بقلم: زكية حادوش
رسالة إلى خالتي فرنسا..
هاته الرسالة المتأخرة عن موعدها هي في الحقيقة عبارة عن رسالتين في واحدة؛ الرسالة الأولى موجهة إلى “خالتي فرنسا”، وبالضبط إلى رئيسها السيد “إيمانويل مكرون” المحترم.
باسمي الشخصي، كواحدة من رعايا جلالة الملك، أعرب لكم عن اغتباطي الشديد بعودة العلاقات بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية إلى سابق عهدها، أي إلى ما هو معتاد بين معمر سابق (؟) عضو في مجلس الأمن وذي وزن على الساحة الأوروبية والإقليمية، ودولة كانت خاضعة “لحمايته” تعتبر مدخلا للقارة الإفريقية وبوابة نحو الشرق رغم أنها في الغرب.
كنت سأهب لاستقبالكم، على جنبات الطريق، كما استقبلنا في زمن أتذكره جيدا الراحل “فرانسوا ميتران”، عن بكرة أبينا، لولا أن منعني حادث عرضي طارئ. إذ أن الشركة الفرنسية “المفوض لها” تدبير مائنا وكهربائنا أقدمت، ككل عام بعد هطول الأمطار الأولى، على فتح مجارير المياه لتنقيتها من النفايات الصلبة (حاشاكم) حتى لا نغرق عند تساقط “أمطار الخير”، فتسلل جرذ مشاكس منها إلى منزلي وأفزع ابنتي، مما اضطرني إلى المكوث بداري والتجند للقضاء عليه. فكانت معركة دامت خمسة أيام بلياليها أرغمتني في الأخير على الاستنجاد بمهاجر من “إفريقيا جنوب الصحراء” ليخلصنا من ذلك الجرذ.
سيدي الرئيس، كنت سأستقبلك بما يليق بك من زغاريد، علامة الحفاوة المغربية، لأنك أخيرا اقتنعت بأن هناك “جزائركم” وهناك في الجوار “مغربنا”، وبأن مشكل الصحراء المصطنع هو مربط الفرس في العلاقات الثنائية بين فرنسا وأي دولة أخرى من جهة وبلادنا من جهة ثانية.
كنت سأحتفي بكم كضيف عزيز، لولا أنكم أحضرتم معكم متاعا يمقته قلبي (وجزء كبير من الفرنسيين الأقحاح)، “قش” اسمه BHL (بيرنار هنري ليفي) وزوجته ومن معهما، من مدعي الفلسفة والفن والثقافة والعلم والإعلام وكل شيء، الذين لا موقع لهم في زيارة رسمية لنا. إذ لا محل لهم من الإعراب عندنا، لأنهم موجودون في معجم “لاروس” الذي لقننا لغتكم الجميلة جميعا (شكرا فرنسا!) تحت حرف “السين”، وبالضبط تحت كلمة .Sayanim
لكم كامل السلطة، أيها السيد الرئيس، أن تحملوا في حقيبتكم ما تريدون ومن تريدون عند زيارتنا، وأن تخطبوا في برلمان الأمة بأن من حق الكيان الذي لا يسمى أن يدافع عن نفسه، فحتى “الفيروس” يدافع عن نفسه وتلك سنة الحياة. لكن أرجو المعذرة، لا أطيق رؤية BHL، ربما من كثرة طلوعه علينا من التلفزات الفرنسية، التي نكن لها كل الاحترام، ليستبيح الدم الفلسطيني. فقد أصبح مثيرا للاشمئزاز والعهدة على مواطنيكم سليلي الثورة الفرنسية وعلى شهادة عالم الاجتماع الحق “بيير بورديو” فيه: “إنه الشخص الذي تعتقد بوابة عمارتي أنه صحافي ويعتقد الصحافيون أنه فيلسوف ويراه الفلاسفة بواب العمارة”!
أما الرسالة الثانية، المتأخرة جدا عن موعدها، فهي موجهة للعموم: المرجو من كل شخص يعرف مدرسة رقص تعلمني “هزة الكتف” على أنغام “مهبول أنا” أن يتصل بي. فأنا بأمس الحاجة إلى تعلم فنون الرقص على المآسي، وكيف أهز كتفي طربا وانتشاء بطلعة “رئيس الحكومة” البهية! على بعد كيلومترات من جثث ومنكوبي فيضان طاطا، وكذا فن “التبيدق” الذي نسميه نحن المغاربة “تبنديقا”. أرجوكم أن تدلوني على معلم أو معلمة “الرقص على المآسي” في هذا البلد، وذلك في أقرب الآجال، لأن التعديل الثاني على الأبواب وأنا مفلسة!