انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
بروفايل

زهرة تحناوت:امرأة تزهر الخير وتغرس الأمل

ربع قرن من العمل من أجل ادماج المرأة في التنمية..

أحيانًا تحمل لنا الصدف ما يفوق أعظم ما خططنا له بعناية. ومن أروع هذه الصدف أن تصادف شخصية تجسد أسمى معاني التفاني، التضامن، والإخلاص في خدمة الآخرين.

اسمها زهرة، اسم يحمل معناه: امرأة تزهر في كل عمل خير ومبادرة إنسانية تقوم بها. إنها امرأة مقاومة، مناضلة، ومحاربة، شقت طريقها بإصرار لا يلين، رغم الصعوبات والتحديات. لم تثنها العراقيل، ولا المضايقات، ولا حتى الضربات الآتية من الخلف، عن التمسك بحلمها في مساعدة نساء بلدتها.

لالة زهرة، ابنة بلدة تحناوت، يلقبونها بأيقونة العمل الجمعوي والخيري بمنطقة الحوز، لحجم ما تقوم به من تضحيات لإسماع أصوات النساء وحقهن في عيش كريم.

 امرأة لا تعرف الانكسار

حين تتحدث لالة زهرة، يأسر صوتها الخافت كل من ينصت إليها،، إذ يحمل في طياته جرأة المرأة المحاربة، وعزيمة لا تعرف الانكسار. ترحب بكل من يطرق بابها. تستقبل زوارها بابتسامة أمل خفيفة، ولسان حالها يقول:” كيف يمكن ان أساعدك أو أساعدكم؟

تستمع ..تنصت …وتجيب بمنسوب ايمان قوي، أيا كان المشكل، هناك فرج الله قريب.

بداية المشوار

لم تكن زهرة إدعلي وهذا هو اسمها الكامل، تتخيل يومًا أنها ستصبح مشرفة على عشرات من الجمعيات بمنطقة الحوز.  وبعد 25 سنة من العمل الجمعوي، تفتخر بأن جمعييتها ساهمت في محو أمية 22 ألف مستفيدة على مستوى منطقة الحوز. و كانت وزاء خلق 800 جمعية محلية بمختلف دواوير المنطقة ذاتها.

فكيف بدات قصتها؟

القصة كما روتها لنا:

مهنتها في الأصل، رسامة تصاميم في الهندسة المدنية، وعندما يكون لها قليل من الوقت، تخصصه لفائدة جاراتها من خلال قراءات في كتب دينية. وفي احدى المرات كانت تقرأ لهن شذرات من كتاب “رياض الصالحين”، فطلبت منها إحداهن أن تعلمهن القراءة والكتابة ليتمكنّ من قراءة الكتاب بأنفسهن في حال انشغالها أو غيابها .

كان هذا الطلب العفوي، كما وصفته لالة زهرة، بمثابة الشرارة (Le déclic) التي جعلتها تفكر جديًا في مساعدة النساء على محو أميتهن.

تحكي زهرة عن رحلتها المثيرة التي قادتها إلى تأسيس أول جمعية لمحو الأمية في منطقة تحناوت عام 1999. بدأت كمتطوعة تُدرّس لـ15 امرأة، وسرعان ما ارتفع العدد إلى 65 مستفيدة في شهر واحد. هذا الإقبال دفعها لتأسيس جمعية بموجب القانون، أطلقت عليها اسم “جمعية افولكي للنساء”.

تقول زهرة: “لم أكن أعرف ما معنى الجمعية أو كيف تحدث، والجمعية الوحيدة التي كنت أعرفها هي جمعية آباء وأولياء التلاميذ، وكنا نساهم فيها باشتراك لا يتجاوز 20 درهمًا”. ومع ذلك، تمكنت من تأسيس أول جمعية بمقاربة تشاركية، قبل أن يصبح هذا المفهوم شائعًا.

اليوم أصبح لجمعيتها دور مهم في التنسيق والتعاون مع مختلف الفاعلين والفرقاء الاجتماعيين، وتمكنت من ابرام عدة عقود شراكة على الصعيد الاقليمي، والجهوي والوطني والدولي. بل أصبحت جمعيتها تلعب دور الوساطة بين الجمعيات المحلية ومختلف الشركاء الوطنيين وحتى الدوليين.

مشروع “معًا” لتمكين النساء القرويات

أشرفت زهرة مؤخرا، على مشروع طموح يحمل شعار “معًا”، يهدف إلى تعزيز قدرات النساء القرويات وتطوير مهاراتهن في مجالات متعددة. في نوفمبر الماضي، حيث نظمت جمعية “إفولكي للنساء”، التي تترأسها، لقاء تواصليًا بمدينة تحناوت حضرته نساء قرويات من مختلف جماعات إقليم الحوز. ركز اللقاء على تشجيع النساء على تأسيس تعاونياتهن الخاصة والانخراط في التنمية المحلية.

يشمل المشروع 438 مستفيدًا ومستفيدة من المناطق المتضررة من الزلزال، ويستهدف 30 تعاونية أو مشروعًا خاصًا، مع التركيز على القطاعات الفلاحية، السياحية، والحرفية.

حملة لدعم ضحايا الزلزال

بعد مرور أزيد من سنة على زلزال الحوز، وفي ظل الكارثة التي ألمّت ببلدية تحناوت، تضاعفت جهودها بشكل ملحوظ لدعم الأسر المتضررة من الزلزال. رأيناها تطرق الأبواب دون كلل، تنسق المساعدات، توزع الإعانات، وتساهم في إعادة بناء ما هدمته الكارثة..

كانت زيارتنا لبلدية تحناوت فرصة لتقدير العمل الجمعوي الحقيقي الذي ينبع من القلب. فهذه السيدة، ليست مجرد رمز للمرأة المغربية القوية، بل هي دليل حي على أن التغيير ممكن إذا كان مدفوعًا بإيمان عميق بالمجتمع ورغبة صادقة في خدمته.

 زهرة أيقونة العمل الجمعوي

لالة زهرة ( كما يناديها الجميع باللكنة المراكشية)، ليست فقط امرأة تُحدث تغييرًا، بل هي ملاذ للنساء اللاتي يبحثن عن الدعم. بابتسامتها الهادئة وصوتها الخافت المفعم بالثقة، تستقبل كل من يطرق بابها. كلماتها تحمل الأمل: “لا تيأسي، تشبثي بحلمك، والله لن يخيبك”.

قصة سلوى: الحلم يتحقق

تحكي زهرة عن قصة فتاة من حيها تُدعى سلوى، كانت تحلم بمتابعة دراستها العليا في مجال التكنولوجيا الدقيقة بشنغهاي. لكن، رغم تفوقها الدراسي، كادت ظروفها المادية أن تمنعها من تحقيق حلمها. وبفضل دعم زهرة وإيمانها بقدراتها، تمكنت سلوى من السفر لتصبح اليوم من بين أبرز الطالبات في جامعة شنغهاي.

 25 سنة من العمل الجمعوي: مسار غني بالانجازات:

خلال ربع قرن، من العمل الجمعوي، تمكنت “جمعية أفولكي للنساء” التي ترأسها زهرة اد علي، من:

– خلق جمعيات تنموية محلية في معظم الدواوير التابعة لتراب عمالة اقليم الحوز.

– تشجيع تمثيلية المرأة واشراكها وادماجها في المشاريع التنموبة.

– خلق فضاءات نسائية على صعيد الدوائر وعلى الصعيد الاقليمي مساهمة في تشجيع مقاربة النوع الاجتماعي.

– اعتماد المقاربة التشاركية في انشطة التوعية والتحسيس.

– تكوين ازيد من 32 منشطة في التنمية المحلية.

– احداث  800 جمعية محلية بمختلف دواوير الحوز واستفادتها من دورات تكوينية.

– خلق مشاريع لمحاربة الهدر المدرسي وتشجيع التمدرس والحد من تشغيل الاطفال في سن التمدرس خاصة بالمناطق الجبلية النائية والمهمشة عن طريق الانشطة المدرة للدخل لفائدة الأمهات.

  * احداث دار الطالبة أهم انجاز تفتخر به لالة زهرة:

من الإنجازات المهمة التي تفتخر بها لالة زهرة، المساهمة في تأسيس دار الحوز للطالبة الجامعية بمراكش.

كان الهدف من تأسيس الجمعية الخيرية لدار الطالبة بتحناوت في فبراير 2003، تشجيع تمدرس الفتاة القروية، وتفعيل أدوار الحياة المدرسية، وتنمية الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية، وترسيخ قيم التسامح والتعايش، والمساهمة في تنمية ودعم مختلف الأنشطة الخيرية والاجتماعية والتضامنية، والتعاون مع الهيئات والجمعيات ذات الأهداف المماثلة، وتقديم خدمات اجتماعية تربوية صحية، تستجيب لمختلف حاجيات المقيمات، وتنمية ودعم القدرات الرياضية للمقيمات.

وقد أسهمت هذه التجربة النموذجية في الحصول على النتائج التالية، الى حدود الموسم الدراسي 2011/2012:

حصول 180 طالبة على الاجازة في مختلف الشعب

حصول 40 طالبة على شهادة الماستر

حصول 30 طالبات على شهادة الدكتوراه

حصول 180 طالبة على شهادة الاعلاميات معترف بها من ميكرو سوفت في إطار برنامج المرأة والتكنلوجية.

حصول 60 طالبة على بطاقة الاسعافات الاولية بتنسيق مع مكتب الهلال الاحمر بالحوز.

ازيد من 400 طالبة حصلت على دبلوم الشعب التقنية.

تخرجت من دار الطالبة 80 طالبة يشتغلن اليوم في مجال التعليم، ومحامية وطبيبتين وطالبة اندمجت في مهنة العدول.

خاتمة:

لك منا لالة زهرة ادعلي، كل الشكر والتقدير، على عملك الدؤوب، وجهودك الحثيثة لدعم تمدرس الفتاة القروية، وتعزيز قدرات النساء القرويات وتطوير مهاراتهن في مجالات متعددة، ودعم المتضررين من تداعيات الزلزال. فعملك الجمعوي والخيري والتضامني، ليس مجرد مبادرات إنسانية وحسب، بل هي أفعال تعكس روحًا ملهمة ونموذجًا يحتذى به في التفاني والعطاء والايثار..

كل الامتنان لك سيدتي،متمنين لك دوام النجاح والتوفيق في مسيرتك التي تزهر وتُضيء دروب الآخرين بالأمل والحلم والإرادة.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا