فاطمة الوكيلي..القمر الحزين..

بسمة نسائية/ منبر بسمة
بقلم: محمد بوخزار*
صور: زليخة
الراحلة فاطمة الوكيلي؛ هي قطعا إعلامية متعددة المواهب؛ هوت سريعا، كالنجم القطبي؛ قبل أن تسطع بكل نورها ووهجها. مسارها المهني كان يفترض أن يضعها فوق كرسي نجاح مديد، بالنظر لتعدد مواهبها..
أظنها، ضحية نجاحها وجرأتها وأيضا طيبة قلبها؛ في جو إعلامي غير صحي، زاخر بعديمي الموهبة ومحترفي النميمة المؤذية، والغل المحطم للنفوس والإرادات الصادقة..
ربما لم تقدر، مخاطر وتبعات، وأيضا ضريبة أنها أصبحت، في ظرف سياسي حرج، وجها إعلاميا لافتا؛ في قناة أسسها الملك الراحل، لتنهج خطا إعلاميا مغايرا، يبشر بوجه مغرب جديد، سعى عاهله الراحل نحو الحداثة والانفتاح الهادئ (التسعينات عقد زاخر بالتحولات المجتمعية)، خاصة وقد اقتنع الملك، رحمه الله، باستحالة تغيير الطباع والعادات، عما دأبت عليه زمنا؛ فارتأى أنه من الأفضل ترك التلفزيون الأصلي وما فيه، يسبح في فلكه وفق أساليب تربى عليها. من العبث إجباره على التخلي عنها؛ كونها مبرر وجوده، ولأن (التلفزيون) الرسمي يعكس صورة مجتمع تهاب فئات عريضة فيه، التغيير الجذري المفاجئ.
ربما اعتقدت فاطمة، الانسانة الجميلة البريئة؛ أن حرص ملك البلاد على مشاهدة برنامجها “رجل الساعة” وإبدائه توجيهات وملاحظات مشجعة بخصوصه؛ كان كافيا لحمايتها من ذئاب “إعلامية” متربصين في زوايا وأركان القناة الفتية؛ فلم تهتم، كما ينبغي، بتطوير مستمر لبرنامجها وصقل أدوات ادائها؛ بالتدقيق في كل شيء، دون الانسياق وراء وهم أنها باقية في مكانها إلى أبعد مدى!!
ربما لم تقدر أن “ماكينة” الإعلام، طالما طحنت، في أزمة وأمكنة، قامات إعلامية سامقة، وطوحت بها في متاهات النسيان، دون أن يعلموا سبب الاستغناء عنهم.
صحيح أن الراحلة العزيزة، انشغلت على هامش التلفزيون، اعتقادا منها أنه الأكثر تشجيعا وتحفيزا للمواهب والضامن للحضور لدى الجمهور العريض. راهنت على مساندة سينمائيين، لم يخذلوها وقت الشدة، بل استفادوا من امكاناتها في التمثيل وكتابة السيناريو. وهم الذين انقذوها من مرارة الاحساس بتخلي الكثيرين عنها إن في الإعلام أو الحياة.
وحينما عادت إلى شاشة قناة: دوزيم” وقد أصبحت متاحة للناظرين، بدون جهاز فارز (ديكودور) وفقدت طابع قناة النخبة بالمرموز؛ وجدت الاعلامية الراحلة صعوبة، في شد أنظار المشاهدين؛ وتسربت إلى نفسيتها المرهفة، قناعة أن الزمن، يدور، في الغالب، دورات معكوسة. توارت مجددا، عن الشاشة الصغيرة ووجهت جهودها وبقية طاقتها التي هدها المرض اللعين؛ نحو الفن السابع.
هل أخطأت فاطمة طريقها نحو نجاح حلمت به؟ لا معنى للسؤال، أمام عبث الاقدار وغدر الزمان؛ وبعد ان خمدت جذوة الحياة في الروح الطيبة.
يكفيها، انها نالت محبة الناس وتعاطفهم. ترك غيابها حزنا ممضا فيمن عرفوها ..
الى جنات النعيم، ايها القمر الحزين!!
*كاتب وإعلامي