكاتب للدلالة على التوازن الذي ينشده بين اللونين الأزرق والرمادي، فالأخضر هو لون تجديد الطاقة المستنفذة، والملاذ البعيد عن الضغوطات الناجمة عن إكراهات العصر، في حين يستقبلنا اللون الأحمر الداكن المشوب بالسواد مع نهاية الرواية أي على الجانب الداخلي للغلاف من الواجهة الخلفية وتتوسطه صورة الكاتب محمود عبد الغني. هذا اللون يتميز بإثارة الحواس وقد تم توظيفه من أجل لفت الانتباه في إشارة إلى الجسد ومعتقداته حيث الحاجة الماسة إلى الإحساس بالانتماء، ذلك أن الكاتب في استعراضه لأحداث الرواية كان يبحث عن الأفكار والأوصاف الضرورية ويروم البدء بالشراع المنفتخ لمنير وسط العاصفة[2]“. بملاحظتنا الدقيقة لألوان الغلاف نجد اللون الأبيض مشتركا بينها إذ استعمل للكتابة سواء ما جاء منها بخط مضغوط كالعنوان (أوسكار) واسم الكاتب ( محمود عبد العني)، أو ما جاء بخط عادي وهو جنس النص (رواية)، ودار النشر (المتوسط مرفق بالرمز)، ومقطع مقتطف من الكتاب، وملخص لمضمون الرواية، زيادة على سيرة الكاتب وإصداراته، وقد بدا واضحا وساطعا، وله قدرته على كسر قوة باقي الألوان، ويرمز في العمق إلى الصفاء كما يبعث على الراحة إذا وقعت عليه العين. كل هذه الألوان الحبلى بالدلالات الإيحائية تجعل العتبات تنفتح على التأمل اللامحدود وتتيح الغرق في عمق الخبايا. ولعل توظيف الكاتب لهذا المزيج منها، وبهذا الشكل كان لفتح شهيّة القارئ وتحفيزه على استكناه دواخل الرواية.
ثانيا- العنونة:
لقد رأى عدد من الباحثين أن العنوان مسندا إليه عاما، وباقي المكونات النصية فروعا معززة ومسندات له[3]. في حين اعتبره الأخرون نصا موازيا (paratexte) يندرج ضمن النص المحيط[4]. وذلك لتأثيره البصري، ولأنه علامة الكتاب التي تحتل أبرز مكان على الغلاف، والذي ينبغي أن يتصف بالوضوح والبساطة من حيث يلتقطه المتلقي ويستوعبه عقله بسرعة [5]. لذلك فهو أهم العتبات التي تسمح بالولوج إلى أعماق النص. وبتأمل عنوان الرواية “أوسكار” نجده عبارة عن مقولة مفردة، تستضمر كائنا لغويا يكمل جانبها اللسني والدلالي، فهي العنصر الأول في تركيبة جملة اسمية مكونة من مبتدأ وخبر، وبالتالي فهي مبتدأ لخبر مستتر جوازا يمكن تقديره. وكونها عنصر ابتداء في جمل اسمية، فهذا يوحي بثبات حال معين، اما من حيث التعريف، فالعنوان يشكل بؤرة دلالية، والمتمعن فيه إذا ما قارنه بالمحتوى المسرود، سيلفي الخيط الذي يحبكه، إذ يمتلك سلطة نصية تجعل منه نواة دلالية رمزية، فهو معبر إلى بناء تمثل مغاير، حيث نجد السارد لا يتواني عن ذكره عبر المتن الروائي من خلال طائر منير، يقول: … يبقى مستمتعا تحت الماء الساخن وهو يصرخ : أوسكار.. أوسكار.. أوسكار..[6]. ويذكر أن ربيعة رشحت اسم أوسكار، حتى يبقى منير متذكرا طموحه الخالد بالفوز بالجائزة السينمائية العظيمة[7]. فالعنوان إذن يحمل بين ثناياه بعدا تأويليا لأنه يبرز رمزية الطائر التي تدل على الحلم، فالطائر “أوسكار” يظهر هنا كرمز لرؤيا الراوي محمود عبد الغني من جهة، ولرؤيا البطل منير من جهة ثانية، وكأن هذا الأخير أطلق عليه هذا الاسم “أوسكار” لا ليدعوه به، إنما ليذكره بحلم الجائزة “جائزة الأوسكار”، يقول: (فبدون هذا الطائر السريع الملل، الكثير الريش، الطويل الصبر، والجميل الألوان والغناء ما كان لمنير أن يعرف من يكون. دائما يقارن نفسه به.. وبذلك احتل موقعا لنفسه في وجود منير)[8] ، إذن فتبادل الحوارات التي تطالعا في الرواية بين منير والطائر، ومناداته باسم “أوسكار” فكأنه يستدعي حلمه بالحصول على جائزة الأوسكار العالمية. بل الأكثر من ذلك فعندما يستعرض الكاتب في ثنايا الرواية الوعكات الصحية التي تصيب هذا الطائر بين الفينة والأخرى، إنما يستحضر الانكسارات التي تعترض حلمه المتأرجح بين الخوف من الإخفاق الناتج عن إكراهات الواقع، وبين الرغبة الجامحة في تجاوز القيود من أجل تحقيقه، يقول وهو يخاطب ربيعة : (لا يجب أن أتأخر عن أوسكار، إنه الآن طائر جائع، هذا إذا كان حيا. إن حالته الآن تثير الرثاء وأنا أشعر بنفسي مرهقا جدا، اسرعي من فضلك)[9] . هذا الطائر الذي أطلقت عليه شخصية بهيجة اسم “بوذا” مبررة ذلك في كون البوذية تطرح كأولوية قوة الإنسان الداخلية التي لا مثيل لها[10] . لقد أثار الروائي محمود عبد الغني من وراء الدلالات الرمزية للعنوان “أوسكار” جملة من الأحداث في إشارات نقدية لاذعة حيث الاشتغال بالهوامش بعيدا عن مساءلة الواقع.
ثالثا- التعيين الجنسي:
تشكل العتبات النصية جسر التواصل بين محتوى الكتاب و المتلقي. ومن ثمة، فهي بالإضافة إلى كونها مواقع نصية انتقالية، فهي مواقع تعاقدية[11] لأنها توجد على صدر الغلاف، وموجهة مباشرة إلى جميع القراء، مما يولد تباينا في مستوى التلقي. ومن هذه العتبات، اعلان الكاتب محمود عبد الغني عن جنس عمله الذي يرد هنا في “أوسكار” أعلى الغلاف، حيث يصرح أنه (رواية) وبالتالي يسهل على القارئ عملية بناء استراتيجياته، واختيار آلياته التي يجب أن يتسلح بها من أجل تشريح جسد المحكي. وأعتقد أن اختيار الكاتب لهذا التجنيس كان عن وعي مسبق، لأنه أدرك أنه وفي لمعاييره ومقاييسه، ولأن فن الرواية من أكثر الفنون قدرة على التمرد والتعبير بجسارة عن نتوءات الذات الإنسانية، وعلى استيعاب البنيات الثقافية والاجتماعية والذهنية للإنسان، كما أنه يشكل بؤرة التصدع في المجتمع، والقادر على احتواء الهم الإنساني في عموميته وشموليته.
رابعا- العنوان الإشهاري:
يتجاوز هذا الأخير الجانب الفني والدلالي للنص إلى ما هو إشهاري تجاري، ويتبين الغنى الإشهاري لرواية أوسكار، والذي يتجلى في سنة الإصدار 2018، وعدد الطبعات وهي الأولى، ومكان إصدار المنتوج وهو (ميلانو إيطاليا)، والمطبعة التي سهرت على طبع الرواية ونشرها وتوزيعها (منشورات المتوسط) وهي دار نشر مستقلة وذائعة الصيت، وتنشط في البلدان العربية، وتنشر الكتب في مجالات الأدب والفكر والثقافة عامة، بما يخدم كل ما يؤدي الى تحقيق تغيير جذري، ويشاكس كل ما هو سائد ومستقر، ويعكس ذلك شعارها المتمثل في الشخصية الشهيرة لميغيل دي ثيربانتس سابيدرا وهي “دون كي خوتي ديلامانثا” ومقولة “معا لنصارع طواحين الهواء” وهو ما يتوافق مع مطمح الكاتب الذي يسعى بسرده إلى أن يرفع صوته عاليا أن الأوسكار منتهى الأحلام.
خامسا – التصدير:
تظل العتبات ملحقات تحيط بالنص حيث تنتج خطابا ميتاروائيا عن طريق النص الإبداعي. ومهما ادعت استقلاليتها عنه إلا أنها تبقى مرتبطة به. لذلك وجدنا أنفسنا ونحن نقلب صفحات رواية (أوسكار) أمام عتبات تصديرية، ولأن هذه الأخيرة تتعدد وظائفها بين وظيفة تداولية واضعة لطريقة تسنن بها القراءة الواقعة في قلب الحوار الناشئ بين النص والحكمة التي رجع إليها الكاتب[12]، وبين وظيفة توجيهية، تهدف إلى إبراز استراتيجيات الاستقبال لدى المتلقي وتحديد مسارات التلقي لديه، ويرى جيرار جينيت بأن هذه الأخيرة عبارة عن (اقتباس يتموضع عامة على رأس الكتاب أو في جزء منه… يأتي بها الكاتب ليس فقط لما تقوله، لكن ـ أيضاً ـ من أجل قائلها[13]). من هذا المنطلق ألفينا محمود عبد الغني وظف نصوصا موازية وهو ما يصطلح عليه بالتناص، وهي عبارة عن أقوال لعدد من الكتاب جاءت موثقة في الصفحتين 9 و10 ، أظف بداية كل جزء من الرواية دون أن يذكر مصدرها. وتعود جميعها لكتاب أجانب، امثال: (فلّيني/ توف جانسون/ وليام بليك/ فلوبير/ راشيل كوسك/ جان جاك روسو/ جويس كارول/ بول أوستر/ هيرمان هسة…) ، وهو ما يدل على موسوعية ثقافته، زيادة على استعراض عناوين لكتب غربية ككتاب اعترافات لجان جاك روسو أو أفريقية ككتاب الشمس الحادة وكتاب الصوت[14] وقد وظفها توظيفا يخدم السرد وبناءه، وإن كنت قد آخذت عليه التغييب الكلي والتام للرواية والروائيين المغاربة عدا إشارة باهتة للكاتب عبد الله الطائع – وردت في ثنايا الرواية- حيث سكت عن ذكر الاسم كله واكتفى بذكر جزء منه (عبد الله) ، ولا ندري سبب هذا التغييب الكلي؟ لكن هذا لا يمنعنا من أن نقر أن هذه العتبات ساهمت في تشكيل مسار التأويل، وبناء صرح الدلالة الأولية، وتأثيث القراءة الافتراضية وتوجيهها.
خلاصة القول، لم يكتب لنا محمود عبد الغني باعتباره روائيا جديدا رواية وفق منظور فطري عفوي وتلقائي، إنما كان يكتب بوعي وفق منهجية صارمة تعتمد من جهة على خبرته الحياتية ومن جهة أخرى على معرفته بالبنيات السردية التي اطلع عليها أو راكمها عبر تتبعه لتطور السرديات وأدواتها. .
[1] سعيد يقطن. تحليل الخطاب الروائي، من السرد إلى اليبئير – مركز الثقافي العربي، بيروت، الدار البيضاء، ط2، 2001، ص114.
[2] أوسكار، محمود عبد الغني ، الطبعة الأولى ، 2018 ، مشورات المتوسط، ص. 101
[3] روبرت شولز، سيمياء الص الشعري (اللغة والخطاب الأدبي )، ترجمة سعيد الغامي المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء ط. 1، 1993، ص.161
[4] Gérard genette, seui ed seuil. coll. poétique , 1987 , p.7
[5] مها الشيخلي. دراسة تحليلية لتصميم أغلفة مجلات الأطفال في العراق. بغداد. 1987. ص 27.
[6] أوسكار، محمود عبد الغني ، الطبعة الأولى ، 2018 ، مشورات المتوسط، ص.64
[7] أوسكار، محمود عبد الغني ، الطبعة الأولى ، 2018 ، مشورات المتوسط، ص. 102
[8] أوسكار، محمود عبد الغني ، الطبعة الأولى ، 2018 ، مشورات المتوسط، ص. 101
[9] أوسكار، محمود عبد الغني ، الطبعة الأولى ، 2018 ، مشورات المتوسط، ص. 195
[10] أوسكار، محمود عبد الغني ، الطبعة الأولى ، 2018 ، مشورات المتوسط، ص. 105
[11] – Gerard ,Genette , seuils. op .cit p: 8
[12] حسن محمد حماد، تداخل الأنواع في النصوص العربية،ط1، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1997، الصفحة: 156
[13] بلعابد عبد الحق، عتبات، جيرار جينيت من النص إلي المناص، ط1، الدار العربية للعلوم ناشرون 2008 ، الصفحة:134
[14] أوسكار، محمود عبد الغني ، الطبعة الأولى ، 2018 ، مشورات المتوسط، ص111