لماذا أثار الجدل فوز “هان كانغ” بجائزة نوبل للأدب؟
بسمة نسائية/ ثقافة/ أصواتهن
تفاعل الكثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عموما، خاصة في صفوف الكتاب والمثقفين المغاربة، مع خبر فوز الكاتبة الكورية “هان كانغ” بجائزة نوبل للآداب لسنة 2024، باستغراب…
استغراب نابع من عدم معرفتهم بهذا الاسم وهذه الكاتبة التي فازت بجائزة هي الأرقى على هذا الكوكب، كما عبر عن ذلك الناقد والشاعر فؤاد زويريق، في تدوينة له، معترفا أن ذلك راجع ربما لجهله، ربما لعدم اهتمامه أصلا بالموضوع…
عبد العزيز العبدي، الكاتب والمدون، علق من جهته بأسلوبه الساخر، على صفحته بالفايسبوك، قائلا:” بحثت في ألبوم صوري عن صورة تجمعني بالفائزة بجائزة نوبل للآداب هذه السنة، الروائية “هان كانغ”، فلم أجدها …
في مكتبتي الفقيرة لا أثر لرواياتها…
والأكثر حرقة أن ذاكرتي لا تحتفظ باسم هذه السيدة قبل الاعلان عن فوزها بالجائزة…
منذ سنوات. أصبح دور الاعلان عن الجوائز العالمية (البوكر العالمية، البوكر العربية، نوبل) هو الوقوف على جهلنا، ولكي أكون منصفا، جهلي، بالروافد المتشعبة للأدب العالمي، وخاصة الرواية…
جهلي أصبح مخجلا حين اكتشفت أن روايات هذه الأديبة قد سبق ترجمتها إلى العربية…
ملاحظة أخيرة، لم يتم التهليل في الوسائط الاجتماعية لهذا الفوز، ربما لأنها امرأة، وربما لأنها أسيوية…
وربما لأن مرتادي الفايسبوك، مثلي، لا يتوفرون على صورة لهم معها، يزينون بها تدويناتهم”……
الواقع ليست هذه أول مرة تثير جائزة نوبل للآداب جدلاً بسبب شخصية الفائزين، بل سجل ذلك، في كثير من الأحيان خاصة حين تُمنح لأسماء غير معروفة عالمياً أو لأسماء خارج فئة الكتاب والأدباء.
فالجائزة لا تقتصر على الروائيين، فقد فاز بها مؤلفون مسرحيون، مؤرخون، فلاسفة، وشعراء. بل فاز بها حتى “بوب ديلان”، مؤلف الأغاني الأمريكي، عام 2016 ، الأمر الذي خلف وقتها ردود فعل متباينة.
و بالعودة إلى “هان كانغ”، فقد عللت الأكاديمية السويدية منحها جائزة الآداب لهذا العام 2024، بإدراك هذه الكاتبة الفريد للارتباطات بين الجسد والروح، والأحياء والأموات”. وقالت الأكاديمية إن هان “أصبحت من خلال أسلوبها الشعري والتجريبي مبتكرة في النثر المعاصر”.
وأشادت لجنة نوبل في بيانها بالكاتبة “هان كانغ”، التي تكتب الشعر والرواية باللغة الكورية، وحصلت على الجائزة “لنثرها الشعري المكثف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة البشرية”.
وبتتويجها هذا العام، تكون “هان كانغ” أول كورية جنوبية وأول امرأة آسيوية تفوز بنوبل للأدب، وهي المرأة 18 التي تحصل على هذه الجائزة. وكانت الكاتبة السويدية “سلمى لاغرلوف” أول امرأة تفوز بالجائزة عام 1909. وتُمنح جائزة نوبل للأدب منذ عام 1901.
من هن النساء اللواتي فزن بجائزة نوبل للآداب؟
رغم أن النساء يشكلن نصف البشرية، لكن إلى حدود هذه السنة 2024، فقط 18 منهن فزن بجائزة نوبل للآداب، مقابل 105 رجل، وذلك منذ بدأت الأكاديمية السويدية منح الجائزة عام 1901.
لائحة النساء اللاتي فزن بجائزة نوبل للآداب( 1901/ 2024)
هان كانغ (كوريا الجنوبية) 2024
آني إيرنو (فرنسا) 2022
لويز غلوك (أمريكا) 2020
أولغا توكارتشوك، (بولندا) عام 2018
2015.. سفيتلانا أليكسييفيتش (بيلا روسيا)
2013.. أليس مونرو (كندا)
2009.. هيرتا موللر (ألمانيا)
2007.. دوريس ليسينغ (بريطانيا)
2004.. إلفريدي يلينيك (النمسا)
1996.. فيسلافا شيمبورسكا (بولندا)
1993.. توني موريسون (الولايات المتحدة)
1991.. نادين غورديمر (جنوب أفريقيا)
1966.. نيلي ساكس (السويد)
1945.. غابرييلا ميسترال (تشيلي)
1938.. بيرل باك (الولايات المتحدة)
1928.. سيغريد إندسيت (النرويج)
1926.. غراتسيا ديليدا (إيطاليا)
1909.. سلمى لاغيرلوف (السويد)
وكانت قائمة المرشحين هذا العام قد ضمت أسماء بارزة في عالم الأدب والثقافة، مثل الأمريكي دون ديليللو، والصينية كان شيويه، والمجري لازلو كراسناهوركاي، والأسترالي جيرالد مورنان، والبريطاني سلمان رشدي، والياباني هاروكي موراكامي، والإسرائيلي ديفيد جروسمان.
وستحصل هان كانغ على ميدالية ذهبية وجائزة مالية قدرها 11 مليون كرونة سويدية (نحو مليون دولار أمريكي).
ورقة تعريفية عن “هان كانغ“
وُلدت “هان كانغ” عام 1970 في مدينة “غوانغجو” بكوريا الجنوبية، قبل أن تنتقل مع أسرتها إلى العاصمة سيول في سن التاسعة. تنحدر من أسرة أدبية، إذ كان والدها روائياً مشهوراً.
إلى جانب الكتابة، اهتمت هان كانغ بالفن والموسيقى، وهو ما انعكس على إنتاجها الأدبي.
بدأت مسيرتها الأدبية بنشر قصائدها في مجلة “الأدب والمجتمع” عام 1993. وفي عام 1995، دخلت عالم النثر بنشر مجموعة قصص قصيرة، تلتها روايات وأعمال نثرية أخرى.
جاءت نقطة التحول في مسيرتها الأدبية عام 2016، عندما فازت بجائزة مان بوكر الدولية عن روايتها “النباتية” – الرواية التي صدرت عام 2007، لكن ترجمت إلى الإنجليزية لأول مرة عام 2015 بواسطة ديبورا سميث.
تتناول “النباتية” الآثار العنيفة التي قد تواجهها امرأة تقرر رفض الانصياع لمعايير تناول الطعام.
– من أبرز أعمالها الأخرى: “الكتاب الأبيض”، و”الأفعال البشرية”، و”الدروس اليونانية”.
و في حفل الإعلان عن اسم الفائزة لهذه السنة، قالت “آنا كارين بالم”، العضوة في لجنة نوبل للآداب، “إن القراء الذين لا يعرفون “هان كانغ” عليهم أن يبدأوا بقراءة رواية “الأفعال البشرية” الصادرة عام 2014، فهي قصة مؤثرة للغاية ومروعة في بعض الأحيان، لأنها تستند إلى حدث تاريخي يتعلق بمذبحة قتل فيها الجيش في كوريا الجنوبية عام 1980 أكثر من 100 طالب ومدني كانوا يطالبون بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
ومضت قائلة: “استخدمت كانغ هذه القاعدة التاريخية بطريقة خاصة جداً، حيث تُظهر كيف يتشابك الأحياء والأموات دائماً، وكيف تبقى هذه الأنواع من الصدمات في السكان لأجيال.
وأضافت: “أود أن أقول إن ما كان فعالاً بشكل خاص في هذا الكتاب هو نثرها الرقيق والدقيق للغاية، والذي يصبح في حد ذاته قوة مضادة لهذا الضجيج الوحشي للسلطة”.
وتُعد روايتها “يداك الباردتان” التي صدرت عام 2002، والتي تحمل آثاراً واضحة لاهتمامها بالفن، نتاج مخطوطة تركها نحات مفقود مهووس بصنع قوالب جبسية لأجساد النساء.
يذكر أنه تمّ تحويل كتابين من كتب هان كانغ إلى فيلمين، وهما “النباتية” في عام 2009، من إخراج ليم وو سيونغ، و”الندوب” في عام 2011، من إخراج نفس المخرج.