انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

حميد باها يكتب عن رواية الهجابي” حراس ابن خلدون”

بسمة نسائية /  ثقافة/ إصدارات

صدرت للكاتب والصحفي المغربي محمد الهجابي، عن دار القلم بالرباط، رواية جديدة بعنوان “حراس ابن خلدون”.

عن هذه الرواية التي رأت النور شهر فبراير المنصرم 2024، كتب صديقه ورفيق دربه حميد باها تدوينة جميلة تماهت مع الرواية من خلال حكايته الشخصية وتقاطع رؤيته مع الكاتب، وتجربته كواحد من حراس هذه الدار..” دار ابن خلدون”..

التدوينة نشرت على صفحته بالفايسبوك، ونعيد نشرها على صفحات “بسمة نسائية” لكل غاية مفيدة..

الهجابي حول المكان إلى بطل ..

بقلم: حميد باها

صادف أنني كنت من “حراس دار ابن خلدون”، هذه الدار التي آوت بين جدرانها لازيد من عقدين شخوص العمل الكبير الذي أصدره بهذا العنوان الصديق العزيز محمد الهجابي.

أتوسم أن ثمة اختلافا أكيدا من حيث المعنى والادوار بين “حراس الدار” كما تصدرت العمل الروائي لمحمد الهجابي وبين “حراس المعبد” أو حراس الهيكل” كما ترددت في التراث الديني القديم. فحتى وثمة توالي أجيال في حفظ الهوية الفكرية والسياسية للمحل فهو لم ينذر بالأصل لهذه الغاية، بل كان عقارا يكتريه طلبة حرصوا بإرادة منهم على ان يكونوا بأغلبيتهم من حساسية سياسبة معينة او من المتعاطفين معها، وكانت النتيجة ان جل عناصر منظمة 23 مارس الدين مروا من جامعة ظهر المهراز بفاس اواخر السبعينات، وفصيل الطلبة الديمقراطيين، ثم عموم مناضلات ومناضلي منظمة العمل الديمقراطي الشعبي بالمدينة لاحقا، عبروا من هناك، وحفروا جزءا من تاريخهم وذكرياتهم على أرضية وجدران العقار، قبل أن يحوله قلم الروائي محمد الهحابي إلى بطل تتقاطع عنده تجارب وحيوات جيل من الشباب اليساري المغربي وجد نفسه يحيك خيوط حلم عظيم بين جدران المحل وخارجه ويعد بإمكانية مغرب آخر مختلف يكفل الكرامة للجميع على قدم المساواة..

ولذلك لم يكن من المفاجأة في شيء أن يتم تحويل العنوان الى مقر حزبي رسمي لاحقا ليستمر ذات الاشخاص او العديد منهم يؤمنونه كمناضلين أو كأعضاء مسؤولين بذات الحساسبة الحزبية الممتدة من مرحلة السرية خلال سبعينيات القرن الماضي..

للسبب نفسه فالمكان لم يحضر بين الطيف البشري الذي تولى حفظه كمجرد مركز لكثير من التشكيلات والتجارب التنظيمية، ما بين مرحلة الوجود السري وشبه العلني لمنظمة 23 مارس وبين الانتقال إلى مرحلة الشرعية القانونية للتنظيم ممثلا بمنظمة العمل الديمقرلطي الشعبي فيما بعد..

والحقيقة أن العنوان تحول طوعا مع القاطنين الذين تعاقبوا عليه إلى حاضنة لعلاقات واسعة مع طيف من فعاليات المرحلة بالقطاع الطلابي خاصة..

وأستغرب اليوم كيف جعل أولائك “الحراس” بشكل طوعي مسكنهم الخاص فضاء مفتوحا على مصراعيه لكل عابر سبيل من مناضلي تلك المرحلة، من مغاربة وغير مغاربة من الطلبة العرب بالجامعة، وطلبة وغير طلبة من المناضلين المحليين ومن العابرين، وعدد من القامات والقادة َالحزبيين أو من أصبحوا كذلك مع الوقت. بل وكان يأوي أيضا، زخما من العلاقات الانسانية والعاطفية الفياضة. وانبثقت منه أسر وعائلات لازالت تشهد على فرادة تلك َالتجربة الانسانية التي عاشتها جدران العنوان، حتى ان ابني البكر شخصيا، على سبيل المثال لا الحصر، ولد هناك من رحم تلك التجربة، وأول صوره الفوتوغرافية التي احتفظ بها التقطت له بباب المحل أياما قليلة بعد ولادته..

والروائي محمد الهجابي كالكثيرين غيره لم يكن يوما مجرد ملاحظ خارجي أو مجرد عابر سبيل من زوار العقار، بل هو نفسه، من غير أن يكون من ساكنيه كان منخرطا بالمحل بكل كيانه، وحتى بكينونته، كما كان من صناع تلك اليوتوبيا الجماعية التي نسجتها تجربة العنوان وتحت سقفه..

ولصلتي بالمكان، وفي انتظار أن اطلع على العمل، أنا لا أشك في أن المتخيل الابداعي للرواية حتى وهو في جميع الأحوال لن يكون حكيا تأريخيا باردا يخص المحل وأهله، لكن مع ذلك، ورغما عن إرادة الكاتب، ما من شك في أن العمل سيمكن من تخليد حيز من التجربة الانسانية الرفيعة المحفورة على جدران “الدار” وأرضيتها.. سيما وكثير من الأشخاص الواقعيين، وضدا على التخييل الذي تمثله شخوص النص السردي سيجدون أنفسهم رغما عنهم محمولين على التماهي مع العمل والبحث عن أنفسهم وعن شظايا ذواتهم بين ظلال التخييل السردي للكاتب.

ومع إدراكي للبون الشاسع بين الشخوص في التخييل السردي، وبين الاشخاص كما هم في حياتهم الواقعية، أغتنم الفرصة لتهنئة الصديق محمد الهجابي بالإصدار، متوجها له مقدما بالشكر الخاص، باسم كافة الذين مروا بالعقار واستحقوا منه تتويجه إياهم بين سراديب شخوصه “حراس دار ابن خلدون”، الامر الذي يسمح لي باقتناص المناسبة للاعتراف المتواضع من جهتي:

لقد كان لي شرف العبور من هناك، وأن أكون من النواة الاصلية التي حولت هوية ووظيفة العقار، كما حرصت على جعله يواصل التعبير عن تلك الهوية اليسارية المشتركة بين المناضلين بعد مغادرتي له إثر تخرجي، بأن سلمت مفاتيح التجربة إلى “حراس” جدد موثوقين رحم الله من توفي منهم..

أعني أنني لا أستطيع منع نفسي من التماهي مع العمل، أو أن أحس نفسي بحق أحد الحراس الواقعيين لتلك الدار مقابل الشخوص التخييلية السردية التي أبدع وجودها صاحب العمل، او على نحو أدق بالموازاة معه حتى قبل أن تتاح لي فرصة الاطلاع عليه..

حراس ابن خلدون: حكاية مكان

“تشغل الرواية الجديدة لمحمد الهجابي “دار ابن خلدون”، حسب الكاتب، مساحة زمنية افتراضية تبتدئ من أواخر الستينيات من القرن العشرين إلى غاية مستهل التسعينيات منه”، لافتة إلى أن “هذا العمل السردي التخييلي سعى إلى عرض مسارات أفواج من مناضلي حركة 23 مارس، التي مرت بمرحلة العمل السري وشبه السري بالمغرب منذ أوائل سنة 1970، ثم باشرت مرحلة الشرعية القانونية في سنة 1983، عقب صدور عفو ملكي على السياسيين المنفيين خارج الوطن بداية الثمانينيات، ضمن وضع سياسي فرضته القضية الوطنية واحتدام الأزمة الداخلية”.

للإشارة فقد صدر للكاتب والصحفي والفنان التشكيلي، محمد الهجابي، العديد من المؤلفات؛ نذكر منها: “زمان كأهله (رواية)، 2004″، و”بوح القصبة (رواية)، 2004″، و”موت الفوات (رواية) 2005″، و”كأنّما غفوت (قصص)، 2007″، و”إناث الدار (رواية)، 2011″، و”قليل أو كثير أو لا شيء (قصص)، 2013″، و”بيضة العقر (رواية)، 2015″، و”نُواس (قصص)، 2015″، و”زنبركات (قصائد نثرية)، 2016″، و”لك ولهم (قصائد نثرية)، 2016″، و”لغوٌ سائرٌ بيْننا (قصص)، 2021″، و”المالغيقراط (رواية)، 2023.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا