
- بقلم: زكية حادوش
بسمة نسائية/ أصواتهن
وأنا أخط هذه الرسالة كنت أعرف أنها ستتأخر قرابة أسبوع عن موعدها لتصل إليكم، لكن لا بأس فهي صالحة لكل المناسبات التي تشبه عاشوراء… تلك المناسبات التي تحرك فينا غريزة إحياء طقوس غريبة من قبيل طقوس “الأطفال الأبرياء” التي تفزعنا وتقض مضاجعنا ككل عام بالمفرقعات، كأن هناك حربا أهلية تدور رحاها على مقربة منا ونحن لا نعلم!
هنا يجب أن نتساءل من أين تأتي تلك المتفجرات وكيف تمر عبر الجمارك، لأنها حسب علمي البسيط ليست منتوجا وطنيا، وحتى بارود الحبة المستعمل في التبوريدة مقنن أشد التقنين وجماركنا، كما تعرفون، هي العين التي لا تنام ولا تنفك تضخ “الشحمة في ظهر المعلوف”.
ربما تمر تلك المفرقعات كرسالة في البريد لأنها مدعومة “بسحر” ما، فمناسبة عاشوراء هي عيد كل السحرة والمشعوذين على اختلاف أنواعهم! وهي مناسبة كذلك لما يسمى “زمزم”. بالمناسبة، ألا يكفيكم “زمزم” خراطيم المياه التي استعملت، قبل أسبوع ونيف، في عاصمة المملكة، من طرف قوات أمننا “المصون” ضد الأطباء والممرضين وطلبة الطب والصيدلة… أي نعم، نفس الأشخاص التي كانت المحكومة تمجد فيهم أيام “كورونا” غير المأسوف عليها (هل تتذكرون؟). ثم يكاد رئيسها يدعونا اليوم إلى التيمم حفاظا على الماء في زمن “الجفاف” بينما هو “يزمزم” كما يشاء!
ما عساي أقول سوى أن أدعو سحرة ومشعوذي هذا البلد الحبيب لأن يتحدوا. وبدل “الساكتة المسكوتة” التي يعملونها تحت طلب الأفراد، أطلب منهم أن يُعمِلوها لإسكات المهرجين والممثلين في مؤسساتنا التشريعية والتنفيذية، ولتكميم أفواه العملاء وضعفاء النفوس الذين يتحججون بحرية التعبير للتفوه بما يخدش شعورنا الجمعي، خصوصا منهم من حج إلى سور المبكى ليرقص على جثث أهل غزة.
كما ألتمس من سحرتنا وساحراتنا الذين يتكاثرون في عاشوراء إلى استخدام “التمريض” وصفة ضد من تسبب في حالة الطب والصيدلة والتمريض والتغطية الصحية والنظام الصحي في شموليته ببلادنا، وكذلك إلى استعمال “الأعمال السفلية” ضد عدو مشترك عوض الأعداء الشخصيين الفرادى والعزل.
إضافة إلى ذلك، أطالبهم بالانكباب على “جلب الحبيب” كي يجلبوا لنا محبة أولي الأمر ويحننوا قلبهم على هذا الشعب اليتيم.
الحقيقة أني مللت من نفس الطقوس كل عام…طقوس الإلهاء طيلة العام، خصوصا الطقوس الوثنية، التي لا تمت إلى الدين بصلة والتي تتنامى وتخرج بكل وقاحة إلى العلن، بينما كانت سرية في السابق. تخرج إلى أزقتنا وتتباهى بنفسها على منصات “اللاتواصل الاجتماعي”، كأنها ميراث يسهر الآباء والأمهات على نقله إلى أبنائهم وبناتهم بكل فخر واعتزاز، مثل موروث ثقافي على “اليونسكو” إدراجه في لائحة الموروث الإنساني المحتفى به ليعرفنا العالم بأسره فتزداد سمعتنا.
هذه الطقوس الوثنية الشبيهة “بهالووين” على الطريقة المغربية لا تنقصها سوى المكانس لتصبح محفلا لكل المشعوذين والمشعوذات على الصعيد الدولي، وبالطبع فخرا لنا! لكن المناسبة شرط، وبما أن عاشوراء ليست مناسبة سارة، لا ينبغي الاحتفال بها وفيها. ومن يريد الاحتفال، عليه بالعيد “الصغير” والعيد “الكبير”، وإن لم يكتفِ عليه برأس السنة الهجرية وعيد المولد، ولمَ لا “يناير” أو رأس السنة الأمازيغية، أو حتى رأس السنة الميلادية. فلا بأس أن يغتنم المرء كل فرصة للاستراحة والتنفيس وصلة الرحم والفرح، لكن دون أن يؤذي أحدا ودون أن “يزعزع” عقيدة أحد.
عاشوراء ليست مناسبة “للتقنبيل” و”التزمزيم” و”شعالة” ونشر الخرافة والشعوذة، هي إما للصوم، اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم الذي وجد اليهود عند هجرته يصومون يوم عاشوراء لأنه يوافق يوم نجى الله موسى من فرعون، وإما للترحم على حفيده سيدنا الحسين الذي استشهد في نفس اليوم، لكن من دون “حسينيات” ولا “لطميات” الشيعة ولا الركض نحو الأضرحة والتعلق في “الثريات”، لأننا في بلد إمارة المؤمنين المستندة إلى المذهب السني المالكي.
بالتالي، أدعو وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وفقها الله لما فيه مصلحة الأمة (التي تعرفها هي أكثر من هذه الأمة نفسها)، وبما أننا أصبحنا في زمن الخطبة الموحدة والخطاب الوحيد، إلى توزيع خطبة واحدة فقط على الأئمة والوعاظ والمرشدات ليرددوها على مدار السنة، مضمونها أن مثل هذه الطقوس ليست من الدين في شيء وغالبا ما تدخل في باب الشرك بالخالق وعبادة المخلوق. اللهم باعد بيننا وبين تقديس المخلوقات من الإنس والجان. آمين!