اخبار بسمةالسلايدر

معتقلو تازمامارت يهاجمون فيلم عز العرب العلوي ” كيليكيس – دوار البوم”

عزيزة حلاق

في الوقت الذي حظي فيه فيلم ” كيليكيس- دوار البوم” للمخرج عز العرب العلوي، بتنويه كل من حضر وشاهد هذا العمل السينمائي الذي نقل برؤية سينمائية جديدة وذكية، حقبة سوداء من تاريخ المغرب، خرجت أصوات تهاجم الفيلم وحولت المخرج من مبدع يصفق له، إلى متهم يرافع من أجل تبرئة ذمته. .إذ كيف يهاجم الفيلم من قبل من كانت قضيتهم هي الأصل في هذا العمل السينمائي؟

أول المهاجمين كان السيد أحمد المرزوقي أحد الناجين من جحيم تازمامارت، الذي اعتبر في حديث صحفي، أن الفيلم قفز عن معاناة المعتقلين، وهذه قراءة تبدو سطحية ومتسرعة خاصة وأنه لم يشاهد الفيلم، ليفهم كما يوضح ذلك المخرج في تدوينة نشرها على حائطه بالفيسبوك، بأن الأمر مرتبط باختياره مقاربة هذا الموضوع من زاوية مغايرة، عايشها وخبر بعض خباياها وهي حياة الحراس الخارجية وعلاقتهم الاجتماعية والنفسية. . وهي مقاربة جديدة يضيف عز العرب موجها كلامه للسي المرزوقي، تهدف استخدام البعد السيميولوجي في التناول. وبالتالي عدم ظهور وجوه المعتقلين في الفيلم، كان مقصودا وليس قفزا …

لقد كان المكان/ القلعة/ المعتقل الرهيب/ هو البطل الحقيقي لفيلم “دوار البوم”، والمعاناة يتقاسمها من يعيش داخله وفي محيطه. وأعتقد أن المخرج توفق من خلال الصورة وإشارات غير مباشرة، في إيصال رسائل قوية كشفت عن مدى فظاعة ما تعرض له المعتقلون الغائب/ الحاضر في الحبكة الدرامية لهذا الفيلم. فكانت قوة الحضور في عدم الظهور، وهذا أقوى وأبلغ من الأسلوب الكلاسيكي الذي يعتمد الأسلوب المباشر في التبليغ.

المعتقل السابق السيد مصطفى المنوزي، هاجم هو أيضا الفيلم، واتهم المخرج بأنه انتصر للجلاد على حساب الضحية، وقزم من معاناة المعتقلين خلال سنوات الجمر، وهو ما أجبر هذا الأخير للرد من جديد موجها رسالة مفتوحة للسيد المنوزي، يقول فيها:” ياسيدي هل سبق لكم مشاهدة الفيلم؟ هل سبق لكم حتى الاضطلاع على الملخص (سينوبسيس الفيلم )؟.. لا أظن أنكم فعلتم.. بل أطلقتم سهامكم نحوي كأنني اقترفت جريمة في حقكم. ياسيدي أنا أتحدث في الفيلم عن المعاناة النفسية للحراس خارج المعتقل الشيء الذي لا علم لكم به.

أحيطكم علما إنني لم اقرأ يوما كتابا ولا رواية عن تازمامارت، غير مقال واحد وجدته بعد انجاز السيناريو ويتحدث عن تشكيل لغة سرية للتداول بين المعتقلين ومن بينها كلمة كيكلكيس وهي التي حورتها إلى كلمة كيليكيس واستعملتها في عنوان الفيلم. لم أكن أريد أن أتأثر بما كتبتم لأن ما اختزنته ذاكرتي وأنا طفل، لحراس المعتقل وما تسرب من أفواههم ونحن صغار نلعب مع أطفالهم هناك في المغرب غير النافع، كان كافيا بالنسبة لي لكي أنجز سيناريو من وجهة نظري الخاصة عن الموضوع. ياسيدي لقد جربتم مرارة الظلم والتجني فلا تظلموا .. وجربتم التجني فلا تفعلوه وهي دعوة مفتوحة لكم لمشاهدة الفيلم في الرباط أو في طنجة وبعدها نتحاور ..

هجوم المرزوقي والمانوزي على فيلم “دوار البوم” كان مفاجئا وصادما بالنسبة للكثيرين، وخلق نقاشا بين رواد الفايسبوك، إذ رأوا في الأمر هجوما غير مبرر، خاصة من قبل معتقلين سابقين، وجاء في إحدى التدوينات، لقد هاجموا الفيلم، لأنهم ببساطة لم يستسيغوا الفكرة وبعيدين عن الرؤية الفنية ولا يؤمنون إلا بالرؤية البسيطة المباشرة ( الكلاسيكية ) بعيدا عن التعمق والخلفيات والرمز.. لم يفهموا أن معاناة الحراس هي جانب تجعل المتلقي يفكر في الأسوأ بالنسبة للسجين..

وذهب آخر إلى التعليق على أنه خوف مبرر ومشروع أكثر منه هجوم على الفيلم، شبيه بمرافعات الدفاع عن مكتسبات…فيما اعتبرت تدوينة أخرى أنه لو شاهد السيد المرزوقي الفيلم وتمعن فيه سيجد أنه أنصف المعتقلين قبل الحراس وما تفاعل الذين شاهدوا الفيلم بكل جوارحهم حتى أن أغلبهم أذرفوا الدموع، إلا دليل على ذلك .. الفيلم وضع اليد على جرح من نوع آخر لكنه لا يخرج من دائرة المعتقل لأن حراس السجن والعائلات التي كانت تعيش في تلك القلعة هم أيضا كانوا معتقلين. هي قراءة من زاوية مغايرة تضيف تدوينة أخرى، فتلك الفترة بكل تمزقاتها وإسقاطاتها بحاجة إلى أكثر من قراءة.. هناك القصة الحقيقية وهناك المتخيل في السينما و”دوار البوم” استطاع أن يمزج بينهما عبر حكي سينمائي جد ذكي لم نر من هم بالداخل.. لكن من هم بالخارج استطاعوا أن يجعلونا نعرف من هم هناك ومن يعرف حيثيات كل تلك الفترة وذلك المكان أكيد تذكر وجوها وأسماء وهو يشاهد الفيلم.

وجاء في تعليق آخر، المرزوقي يتحدث كأحد المعتقلين لازال يرى ماضيه من جرحه. وعز العرب العلوي مخرج له وجهة نظر فيما ما هو مكتوب وفيما ما هو تقني مهني فني. وحتى لو تم إعداد أفلام كثيرة بخصوص الاعتقالات والتعذيب ستكون لكل واحد من المخرجين رؤيته وطريقة اشتغاله سينمائيا.

أما الممثل حسن بديدا الذي جسد دور واحد من حراس المعتقل فعلق على الهجوم الذي استهدف فيلم “دوار البوم”، بجملة مقتضبة لخصها في عبارة ” خليونا ساكتين”.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى