
بسمة نسائية/ مبدعات/ نساء خالدات
“مبدعات” هن” نساء خالدات” ركن جديد ينضاف إلى أركان ” بسمة نسائية” يسلط الضوء على أسماء نسائية أبدعت أدبيا وفكريا وثقافيا وفنيا، فكن بالفعل نساء خالدات ومؤثرات.
اليوم مع اسم مغربي عربي وعالمي، فاطمة المرنيسي ملهمة “مجلس الحب والمحبة“، شهرزاد المغرب المتمردة على مجتمع الحريم.
من أقوالها:
-“يمشي الكثير على شواطئ حياتنا، لكن القليل من يترك الأثر“.
-“الحقيقة هي الشيء الوحيد الذي لا يصدقه الناس“..
حين قررنا أن نستحضر ضمن هذا الركن، مسارات نساء خالدات ومؤثرات، فرض اسمها نفسه. هي عالمة الاجتماع وأيقونة النضال النسائي بالمغرب، فاطمة المرنيسي، التي صنفتها صحيفة “الغارديان” البريطانية عام 2011، واحدة من النساء 100 الأكثر تأثيرا في العالم.
عاصرت مجتمع الحريم.. عالمة المستقبل
ولدت فاطمة المرنيسي بمدينة فاس عام 1940، وترعرعت بين نساء العائلة في وسط وصفته بـ”الحريم”، وهنا اطلعت الطفلة باكرا على جانب من حياة المرأة في المجتمع المغربي، ومن خلال روايتها “نساء على أجنحة الحلم” التي تعد شبه سيرة ذاتية، تكشف عالمة الاجتماع بالإبداع الأدبي الحدود بين الرجال والنساء، وكيف يمارس الرجال سلطة مطلقة داخل البيت، على عكس النساء اللاتي لا تستطعن الإدلاء برأيهن.
تأثرت في طفولتها المبكرة بحكايات “ألف ليلة وليلة”، التي سمعتها من جدتها، وأعجبت بشخصية “شهرزاد ” لتلقب هي نفسها ب “شهرزاد المغرب”. كما تأثرت فيما بعد بعمتها التي تعلمت منها معنى الحرية.
وتقول بهذا الخصوص في روايتها ” نساء على أجنحة الحلم”، إن عمتها حبيبة التي طلقها زوجها دون سبب، كانت تخبرها دائما أن “كل شخص يمكن أن يمتلك أجنحة ليحلق، لكن التحليق لن يتحقق إلا بشرطين، وعي الشخص بأنه محبوس داخل قفص، وتوفره على الإرادة لكسر القفص”.
من هنا، بدأ وعي فاطمة المرنيسي بالقضية النسائية، فبالنسبة لها لا بد للنساء أن يكسرن حاجز الصمت، أن يتكلمن ويحكين مثل “شهرزاد”. لقد أدركت، وهي التي كانت من أوائل المغربيات اللاتي يدرسن في مدارس خاصة وليس في مدارس الاستعمار، أن الكتابة هي وسيلة عظيمة للمرأة من أجل التحرر من قيود المجتمع.
ورغم مرور 7 سنوات على رحيلها، (توفيت في 30 نونبر 2015)، إلا أن سيرة “شهرزاد الثائرة” لا تزال حاضرة في كل المناسبات والمنتديات المتعلقة بالنضال النسوي.
إذ كرست الكاتبة، حياتها في مناصرة قضايا المرأة والدفاع عن المساواة بين الجنسين. ورغم أنها تعتبر عالميا ككاتبة وعالمة اجتماع نسوية علمانية، إلا أنها ورغم أن العديد من مؤلفاتها ومحاضراتها تعتبر مرجعا أساسيا للحركة النسوية المغاربية والعربية، إلا أنها لا تصنف ضمن خانة مناضلات الحركات النسوية التي تعمد إلى إقصاء الرجل كقاعدة من أجل إثبات الذات، بل إنها انتقدت مرارا هذا التيار السائد في الغرب. كما انتقدت نظرة الغرب إلى المرأة، وقدمت قراءة فيما وراء “الحجاب” للنظرة الطوباوية التي يصدرها إلينا العالم الغربي.
وتؤكد المفكرة التي حصلت على الدكتوراه في علم الاجتماع بالولايات المتحدة، أنها ترفض التيار السائد في الغرب، حيث الحركات النسوية هناك خالصة ولا مكان فيها للرجل، بل إن وجودها يقوم أساسا على إقصاء الجنس الآخر.
اهتمت في كتاباتها بالإسلام والمرأة وتحليل تطور الفكر الإسلامي والتطورات الحديثة.
بالموازاة مع عملها في الكتابة تقود كفاحا في اطار المجتمع المدني من أجل المساواة و حقوق النساء، حيث أسست القوافل المدنية و تجمع “نساء,عائلات,أطفال”.
في ماي 2003 حصلت على جائزة الأدب من طرف أمير أست English Profile
أعمالها :
أغنت فاطمة المرنيسي المكتبة المغربية والعالمية، ب أكثرمن 15 مؤلفا قيما، بينها “الحريم السياسي”، و”نساء على أجنحة الحلم” و”الإسلام والديمقراطية”، و”سلطانات منسيات”، وبعض هذه الكتب نشرت في دور النشر العالمية، و ترجمت إلى العديد من اللغات.
ففي كتابها “شهرزاد ترحل إلى الغرب” تعتبر أن دونية المرأة إرث مشترك بين الشرق والغرب. بل إن مفهوم الحريم في الغرب أشد احتقارا للمرأة من مفهوم الحريم في الشرق.
وبحسب ما جاء في إحدى فقرات الكتاب الذي أثار ضجة كبيرة، “فإذا كان الحريم في الشرق يحيل على واقع تاريخي ومتخيل للنساء قوة فيه، وأبعد ما يكون عن الشهوانية والفراغ والعري، فإنه في الخيال الغربي يحيل على نساء خاضعات ومستسلمات مرتعا للهو، وهو ما تجسد في لوحات الرسامين الذي كانوا يستمتعون برسم نساء سجينات، ناسجين رباطا لا مرئيا بين المتعة والاستعباد..
وفي كتابها، تقول عالمة الاجتماع إن “ما يميز الرجال الأوروبيين عن غيرهم أنهم يظنون أنفسهم متحضرين ومحصنين ضد رؤية المرأة الجارية الخانعة، ولكن فيروس المرأة الجارية يهاجم الجميع ويكفي أن نلقي نظرة على الإعلانات الغربية”، في إشارة إلى عرض جسد المرأة كمروج للسلع الاستهلاكية.
يشار إلى أن المرنيسي حصلت عام 2003 على جائزة أمير أستورياس للأدب (أرفع الجوائز الأدبية بإسبانيا) مناصفة مع سوزان سونتاغ. وحازت عام 2004 على جائزة “إراسموس” الهولندية إلى جانب المفكر السوري صادق جلال العظم والإيراني عبد الكريم سوروش، وكان محور الجائزة “الدين والحداثة”…
فاطمة المرنيسي ملهمة “مجلس الحب”..
الحديث عن مسار فاطمة المرنسي، لا يمكن اختزاله في هذه الورقة، فإنتاجاتها غزيرة ومساهماتها الفكرية والعلمية لا حدود لها، إضافة إلى مبادرتها الإنسانية التي لا حصر لها. فكثيرة هي الأفكار والمبادرات التي دعت إليها فاطمة المرنيسي، ومنها مجلس المحبة الذي أصبح تقليدا سنويا ينظم من قبل جمعية “جمع المؤنث” ومجلة سيدتي العربية، بعد أن التقطت الفكرة الإعلامية سميرة مغداد مديرة مكتب سيدتي بالمغرب، وبات مجلس المحبة موعدا سنويا يحتفي بالحب والمحبة تزامنا وعيد الحب في 14 فبراير من كل سنة. والجميل أن مجمع “مجلس المحبة” يستحضر عند كل موعد اسم و روح الملهمة فاطمة المرنيسي والراحلة حياة دينا الرئيسة المؤسسة لجمعية “جمع المؤنث” التي باتت تشرف عليها شقيقتها الدكتور كوثر دينيا.
1/ صورة من اللقاء الذي طرحت خلاله فاطمة المرنيسي فكرة تأسيس “مجلس الحب”
2/ أول مجلس يعقد برعاية حياة دينا وسميرة مغداد
وقبل أيام، احتفل “مجلس المحبة” بنسخته الثامنة بمفهوم جميل للحب” حب الوطن”،
3/ صورة من “مجلس المحبة” الأخير برعاية كوثر دينيا التي حملت مشعل ” جمع المؤنث” وسميرة مغداد مديرة مجلة “سيدتي العربية”.
وعن ذلك قالت سميرة مغداد لبسمة نسائية:”
مجلس الحب دعوة من الراحلة فاطمة المرنيسي لنشر ثقافة التسامح وتعزيز التواصل الإنساني باسم الحب..الفكرة طرحتها بمقر “جمع المؤنث” خلال تقديم كتابها “الحب في الدول الإسلامية”. وحين اكتشفت غنى الثقافة العربية الاسلامية في معاني كلمت الحب التي لها ما يزيد عن 70 مرادف، التقطت الفكرة وألهمتني وطرحتها على المرحومة حياة دينيا، التي رحبت بها وكان ذلك بداية إحداث لقاء سنوي لمجلس الحب بين جمع المؤنث وسيدتي، والذي تحول بعد تداول للفكرة إلى مجلس المحبة ليكون المفهوم أشمل لمعنى الحب.