وداعا أيتها السنة التي مضت !.
بسمة نسائية/ منبر بسمة
بقلم: ادريس أنفراص
في زمن يحاصرنا فيه القتل والإبادة.
في زمن تجاوزت فيه بشاعة الإنسان كل الحدود..
في زمن صرنا نمشي فيه فوق الأشلاء وفوق الدماء دون أن نبالي..
في زمن تقف فيه فلسطين وحدها في وجه الغول..
وفي وجه خيانة ذوي القربى، بل ووقوفهم مع العدو في نفس الخندق !.
في زمن مات فيه الإنسان وبقي الوحش..
في هذا الزمن، ورغم الألم…
سنلوح للأمس بيدنا المرتعشة، ونقول له وداعا، دون أن ندري بأننا نودع جزءا منا.
سنلتفت للوراء ونقول :”ها سنة مرت وقد أكملناها بالتمام”. سنحدق في العمر الذي مضى ونتنهد قائلين:”ياه. كم يسرع هذا العمر في خطاه؟ ماله يطوي المسافات سريعا، دون أن يتوقف لنلتقط الأنفاس؟” ..
سيغمرنا الفرح، وسنرقص ونحن نعد الدقائق والثواني التي تفصلنا عن لحظة الصفر!. لحظة بزوغ أول خيط من ضوء نهار جديد يولد من رحم السنة الجديدة، ولحظة توديع آخر ليلة من السنة التي ستنسحب بعد لحظات قليلة .. سنصرخ فرحين ونتقافز وأيادينا تعلو إلى فوق، وكأننا نريد القبض على قطعة من السماء، أو على إحدى النجمات المعلقة هناك، وبعضنا يضم بعضا في الأحضان، وفي اللحظة الموعودة، أي في لحظة الصفر!، سيكون تعب الانتظار، وما أهدرناه من طاقة في الصراخ والقفز من شدة الفرح، قد أخذ منا كثيرا من الجهد، فنقرر أن نمد يدنا للسنة الجديدة كي تحملنا بين الذراعين وتقطع بنا المسافات والدروب إلى محطة يكون كل واحد منا قد اختارها وجعلها أمنية ينتظر أن تتحقق. هناك من يصل، وهناك من يقطع نصف الطريق، وهناك من تخونه الحياة فيكتفي ببعض الخطوات لأن العمر انتهى وانطفأ.
هي السنوات تمضي، وتأخذنا في هرولتها لاهثين عسى نلحق للقبض على تلابيبها، عسى نحقق بعض ما تصبو إليه النفس وتتوق، وحين ترتخي يدنا ونتعب من الجري واللهاث، وتتقطع فينا الأنفاس، وتظهر على الوجه علامات الزمن، ترتسم خطوطا وتجاعيد، نرنو مرة أخرى إلى سنة قادمة، فنبدأ في استحضار قائمة الأماني الجديدة، لسنة نقول عنها جديدة، فننتظر وصولها لنطوي صفحة أخرى من العمر، ثم نستأنف الانتظار في هذه القاعة الواسعة التي اسمها الحياة..