انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

لو سئلت حياة بأي ذنب قتلت؟

لطيفة زيدي

أنا حياة….
عمري 20 سنة, من تطوان.. من عائلة فقيرة لكن بذلوا قصارى جهدهم معي حتى أستطيع أن أكون يوما ما إنسان!!!! منذ نعومة أظافري كان يقول لي أبي: “أَبنتي قرا مزيان على راسك, مابغيتكشي تكرفس فحالي هايدا”.. وأنا من جهتي كرست كل وقتي للدراسة والكتب, أفكر في اليوم الذي أستطيع فيه أن أعول عائلتي.. كنت أحصل على معدلات لا بأس بها… التحقت بكلية الحقوق بمارتيل وأنا أعرف أن الآفاق جد محدودة … لكن كنت أقول دائما ربي كبير سيفرجها يوما ما !!

أبي المسكين أصابه الشلل, وأمي تعاني من مرض لمدة طويلة, بعدما كانت هي من تعولنا أنا وأبي وإخوتي الصغار.. كل الأبواب أغلقت في وجهي.. بحثت عن العمل بشهادة الباكالوريا الكل كان يستهزئ بي ويخبرني أن الحاصلين على الدكتراه يفترشون السلع على جنبات الطرق!!!!
قبلت بأي شيئ كي أستطيع تأمين الترويض لأبي وكسرة خبز لإخوتي الصغار..,عملت كنادلة في قاعات الأفراح, منظفة في المستشفيات الخاصة, كنت أنحت في الصخر كي أأمن ولو القليل, كنت أحمل هم كسرة الخبز… حلمي كان أن أأمن مشروع صغير لإخوتي الصغار كي يستطيعوا العيش وتأمين مصاريفهم المدرسية, فأنا لا أتحمل فكرة موتهم جوعا أو مرضا أو حتى انسياقهم في أوكار المخدرات.

جارنا “الروبيو” اقترح علي ركوب الصعاب في اتجاه الضفة الأخرى, هو يعلم أن الآفاق منعدمة هنا, هذا بلد لم يعد يسع الجميع, مَن هم فوق لم يشبعوا بعد, والكادحين يزدادون قهرا
“..صراحة في البدء لم أستصغ الفكرة, بكيت بمرارة.. لم أتصور يوما ما أنني أصل إلى هذه الحال .. ولكن “الروبيو” يجانب الصواب, من لهم سلطة القرار في البد في واد ونحن في واد آخر أو دعوني أقول في جهنم ..

فكرت كثيرا في الموضوع , هناك احتمال 90% أنني لن أصل وأكون فقط قربانا لأسماك البحر .. وحتى إن حدث ووصلت إلى الضفة الأخرى فالمجهول هناك يؤرقني, دون عمل دون مأوى …. هل أهرب من جهنم كي أذهب إلى جهنم أخرى ؟

لكن في الأخير قلت سأقوم بهذه المغامرة إن نجحت سأنقذ أسرتي, وإن فشلت فرحيلي سيساهم في التقليل من المصاريف , قمت ببيع ذهب أمي على تواضعه وفوضت أمري إلى الله.. وأنا أقول في نفسي, كيفما كانت الأمور هناك ستكون أهون.

ركبت مع الشباب ليلا رغم إحساسي أنه ليس مكاني بالمرة..كنت أقول في نفسي ليتني خلفت الموعد.. بدأ الخوف يتملك مني وأنا أردد.. “الله ياخود الحق فلي وصلنا لهادشي.. ”

تبللت ملابسي…قلبي تتسارع دقاته وكأنه سينفلت من مكانه, والمركب يصارع الأمواج, فجأة لحق بنا مركب آخر تنطلق منه طلقات نارية, ظننت أنها طلقات في الهواء كي يخيفوننا لنرجع.. إلى أن رأيت شابا من مدينة الشاون أصيب بطلق ناري في يده , آنذاك أيقنت أن ساعتي حانت.. لأول مرة أبتسم من سنوات.. تحررت من كل ذلك الخوف…

أنا حياة, كنت أحلم أن أتزوج في العشرين, وأسمي ابنتي رميساء.. عشت 20 سنة في سجن اسمه المغرب .. ويوم عزمت على الهروب من مقبرة أحلام الشباب… “ضربوني بالقرطاس..”

المغريب فخ للبسطاء مثلي: ليس لديك حق العيش فيه, ولا الحق في الهروب منه
ولكن لديك كامل الحق في أن تموت فيه بمباركة الدولة..
أنا حياة…..أنا كل حياتكم…

ملحوظة: هذه الخاطرة تعود لمقرب من حياة كانت مكتوبة بالدارجة وحولتها أنا إلى اللغة العربية

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا