كشفت دراسة حديثة عن معطيات مثيرة بشأن الفجوة في الأجور بين الجنسين في المغرب، إذ يبلغ متوسط الفارق حوالي 23%، ما يعني أن المرأة المغربية تعمل فعلياً ما يعادل ثلاثة أشهر في السنة دون مقابل مقارنة بزميلها الرجل.وتزداد الهوة اتساعاً في القطاع الخاص لتصل إلى 42.8%، في مؤشر على عمق التمييز القائم داخل سوق الشغل.
الدراسة التي أعدّتها الباحثة المغربية مارية شرف في غشت الجاري 2025 ، جاءت في إطار إعداد دليل عملي مبسط موجَّه لأرباب العمل، والعمال والعاملات، والنقابات، والإدارات، يهدف إلى تشخيص واقع الفجوة داخل المقاولات، ووضع آليات لتدارك الفوارق القائمة، إلى جانب مكافحة التحرش في أماكن العمل.
وإذا كانت هذه الأرقام حديثة، فإنها تعكس واقعاً ظل قائماً منذ سنوات. فوفقاً لإحصائيات المندوبية السامية للتخطيط (2019)، بلغ متوسط الأجر الشهري في القطاع الخاص 3.360 درهماً للرجال مقابل 2.800 درهم للنساء. وتوضح الباحثة مارية شرف أن نصف النساء العاملات تقريباً لا يتجاوز راتبهن 2.800 درهم شهرياً، وأن هذه الفوارق تتسع مع التقدم في العمر وتقلّد المناصب العليا، لتصل إلى 38% بين الأطر العليا و30% بين العمال غير الفلاحيين. وحتى في القطاع العام، حيث الأجور أكثر استقراراً، يظل هناك فارق بنسبة 2,4%.
ويؤكد التقرير أن استمرار هذه الاختلالات ليس مجرد مسألة تقنية متعلقة بتوزيع المناصب أو القطاعات، بل هو انعكاس لتمييز بنيوي يطال النساء في الولوج إلى سوق الشغل، والترقي، والاستفادة من الحماية الاجتماعية.
التقرير نبه في الأخير، أن بلوغ هدف تقليص الفجوة بين النساء والرجال لا يعتبر فقط مطلبا حقوقيا فحسب، وإنما هو رهان اقتصادي واجتماعي في المقام الأول، موضحا أن البنك الدولي سبق أن أكد أن رفع معدل تشغيل النساء إلى مستوى تشغيل الرجال يمكن أن يرفع الناتج الداخلي الخام للفرد بنسبة تصل إلى 40 بالمئة. كما أكدت الباحثة أن “المساواة لا تتحقق إلا بخطوات عملية تبدأ بالتشخيص الدقيق، ثم وضع خطة واضحة، وتتبع شفاف وعلني للنتائج”، مطالبة جميع المؤسسات المغربية إلى الانخراط في هذا المسار من أجل كسر الحواجز وتحقيق العدالة المهنية.
