انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

محمد فكري:الطاقة النضالية الصامتة

حب الحرية عند محمد فكري منغرس في كيانه ووجدانه

تكريم اتحاد العمل النسائي للمناضل محمد فكري:

تكريم مفعم بالاعتراف والتقدير لشخص المناضل العتيد والناشط الحقوقي  والسياسي، الكاتب محمد فكري، نظمه اتحاد العمل النسائي، فرع مراكش، في إطار مواكبة الاتحاد للأيام الأممية لمناهضة العنف ضد النساء.

تكريم لكاتب وكتاب:

حفل التكريم كان أيضًا احتفاءً بإصداره الأخير، “أمهات وأصفاد”, الذي يعتبر وثيقة لحفظ ذاكرة النساء اللواتي تجرعن مرارة اعتقال أبنائهن وبناتهن، خلال رحلة البحث وتقصي أخبارهم، في فترة سوداء من تاريخ المغرب، عُرفت بسنوات الجمر والرصاص.

محمد فكري: المناضل الزاهد بصمتٍ يليق بحياته

منذ شبابه، اختار محمد فكري دربًا وعِرًا، مدفوعًا بوجدان لا يُهادن الظلم ولا يقبل المساومة. خبر الاعتقال وبرودة زنازينه (قضى 10 سنوات في السجن)، ولم يساوم يومًا مبادئه وقناعاته. كان السجن بالنسبة له مدرسة أخرى، تعلم فيها الصمت الكثيف الذي ينطق بالحكمة، وتأمل في جدرانه القاسية كيف يمكن للأمل أن يزهر حتى في أصعب الظروف.

أصبح الصمت ملازما له، ينصت كثيرًا ويتكلم قليلاً. إنسان متواضع كتوم، تبنى الزهد كفلسفة حياة. رفض المكاسب الشخصية، وابتعد عن الأضواء، مفضلًا العيش في بساطة تذكره بمعاناة من ناضل لأجلهم. لا يملك من الدنيا إلا القليل، لكن قلوب من عرفوه امتلأت حبًا واحترامًا له.

في أحاديثه القليلة، تنطق الحكمة ويكون صوته الهادئ أقوى من أي صخب. كل من يذكره يذكر طينة هذه الشخصية التي أقول عنها دائمًا إنها انقرضت أو في طريق الانقراض. صديق صدوق. هو شخصية نادرة الوجود في هذا الزمن، شخص زاهد لا يبحث عن متاع الدنيا، ولكنه يجد سعادته في البساطة والصداقة والصدق. هو صديق صدوق يثبت وجوده وقت الشدة، حيث تظهر المعادن الحقيقية للناس. يجمع بين القوة في النضال والحكمة في القول والكتابة، وبين الإخلاص في الصداقة والوقوف بجانب الآخرين في الأوقات الصعبة.

محمد فكري،ذاكرة حية، له قدرة على التذكر و التدوين. استطاع أن يوثق لمراحل من تاريخ اليسار، دونها في مؤلفاته. فكتب “يوميات الزغبي المنحوس: مذكرات يساري مغربي” أو “الذاكرة المتقدة”, اعتُبرت تحفة أدبية، تاريخية، إنسانية.

علي القرشي يكتب عن كتاب فكري: “يوميات الزغبي المنحوس: مذكرات يساري مغربي

يقول القرشي: “حين قرأت الكتاب، شعرت بأن محمد فكري ينوب عنا، نحن معشر جيله ورفاقه، في تجربة الاعتقال، وفي الاضطلاع بمهمة شاقة وعظيمة، هي مهمة تسجيل هذه التجربة ونقلها إلى من عاشوها رفاقًا له، ومن لم يعيشوها كذلك، فالتجربة، بفضل فكري، صارت ملكًا للجميع، فجميع من خاضوها واكتووا بلهيبها ينوب عنهم محمد فكري، ويقوم مقامهم في نقلها إلى الأجيال الحالية والقادمة. هذه التجربة الفريدة، والتي زادتها الكتابة قوة ونصاعة وفرادة، قيض لها كاتب موهوب، وقد ظلت موهبته طي الكتمان وفي حالة كمون، والكُمون لمدة تناهز نصف قرن من الزمان، وهو العمر النضالي لمحمد فكري، لكن عمره الإنساني يتجاوز ذلك كثيرًا، فقد رأى النور في سنوات الأربعينيات من القرن الماضي، في واحة أيت وابلي، ثم انتقل طفلاً لأولاد عمران بزعير قرب الزحيليكة، ولكن طبعه التواق إلى الحرية والانطلاق، والذي لازمه منذ نعومة الأظفار، وما يزال حتى الآن، دفعه إلى الهروب الأول من زعير إلى آيت وابلي، بجنوب المغرب، لا تعلقًا بالجذور فقط، ولكن، بالأساس، بحثًا عن الحرية، وحب الحرية عند محمد فكري منغرس في كيانه ووجدانه، وقد أدرك منذ سنه المبكرة فداحة وجود الاستعمار الفرنسي وسيطرة المعمرين الفرنسيين الذين اغتصبوا أجود الأراضي من مالكيها الأصليين، والذين اضطروا إلى الهجرة قسرًا إلى ضواحي المدن الكبرى ليقطنوا بمدن الصفيح.

وعن كتابه “أمهات وأصفاد”، تقول الناشطة الحقوقية الأستاذة لطيفة البوحسيني بمناسبة تكريمه بمراكش:

“إن فكري أراد من خلال كتابه “أمهات وأصفاد”, الحفاظ على ذاكرة عائلات المعتقلين السياسيين وتحديدًا نساء العائلة، خاصة نساء الهامش الفقيرات والمعوزات والمتحدرات من المناطق النائية، معتبرة أن ذلك شكل وعيًا حادًا وحسًا مرهفًا وحرصًا يقظًا لديه على ما بذلته هؤلاء النساء من تضحيات تستحق التذكير بها للأجيال اللاحقة، فهن ساهمن في ملف حقوقي يعد بالغ الأهمية يتعلق بالتضييق على الحريات والاعتقال والاختفاء القسري والمحاكمات والإضراب عن الطعام. وأضافت أن كتاب “أمهات وأصفاد” ليس عرفانًا لما أسدته نساء مغربيات من تضحيات خلال مسيرة نضالية لجيل من شباب متطلع لمغرب الكرامة والمواساة والديمقراطية لا مغرب السخرة والمهانة فقط، بل هو توثيق للحظة من لحظات تاريخ الصراع السياسي المغربي لبناء دولة الحق والقانون والمواطنة والديمقراطية، والتي شاركت فيها النساء سواء مناضلات سياسيات أو كأمهات وشقيقات وصديقات وقريبات للمعتقلين السياسيين.

كتاب “أمهات وأصفاد” يتقاطع مع الحملة الأممية لمناهضة العنف

ولأن مضمون الكتاب يتقاطع بشكل كبير مع الحملة الأممية لمناهضة العنف، فقد أشارت البوحسيني إلى أن العنف القائم على النوع الاجتماعي، وهو العنف الذي يستهدف المرأة بصفتها كذلك، أي لكونها امرأة، بمعنى أنه يستهدفها بناءً على هويتها كانتماء جنسي، أي كأنثى، هو عنف مبني على نسق ثقافي متكامل ينطلق من اعتبار المرأة كائنًا ضعيفًا قابلًا للسيطرة والهيمنة، أي كائنًا تمارس عليه مختلف أشكال السلطة، المادي منها والمعنوي، والنفسي منها والجسدي، إضافة إلى اللغوي والرمزي والاقتصادي وغيره.

محمد فكري يتحدث عن كتابه: “أمهات وأصفاد

محمد فكري صاحب الكتاب قال: “إنه أراد تسليط الضوء على نوع من نساء عائلات المعتقلين السياسيين وهن النساء المهمشات واللواتي لم يتحدث عنهن أحد، جاء رغبة منه في حفظ هذه الذاكرة الجمعية”.

وأكد أن هؤلاء النساء لم يسبق لهن أن خرجن أو اقتحمن بعض الفضاءات كمخافر الشرطة والمحاكم والسجون والمستشفيات قبل أن يتم اعتقال أبنائهن، دون أن يكن على علم بانتماءاتهم السياسية السرية. وأشار إلى أنه شعر أن من واجبه أن يسلط الضوء على هؤلاء النساء حتى لا يطويهن النسيان، وأن يكشف عن رحلة المعاناة التي خضنها من أجل حرية أبنائهن، حيث رحل العديد منهن دون أن تعانق فلذة كبدها.

خاتمة:

شكرًا لمناضلات اتحاد العمل النسائي بمراكش، كل باسمها وصفتها على هذه الوقفة التكريمية الصادقة، لصديقنا وأستاذنا محمد فكري، هذه الشخصية التي يجب أن تخلد في كتاب أو في عمل أدبي، فقد تكون مصدر إلهام للآخرين.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا