في محكمة النساء الرمزية..نساء يصرخن: واش هذا عدل؟
“من أجل تغيير شامل وعميق لمدونة الأسرة يضمن العدل والمساواة”
بسمة نسائية/ مجتمع/ عدالة
صور: محمد بلميلود
متابعة: عزيزة حلاق
“أنا زوجة و أم مغربية، كنت خدامة كاتبة في شركة، لدي 2 بنات، رجلي كلس من الخدمة حيث مرض بالسرطان، عندنا شقة صغيرة، خرجت من الخدمة باش نقابل راجلي، كنت موفرة 14 المليون، صرفتو على العلاج ديالو، كان باغي يكتب الدار لبناتو، ولكن الموت ما عطاتوش الوقت. بعدما صفيت مشاكل القرض. جاوا خوتو وطلبوا مني القسمة والاستغلال وخا عمرهم زاروا خوهم وهو مريض. طلبت منهم يخليوانا فالدار حتى يرشدوا بناتي، جاوبوني، هذا الحق عطاه لينا القانون، دعاوني وحكمت المحكمة علينا بالقسمة والاستغلال. وحقي وحق بناتي ما جابلي والو..كريت بيت مع الجيران…وضعت أنا وبناتي…واش هذا عدل؟”
شهادات صادمة ومؤثرة لنساء احتمين بالقانون فكان القانون أظلم من واقعن، قدمن شهادات حارقة أمام هيئة محكمة النساء الرمزية، التي انعقدت جلستها في نسختها 21 يوم 02 مارس 2024. تحت شعار” من أجل تغيير شامل وعميق لمدونة الأسرة يضمن العدل والمساواة”.
انطلاق الجلسة
هيئة المحكمة:
باسم العدل والحق وباسم المساواة، افتتحت الأستاذة عائشة الحيان رئيسة اتحاد العمل النسائي، جلسة اليوم من محكمة النساء الرمزية في نسختها ال21 التي نظمت هذا العام باسم التنسيقية النسائية التي تضم 30 جمعية نسائية.
وتحدثت الأستاذة الحيان، عن خصوصية انعقاد المحكمة النسائية لهذا العام، التي تأتي في سياق الحركية التي تعرفها بلادنا والمتعلقة بالنقاشات الجارية حول تعديل مدونة الأسرة.
وقالت بأن المحكمة الرمزية هي فرصة تفتح في وجه نساء ظلمن من قبل القانون والمجتمع. هن نساء كن في حاجة لفسحة للبوح، ليشعرن على الأقل بان هناك إمكانية للتغيير وليشعرن بالأمل في مستقبل يعترف فيه بالحقوق الإنسانية الكاملة للنساء.
وقدمت الأستاذة الحيان، أعضاء المحكمة كل باسمه وصفته، وتتكون المحكمة من هيئة قضائية وهيئة الخبراء وهيئة الدفاع
ووفق الشروط الشكلية الخاصة بانعقاد محكمة النساء انطلقت أشغال المحكمة بعد تقديم قرار الإحالة من طرف الأستاذة سميرة موحيا رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء.
ما أقسى وجع الظلم بالقانون، الذي تشعر به النساء اللواتي قدمن إلى المحكمة وقدمن شهادات حية وواقعية أمام الهيئة القضائية، ثمان شهادات لنساء تحدثن عن وجعهن، وعن معانتهن من قوانين ظالمة. قضايا واشكالات كثيرة أثيرت من خلال هذه الشهادات أمام المحكمة الرمزية التي هي في الأساس، محاكمة للقوانين التي تكرس التمييز والعنف ضد النساء، والوقوف عند الثغرات والنواقص الموجودة في مدونة الأسرة.
محامية امرأة القانون تعاني من ظلم القانون وهذه شهادتها:
هناك من النساء اللائي قدمن شهادتهن ومعانتهن من العنف القانوني، شريطة ألا يكشف عن هويتهن، فيما كانت أخريات لهن جرأة البوح أمام هيئة المحكمة وأمام الحضور بوجه مكشوف. وكانت من بينهن. شهادة سيدة قدمت نفسها (امرأة قانون)، نعم، هي محامية مغربية مسجلة في هيئة باريس، ترافع في محاكم فرنسا، لتجد نفسها بعد الطلاق، تعاني هي أيضا من ظلم القانون المغربي، بعد أن اصطدمت بواقع الولاية والوصاية على أبنائها، التي لا حق لها فيها. وقالت بالحرف:” حين أكون في مكتبي أكون محامية وكان من الممكن أن أكون قاضية، لكن حين أغادر المكتب أصبح مواطنة ليس لها الحق حتى في تسجيل أبنائها في المدرسة بدون إذن الزوج. عانيت من هذه القضية ومن مشكلة أخرى مرتبطة بأحكام الانتقال بالمحضون خارج المغرب المنصوص عليها في المادة 179 من مدونة الأسرة والتي جاء فيها ما يلي:” يمكن للمحكمة بناء على طلب من النيابة العامة أو النائب الشرعي للمحضون أن تضمن في قرار إسناد الحضانة أو في قرار لاحق منع السفر بالمحضون إلى خارج المغرب دون موافقة نائبه الشرعي. وهو ما يعني عمليا وبالواضح، منع الأطفال من السفر بدون إذن الأب.
بعد الاستماع للشهادات، تناوبت على منصة المحكمة مداخلات قوية لأعضاء هيئة الخبراء التي استعانت بهم المحكمة لمقاربة القضية المطروحة عليها والتي ضمت الأسماء التالية:
هيئة الخبراء
نزهة كسوس والسعدية وضاح والاستاذين طيب العيادي وشكيب كسوس، قدموا ملاحظات ركزت على ضرورة ادماج تغيير مدونة الاسرة في مشروع مجتمعي متكامل ووضع شروط ومفاهيم جديدة لضمان تماسك الأسرة، مع الاعتراف بأدوار النساء وتفكيك مجموعة من المسلمات الثقافية لدى النساء والرجال معا التي تكرس القوام. كما أكدوا على ضرورة ضمان المساواة الفعلية وإلغاء كل مظاهر التمييز التي تحد من وصول النساء لحقوقهن.
كما استمعت المحكمة إلى هيئة الدفاع المكونة من:
هيئة الدفاع:
-عائشة الخماس وعبد المنعم الحريري وربيعة أملال ومحمد الهيني، سلطوا من جهتهم الضوء بشكل دقيق على المقتضيات التمييزية في مدونة الاسرة التي لا تنسجم ومكانة النساء وادوارهن سواء داخل الاسرة أو في المجتمع.
وبعد الاستماع للشهادات ومداخلات هيئة الخبراء ومرافعات هيئة الدفاع، تولت الهيئة القضائية في الأخير، إصدار حكم هذه المحكمة الرمزية، الذي سيتم اعتماده من طرف التنسيقية النسائية كأداة للترافع اتجاه أصحاب القرار وكل الجهات المعنية.
وبناء على كل ما راج أمام المحكمة وما قدم لها من وثائق وحجج وشهادات صاحبات الحق فقد تبين للمحكمة كملخص لمنطوق الحكم:
أن مدونة الاسرة بعد مورور عقدين من الزمن على صدورها ودخولها حيز التطبيق تأكد أن مقتضياتها لا تضمن المساواة وتكرس التراتبية بين المرأة والرجل في الحقوق والمراكز مما أدى إلى تفاقم الحيف والظلم في حق النساء، وعدم اعتبار المصلحة الفضلى للأطفال.
خلاصة:
إن مبادرة اتحاد العمل النسائي في تنظيم محكمة النساء الرمزية سنويا، تزامنا مع العيد الأممي للنساء 8 مارس، تعتبر آلية نضالية نسائية، تعمل على كسر جدار الصمت حول مختلف أشكال الظلم والحيف والعنف الممارس ضد النساء. وقد لعبت هذه الآلية منذ إطلاقها دوراً توعوياً كبيراً في الكشف عن مختلف أنواع العنف وأشكاله بالمغرب، كما عززت القدرات الترافعية للاتحاد لتشكل أداة ضغط وتعبئة للدفاع عن حقوق النساء.
والمحكمة الرمزية في نسختها الـ 21 نظمت هذا العام، ولأول مرة، بتنسيق مع الجمعيات المكونة للتنسيقية النسائية من أجل تعديل عميق وشامل لمدونة الأسرة.