
بقلم: عبد الرفيع حمضي
بسمة نسائية/ منبر بسمة
في يوم الجمعة 7 شتنبر 2024 سيكون الجزائريون مدعوون للإدلاء بأصواتهم في الانتخاب الرئاسية على امتداد ثمانية وخمسين ولاية 58 ، بعد عشرين يوما من الحملة الانتخابية، التي جال خلالها المتنافسون على للإقامة بقصر المرادية، كل التراب الجزائري “وكلها يلغي بلغاه”
أليست الانتخابات دعامة ومعيار لكل نظام يطمح ان يكون ديمقراطيا؟ ألا يعبر الشعب عن إرادته عبر الانتخابات باختيار حكامه وممثلوه؟
ألم يعتمد المجتمع الدولي الإعلان العالمي لحقوق الأنسان منذ سنة 1948 والذي نصت مادته 21 على أن إرادةُ الشعب هي مناطُ سلطة الحكم، وعلى أن تتجلّىَ هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة، وتجرى دورياً بالاقتراع العام، وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السرِّي أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرِّية التصويت؟
فلماذا إذن كل هذه التعاليق الدولية المشككة والمسيئة لبلد (المليون شهيد) منذ القرار الملغوم والقاضي بتنظيم الانتخابات قبل أوانها بشهرين؟
أعتقد وغيري، أنه لهذا السبب بالذات اختار المرشح (الحر) للحزب السري السيد عبد المجيد تبون الرد باعتماده بشعارين رئيسيين لدعايته الانتخابية:
أولهما: يؤكد فيه ان فوزه هو بالذات سيقطع حتما الطريق على الاعداء الذين يتربصون بالجزائر.
ثانيهما: الدعوة إلى مشاركة مهمة في الاقتراع لأنها ستكون رسالة قوية للأعداء بالخارج أساسا.
وبهذا الخطاب يكون الرئيس عبد المجيد تبون، قد قلب كل مفاهيم العلوم السياسية المتعلقة بالانتخابات عامة والرئاسية خاصة، من كونها آلية ومسلسل داخلي لضمان المشاركة في الحياة السياسية للمواطنين بما يضمن مشاركتهم في صنع القرارات العامة في أبعادها المتعددة والتي تهم بلدهم، فقد حولها إلى مجرد حرب كلامية خارجية مع عدو مزعوم يرهب به المواطنين. وتلك خطة عسكرية وليست برنامجا انتخابيا.
ولهذا فرغم أن التعددية الحزبية بالجزائر، انطلقت في أواخر الثمانيات بعد التعديل الدستوري وبعد حوالي ثلاثين سنة من تجربة الحزب الوحيد، جبهة التحرير الوطني، فان الترتيبات الإدارية والبيروقراطية الحالية التي تم اقرارها تنظيميا، عمدت إلى خنق النص الدستوري وإفراغه من محتواه. وهكذا لم يستطع إلا مرشحين اثنين (استفاء) شروط الترشح لانتخابات الرئاسية، وهما السيد عبد العالي حسني شريف عن حركة المجتمع من أجل السلم MSP والسيد يوسف بوعشيش عن جبهة القوات الاشتراكية FFS من أصل 16 سياسي اعلنوا عن رغبتهم في الترشح،
وباشروا إجراءاته المطلوبة وعراقيله المنصوبة، مع الإشارة أن عدد الهيئات السياسية المعترف بها بالجزائر تجاوزت 30 حزبا.
هذه الأحزاب التي كان قد اعد لها عبد المجيد تبون منذ عدة أشهر، مشروع قانون تنظيمي جديد – البعبع – الذي أجمعت عليه كل التنظيمات السياسية، أنه محاولة واضحة من رئيس الدولة وخلفه المؤسسة العسكرية التحكم في أدوات العمل السياسي. وها هو الآن يقايضهم بإدخال بعض التعديلات مقابل تحالفات داعمة.
ولتنزيل هذه الخطة الحربية المحكمة في الساحة الانتخابية بفضاء الشارع الجزائري، الذي يغلي أصلا والذي لازالت شرارة الحراك لم تخمد فيه بعد، فلم يجد تبون إلا وزير الداخلية إبراهيم مراد ليعينه مديرا لحملته الانتخابية. وهل هناك فارس أحسن من وزير الداخلية ليقوم بهذه المهمة، وهو العالم بخبايا المدن والقرى والولايات واحدة واحدة، بشرا وحجرا. وبالتالي فعوض أن يوزع منشورات الانتخابات بالشارع فهو سيرسل استدعاءات للناخبين المترددين. مع انه جرت العادة في الأنظمة الرئاسية، ان يترك الرئيس المنتهية ولايته الحكومة القائمة للقيام بتصريف أعمال البلاد والعباد. لكن تبون اختار عمودها الفقري لقيادة حملته الانتخابية.
فكل هذه الحيطة والحذر وكل هذه التعبئة العامة التي يقوم بها هذا الحلف، هدفها الرئيسي هو ضمان نسبة مشاركة مشرفة، تنقد ماء وجه تبون الكثير الكلام وكلما نطق فجر كما يقول الفقهاء، فهو لا يرغب في أقل من 58% كحد أدني وهي النسبة التي “فاز ” بها في الولاية الأولى في ديسمبر 2019.
أما المرشحان الآخران ومعهما المواطنون، سواء الذين سيقاطعون هذه الانتخابات أو الذين سيدلون بأصواتهم، إضافة إلى الملاحظين الدوليين فهم ينتظرون بلهفة معرفة من سيفوز، ولكن بالمقعد الثاني. هل يوسف أم عبد العالي؟ أما المقعد الأول فهو محجوز سلفا لعبد المجيد شنقريحة.