نساء يصرخن: “حياتي تدمرت” بسبب تجريم الإجهاض..

بسمة نسائية/ أصواتهن/ عزيزة حلاق
صور: زليخة
“لم تتمكن وئام، البالغة من العمر28عامًا، من الإجهاض، بعد حمل ناتج عن علاقة خارج إطار الزواج، لم تسعفها الظروف المادية، التخلص من هذا الحمل غير المرغوب فيه، فاضطرت لمواصلته حتى نهايته، لينفذ في حقها حُكم بالحبس 3 أشهر بتهمة إقامة علاقة غير شرعية”.
قصة وئام (اسم مستعار) ليست استثناء أو حالة معزولة، بل يمثل قصص نساء كثيرة، وإن اختلفت، فمصيرها واحد. ويكفي أن نعرف أنه في المغرب سجلت أرقام صادمة حول الإجهاض، سجلت ما بين 700 إلى 1000 حالة، ذكرها أمس الاثنين، تقرير قدمته منظمة العفو الدولية أمنيستي، في ندوة صحفية احتضنها أحد الفنادق بالرباط.
التقرير ركز على تداعيات تجريم الإجهاض في المغرب، من عواقب وخيمة على النساء والفتيات، خاصة خطر التعرّض لعقوبة السجن، مما يخلق مناخًا من الخوف، يضطر معه النساء والفتيات إلى اللجوء إلى أساليب خطيرة للتخلص من الحمل. بما في ذلك الحمل الناجم عن الاغتصاب. وكثيرًا ما تخفق هذه الأساليب التي تسبب للنساء والفتيات، صدمات نفسية وتشويهات في كثير من الأحيان، في بلد يجرِّم فيه القانون أيضًا العالقات الجنسية خارج إطار الزواج. لتجد هؤلاء النساء والفتيات، أنفسهن ضائعات، ولا مفر من مواصلة الحمل حتى نهايته، الأمر الذي يعرّضهن للملاحقة القضائية والنبذ والعوز، إلى جانب تحمل العواقب المؤلمة لمحاولات الإجهاض الفاشلة.
ومن خلال عينة بسيطة، أظهر تقرير أمنيستي، أنه بين 33 مستجوبة، قابلتهن المنظمة، ممن رغبن مضطرات للإجهاض، لم تتمكن سوى 14منهن الحصول عليه؛ أما 19 الأخريات فقد اضطررن لمواصلة الحمل حتى نهايته. فيما حملت 10 نساء نتيجة الاغتصاب. وانتهى المطاف ب 7 نساء، إلى إيداع أطفالهن في دور الأيتام، أو التخلي عنهم ووضعهم تحت رعاية أسرة أو مؤسسة ما، في إطار نظام الكفالة. وقالت خمس 5 للمنظمة إنهن حاولن الانتحار أو فكّرن فيه.
وتظهر الأبحاث التي أجرتها منظمة العفو الدولية، أن السلطات المغربية تنتهك مجموعة واسعة من الحقوق الإنسانية للنساء والفتيات من خلال تجريم الإجهاض والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، وحرمانهن من الخدمات والمعلومات المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية، ومن الاستقلالية الإنجابية؛ وترسيخ الصور النمطية الضارة، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والتمييز ضد المرأة..
وفي الوقت الذي يكفل الدستور المغربي حقوق الإنسان في الحياة، والصحة، والخصوصية، وعدم التعرّض للتعذيب وغيره ن ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، والمساواة بين الرجال والنساء، نجد أن كل هذه الحقوق، تهدر في المغرب بسبب تجريم الإجهاض والعالقات الجنسية خارج إطار الزواج.
إننا في الحاجة، حسب التقرير والاحصاءات التي جاء بها، لهذا التغيير اليوم أكثر من أي وقت مضى. فالانتهاكات الوخيمة العواقب للحقوق الجنسية والإنجابية للنساء والفتيات في المغرب، وغيرها، مس خطير بحقوق الإنسان، التي أكدتها وتؤكدها شهادات النساء اللاتي أفصحن عن تجاربهن بشجاعة لباحثات منظمة العفو الدولية.
تقرير أمنسي ومختلف المداخلات والنقاشات الذي طرحت خلال ندوة أمس، التي اختار لها المنظمون شعارا معبرا عن معاناة النساء “حياتي تدمرت”، قد تشكل اليوم، فرصة تاريخية أمام السلطات المغربية لتعزيز حق النساء في المغرب في اتخاذ قراراتها المستقلة عن طريق إلغاء تجريم الإجهاض والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، خاصة في ظرف تتجه فيه السلطات نحو إجراء مراجعة شاملة للقانون الجنائي، فضلاً عن المراجعة الجارية لمدونة الأسرة.