الثروة والسلطة…

بسمة نسائية/ منبر بسمة
بقلم: محمد نجيب كومينة
عندما تجتمع الثروة والسلطة في نفس الايادي، فإننا لا نكون فقط بصدد تضارب المصالح، لان زواجهما يعني الطغيان والاستهتار والاستهانة المطلقة بالمواطنين. زواجهما يعني أن من “يحوشون” الثروة هم أنفسهم من يفرضون البرامج العمومية التي تحمي سيطرتهم عليها و احتكارها، وهم من يفرضون القوانين التي تناسب احتكارهم لها و تعاقب من يسرق خبزة كي لا يموت جوعا، وهم من يحددون النظام الضريبي الذي يلائم أرباحهم و ينقلون العبء الضريبي ليلقوه على من يشتري حاجيات تضمن له العيش كي يخدمهم، وهم من يقومون بتحديد الخرائط السياسية و نتائج الانتخابات و توازن القوى داخل المؤسسات، وهم من يوجهون الإعلام العمومي والخاص..
وهم من يصوغون الخطاب المطلوب تعميمه، وهم من يسعون إلى جعل المخدرات الحقيقية والافتراضية تذهب بالعقول وتجعل شباب البلاد يصاب بنوع من البلاهة، وهم من يخلقون المعارك التي يرونها نافعة لثرواتهم وسلطتهم وهم من يقررون ايقافها.
زواج الثروة والسلطة لا يمكن معه بناء أي رهان ديمقراطي، لان استمراره يتطلب الطغيان والامعان في الطغيان وخلق الفراغ و تسليط كل الوسائل الخبيثة، القديمة والجديدة، لخنق حرية التعبير ولتحويل التعددية السياسية وغيرها إلى فلكلور، وتحويل السياسيين والسياسيين، المعينين أو المدفوع بهم، إلى راقصات في بار.
مع زواج السلطة والثروة يستحيل الحديث، مجرد الحديث، عن دولة اجتماعية، أو عدالة اجتماعية أو تنمية بشرية أو دامجة، لان استمرار احتكار السلطة والثروة يتطلب أول ما يتطلب وجود اقتصاد الحرمان، اقتصاد التمخيل وليس اقتصاد التوزيع والتوازن، فضحايا الحرمان غالبا ما ينشغلون في الاول والاخير بتحاشي الجوع ولا يمكن لهم والحالة هذه التفكير في سوء أوضاعهم ولا في تغييرها أو المطالبة بتحسينها. منذ ان أصبحت الليبرالية المتوحشة نهجا مفروضا تراجعت النقابات وصار على رأس بعضها مليارديرات يشكلون جزء من الائتلاف الذي يكرس احتكار الثروة والسلطة.. وتراجعت أحزاب اليسار التي انتقل كثير من اطرها إلى الضفة الاخرى علنا او بصمت وصارت جزءا من الفلكلور.
لا إصلاح ولا حرية ولا ديمقراطية ولا حتى تقدم حقيقي ونوعي في انتاج الثروة والنمو ولا تنمية اجتماعية أو بشرية في الحالة التي تتميز باحتكار الثروة والسلطة. الممكن في هذه الحالة هو الاهتزازات الفجائية ذات الخطورة المتفاوتة والتي يمكن ان تكتسي طابع طوفان عندما يميل محتكرو الثروة والسلطة إلى الإمعان في الطغيان واعتبار من يخضعون لهم مضطرين أو غير واعين أشباه حيوان. حتى الحيوان ينتفض عندما يشتد عليه الضغط والطغيان ويركل ويعض ويقمش و يصرخ…