انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
اصواتهن

الفيل الأبيض عاد إليكم من جديد!

رسائل تأخرت عن موعدها

بقلم: زكية حادوش

ها هو الفيل يعود من جديد! لا يعود إلى متجر الخزف فقط ولكن إلى كل السوق، دكانا دكانا، وهذه المرة يأتي محملا بدروس تجربته الأولى وخلاصات قعوده في “مار ا لاغو” بولاية فلوريدا، حيث ظل لأربع سنوات يخطط لرجوعه. لم ينغص عليه تلك الخلوة الاضطرارية بعيدا عن البيت الأبيض سوى شوقه للسلطة ومداهمات مكتب التحقيقات الفدرالي “اف بي آي” لمنزله، بحثا عن أدلة في قضايا يصعب تلخيصها في مقال.

الحقيقة، إن كنتم تذكرون، أنه قاوم ببسالة مغادرة كرسي الرئاسة في ختام العهدة الأولى، بادعائه أن الانتخابات “سرقت منه”، بالوعيد وبتحريض بعض “أنصاره” أو الأحرى “مجانينه” للهجوم على الكونغريس يوم 6 يناير 2021…فيما يشبه “انقلابا مسلحا” كنت سأقول مضحِكا مثل محاكاة ساخرة لفيلم وسترن رديء، لولا أنه أسفر عن خمس وفيات من بينها رجل أمن واحد، وخلق سابقة تاريخية جعلت أغلبية الأمريكيين ومعهم سكان البسيطة يشعرون بأن الولايات المتحدة الأمريكية عملاق ذو ساقين من طين.

منذ إرغام الفيل الأبيض “دونالد ترمب” على تسليم مقاليد الحكم لخلفه وهو يناور للعودة. أطلقت عليه فيلا ليس انتقاصا منه، ولكن تذكيرا بحزبه، الحزب الجمهوري الذي يتخذ الفيل رمزا له. لكن فيل الحزب أحمر، فلماذا قلت إنه أبيض؟ الجواب هو أن العم “دونالد” هو تجسيد “للرجل الأبيض”، في أبهى حلله. فحتى إن بحثنا عن ممثل، عبر كاستينغ عالمي، لتجسيد دور “الرجل الأبيض” لن نجد أفضل منه، شكلا ومضمونا، ومن أجود ما قد تنتج الثقافة الأمريكية!

حيث أن السيد “ترمب” قام، مباشرة بعد فوزه بانتخابات الخامس من الشهر الجاري بما يفوق 76 مليون صوت و312 من أصوات المجمع الانتخابي من أصل 538 (مقابل 226 لمنافسته “كمالا هاريس”)، بادر إلى تعيين فريقه، واختاره على ذوقه، أي رجح كفة “الولاء” على “الخبرة أو الكفاءة”. ثم ظهر على متن طائرته الخاصة يأكل “الماكدونالد” ويشرب “الكوك” كما ينبغي لأي رجل أبيض أمريكي أن يفعل، مع عضوين شهيرين من فريقه الجديد: “إلون موسك”، الذي يقال إنه أغنى رجل في العالم، و”روبيرت ف كينيدي جونيور” سليل آل كينيدي وما أدراك من هم! وقد كان ثلاثي المرح متوجها لحضور سهرة كبرى للمصارعة الحرة في حلبة “ماديسون سكوير غاردن” بنيويورك، دائما في إطار المحافظة على “تقاليد الرجال البيض”!

عندي شعور بأن تلك الصورة ستدخل التاريخ، لأنها عنوان مرحلة غريبة من الصعب التكهن بها. فماذا يمكننا أن نتوقع من ملياردير عابر للقارات والغلاف الجوي عين في “سوبر وزارة” خلقت على مقاسه، مكلفة بالنجاعة الحكومية ومطلوب منها ترشيد نفقات الإدارة وتحسين أدائها ومراقبة النفقات العمومية…الخ؟ ماذا نتوقع من “كينيدي” تخلى عن إرث عائلته الديموقراطي وانضم إلى حملة “ترمب” الجمهورية، وعين وزيرا للصحة لمحاربة أكثر الأمراض الصامتة فتكا بالأمريكان، السمنة، بينما يسوق في أولى صوره بعد تعيينه لأكل وشراب أقل ما يقال عنه إنه السمنة بعينها!

أما “ترمب”، فلم يتنبأ حتى المنجمون الكبار بفوزه في الانتخابات، ومع ذلك قطع رزقهم بفوزه، فمن سيشغلهم ومن سيصدقهم بعد الآن؟ شخصيا، ودون أن ألجأ إلى النجوم، كنت شبه متأكدة من فوزه. ليس لأن الأعداد الفردية هي فأل خير عليه (كان الرئيس رقم 45 وصار اليوم رقم 47)، ولكن بتحليل بسيط للواقع السياسي عشية الانتخابات تبين أن أغلبية الناخبين لن يمنحوا ثقتهم “للحمار” (رمز الحزب الديمقراطي) الذي نصب عليهم رجلا مصابا بخرف الشيخوخة وسيكون تصويتهم عقابيا ضد الحزب أيا كان مرشحه.

مع ذلك، كيف يمكننا التنبؤ بما قد يفعله فيل أبيض في متجر خزف بحجم الكرة الأرضية؟ هو صرح بأنه سيوقف الحرب في العالم، وأنا أميل إلى تصديقه. قولوا عني لا أفقه في السياسة ومراوغاتها شيئا، ما أعرفه هو أن بعد الحرب يأتي السلم، وبعد الدمار تأتي إعادة الإعمار، وبعد المرض يأتي العلاج. هذا هو المنطق…منطق اقتصاد السوق. بالتالي، إذا كانت اللوبيات الاقتصادية هي التي تتحكم في السياسات، وإذا كانت هي نفسها من تبيع وتشتري في السلاح وفي الدواء وفي البناء وفي المحروقات والمأكل والمشرب والتواصل والنقل، فالحرب والسلم يقاسان عندها بالربح ولا شيء غيره. إذا كانت الحرب والدمار وما يتبعها من انعدام للصحة والأكل والشرب والسكن مربحة الآن، فاقتصاد “السلم” سيزدهر مباشرة بعدها. وستعود نفس الشركات الكبرى التي “ساهمت” في الحرب وحققت أرباحا منها إلى الاستثمار في السلام وإعادة الإعمار وهلم جرا، لتجني أرباحا أكبر.

لذلك، أصدق “ترمب” ومن وراءه ومعه من تجار الحرب والسلم، والصحة والمرض، والهدم والبناء على صعيد الكوكب، وقريبا على الكواكب الأخرى!

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا