انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

“شيء مني”…. ذاكرة قلب ..

بسمة نسائية/ أصواتهن

صور: محمد بلميلود

بعد محطة الرباط، واستضافتها من قبل شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب، كانت المحطة التالية مدينتها طنجة، حيث حلت سميرة مغداد ضيفة على فضاء المديرية الجهوية للثقافة، في أمسية دافئة وحميمية حضرتها صديقات سميرة مغداد وأفراد من أسرتها ووجوه عديدة من أبناء طنجة من عالم الفن والإعلام والثقافة.

فكانت شهادات صادقة في حق المحتفى بها من قبل زميلين وصديقين لسميرة مغداد هما عبد الله الدامون وعمر أوشن رفيقي الصبا والدراسة والصحافة..

اللقاء نشطته الكاتبة والشاعرة إكرام عبدي وتخللته قراءة في كتابها “شيء مني” للشاعرة والصحفية فتيحة النوحو، ننقله لقراء “بسمة نسائية”، لكل غاية مفيدة.

“شيء مني” ….ذاكرة قلب  الإعلامية والكاتبة سميرة مغداد

بقلم: فتيحة النوحو

صدر للكاتبة والإعلامية سميرة مغداد كتاب “شيء مني” عن دار النشر السليكي أخوين   مزدانة بلوحة غلاف للفنانة التشكيلية صابرين لحرش.

وأول مفردة تستوقفنا في هذه الأظمومة، هو العتبة البصرية المتمثلة في لوحة الغلاف بتدرجاتها اللونية الداكنة بطعم الحنين، حيث نجد آلة الخياطة تنتصب كنصب تذكاري للذاكرة التي هي كناية عن دثار وجداني صامت صاخب في آن، فتوظيف آلة الخياطة يحيل على الرتق والتلحيم لذكريات ومواقف وحوادث تستعيده الكاتبة الإعلامية سميرة مغداد بالحياكة والحكاية.

فالذات الكاتبة هي نفسها سميرة التي تكتب تحلم وتحن..

يمكن بعد اذنها طبعا، أن أتطفل على العنوان بوضع صيغة أخرى موازية وأقيس ب” مني شيء ونقط استرسال …..دالة على امرأة لا يمكن أن نستشف هل هي  تسكن بين  حنايا الفؤاد  ام تأسر بين اصفاد القلب؟ وهذا يستوقفنا في أول جملة من أول نص من الكتاب حيث تبوح  ” شيء مثير ان تسمع دقات قلبك جهارا ”  وفي نفس النص تقول  للقلب حكايات منذ قديم الزمان..

فالذات الكاتبة هي الوسيط بين ما هو ثاوي من حنين للماضي وبين ما هو يقظ من حاضر.

سميرة مغداد امرأة من الريف ليس ببعده الاثني لكن بمعناه المجالي تحرس جغرافية الانتماء للمكان ولعوائده ولأهله، فهي لا تتحدث عن عاطفتها وأفكارها الخاصة فحسب، حيث لا ينفصل ما بداخلها عما يوجد خارجها.  فالأصوات التي تتزاحم في داخلها هي أصداء المحيط الذي يحيط بها أيضا.

لذا نكون في حيرة من تصنيف النصوص في جنس سردي معين ، فان كانت قد نثرت  في هيئة  عمود صحفي، لكن نجد  كل الموضوعات المطروقة قابلة للتذويت  الجمعي ومشرعة على كتابة الذاكرة  الذاتية والجماعية، فضلا عن كونها تنهل من خط سير ذاتي ان تعمقنا في كل ما تنطوي عليه صوامت السطور، إذ نستنج سطوة حضور الانا الخفيضة  في استحضار الزمن الذي انفلت، بالبوح  باللوم بالعتاب وبالعفو.

فاللغة في مجموع النصوص تدنو من المتلقي تشعره بكم من الكلمات  التي تراعي   وترعى العلائق المتعددة بين الناس في حفظ  المودة والاثيرية.

الكاتبة سميرة مغداد في متنها هذا وعبر رحابة الصيغ تسائل قيمة تكاد تغيب وتتوارى هي الصداقة، فنجدها وفية ليس للأصدقاء بالتحديد، بل للصداقة في حد ذاتها، ويبرز هذا بشكل جلي في رسالة بين القضبان لصديقها علي وهو في محنته حين  تقول:

فكرت في إعلان مسيرة سلمية موشحة بالسواد تحمل ورودا حمراء وشموعا مضيئة تحكي حزن الحبر والقلم على نكبة صحفي عتيد.  

وفي عبارة أخرى تقول: اختلفت عنا كثيرا في التعبير عن حب الوطن ” وأجد هذا النص على وجه الخصوص والذي لامس شغاف  التأمل  حيث استنتجت أن  الاختلاف لا يفسد في الصداقة وفاء “.

هناك أمثلة كثيرة على تمسك الساردة، بهذه الميزة في المجموعة كنص صديقات طنجة   لكن لنترك فرصة للقارئ لاكتشافها على امتداد النصوص التي احتواها المؤلف

من جانب آخر، نستشف تعددية الهويات اللغوية المتمثلة في  العربية الفصحى الدارجة الامازيغية أو الريفية، مما يدفع بنا  لاستحضار بنية النصوص  التي تعتمد على الثنائيات:  الدال والمدلول، المنطوق والمكتوب، فالساردة  تعي  ما ينفلت من الذاكرة للورق  وما تدعوه هي تحت مجهر رقابتها.

فقدرتها على شحن كم هائل من العواطف في نص  قصير، بالتكثيف باستذكار الحواس النابع عن وجدان متقد يترجم عبر  كتابة تتأسس على حالات تجسد الاستماتة في مقاومة النسيان، نسيان الهوية الجمعية، فرغم وجود صوت سارد في مجموع القصص لكن  تحكمها السنة أخرى تنبعث من داخل المتن، باعتبارها نماذج  تعيش في الواقع الاجتماعي، فبتفصيل صغير استطاعت الكاتبة  تنويع  موازين مختلفة  للسرد  فالأشياء التي تستثير الكاتبة وهي تبدو بسيطة  لكنها، ومن خلال اقتناص الإشارات  العابرة  تدحض  لأهميتها في التناول و الدفع بها الى جسد النص.

فالواقع يوحي للكاتب ما يراه مناسبا لموقع كنه الأشياء ليعطيها أولوية حسب خلفيته المعنوية أثناء عملية الكتابة تحت إلحاح حاجات وجدانية لحظية وقد لا نحكم عليها كونها انتقائية عبر آلة الوعي بل بحكم ألحيتها في الانبعاث من مرقد الذاكرة.

وسانهي هذه الورقة التي لا تدخل طبعا ضمن الإحاطة النقدية المتخصصة، بل بناء على تجربة متواضعة في التفاعل مع فعل المطالعة. إن “شيء مني” هو كناية عن كتابة على السجية تقبض على زمن الحكي بنبض القلب.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا