انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

الشيخ توفيق أبرام: “الملحون هو ديوان المغاربة وهويتهم”

الملحون فن ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادّي للبشرية

بسمة نسائية/ ثقافة وفنون

*عزيزة حلاق

مع الإعلان عن قرار إدراج شِعر  وفن الملحون (المغربي) ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادّي للبشرية، وهو القرارُ الذي اعتمدته اللجنة الحكُومية الدولية لصوْن التراث الثقافي غير المادّي لمنظمة اليونيسكو، يوم الأربعاء 6 دجنبر الجاري 2023، في إطار دورتها ال 18المنعقدة بجمهورية بوتسوانا، كان توفيق أبرام من بين الأوائل الذين تفاعلوا مع الخبر مباشرة ونشر على صفحته بالفايسبوك تدوينة قال فيها:” بمناسبة إدراج فن الملحون في اللائحة التمثيلية لمنظمة اليونسكو تراثا لا ماديا وفنا شعريا وموسيقيا شعبيا، نهنئ المغاربة قيادة وشعبا ,ونشكر كل المنضويين تحت لواء منظومة فن الملحون”.

توفيق أبرام، هو واحد من الأسماء البارزة اليوم، التي تحمل مشعل فن الملحون، وهم الحفاظ عليه، لم يكتف بالإنشاد وحفظ قصائد الملحون، بل هو شاعر زجلي أيضا، يكتب (قصايد الملحون بقواعدها) وعاشق حتى النخاخ لهذا الفن المغربي الأصيل. توفيق أبرام من مواليد مدينة سلا، المدينة يسكنها وتسكنه، فأصيب “بمتلازمتها”، وفق تعبيره.

تولع بفن الملحون منذ الصغر، منذ أن كان عمره 12 سنة، وكانت المدرسة أنداك فضاء خصبا لإظهار المواهب وبالأخص في المناسبات والأعياد. كانت أول مشاركة له بقصيدة “فاطمة” للشيخ ادريس بنعلي, التي يقول مطلعها “أرحمي يا راحة الروح ترحامي…بك طال سقامي…الخ القصيدة).. لقي أداؤه استحسانا من قبل الجميع وكان يطلب منه غناؤها في المناسبات العائلية. لكن، لم يكن الأمر بالنسبة له سهلا أمام المعارضة الشديدة للوالد رحمه الله، والذي كان يخشى عليه من أن يلهيه الفن عن الدراسة، مما جعله يبتعد مضطرا عن ممارسة حبه لهذا الفن لفترة دون التوقف عن الولع والشغف به.

لكن وفي سنة 86 التحق بفرقة مسرحية وهي نادي “الفصول المسرحي” والتي أحيت فيه شعلة الموهبة وهي تجربة فاصلة ومهمة بالنسبة له وكيف لا وقد تمكن من خلالها من معانقة الإنشاد مرة أخرى و تفحير موهبته ومهاراته في الكتابة والإنشاد والابحار في عوالم الملحون،  فبدأ بعد ذلك في التردد على بعض المقاهي الشعبية التي كان من روادها ثلة من الشيوخ والفنانين. حيث تتلمذ على يد بعضهم ممن عاصرهم مثل الشرقاوي الناصري سعيد بنبراهيم عبد اللطيف العلمي ومولاي المهدي العلوي، كما تأثر بالمدرسة السلاوية القديمة لشعر الملحون كالشيخ عبد الرحمان حمدوش والشيخ محمد الشليح من خلال قصائدهما ومعجمهما القوي. مما ساعده على معانقة عوالم السجية والنظم.

 ماذا عن لقبه بشيخ الملحون؟

توفيق أبرام استحق بعد مسار طويل، لقب “شيخ الملحون”، وهو اللقب الذي كان بالسابق يمنح كما شرح لنا، من طرف “شيخ الشيوخ” وهو أعلى لقب في فن الملحون ويعادل بلقب “المزوار” في الطريقة العيساوية.

والشيخ نوعان، شيخ السجية وهو الشاعر ويكون ملما بقياسات ومرمات وعروض الملحون وشيخ الكًريحة والمنشد البارع الملم بالطبوع والمقامات. وكان الشيخ يتتلمذ على يد “شيخ الشيوخ”. لكن الآن لم يعد هناك “شيخ الشيوخ”, بل هناك معاهد يتلقى فيها التلاميذ أصول إنشاد الملحون بطريقة بيداغوجية حديثة. ولقب الشيخ الآن يكتسبه الممارس بالخبرة.

شارك توفيق أبرام في العديد من المهرجانات الوطنية في إنشاد الملحون، وساهم في تنشيط العديد من البرامج حول الملحون بالإذاعة الوطنية والقنوات التلفزية.

كما أشرف على ورشات تكوينية للإنشاد وكتابة القصيدة الملحونية. له مساهمات أيضا في عدد من المهرجانات الزجلية والشعرية، لعل آخرها مهرجان سيدي عبد الرحمان المحذوب للكلمة والحكمة بمكناس.

صدر له سنة 2015  ديوان أسماه (سلوان القلب والروح) قرأه وقدمه الأستاذ الباحث نورالدين شماس, وله ايضا ديوان آخر سيرى النور قريبا بعنوان (قريحة اللواعج).

كما يستعد لنشر كتاب (صور من الطفولة) هي مذكرات على شكل سيرة ذاتية تخص مرحلة الطفولة قسمها إلى أحداث، لكل حدث عنوان، وهي أول تجربة لي في السرد بعيدا عن بحور الملحون وعروضه..

ماذا عن واقع فن الملحون ومستقبله؟

عند الحديث عن الدعم الفني، يطرح سؤال عن مكانة الملحون ونصيبه من هذا الدعم الذي يبدو حاليا أن الملحون مقصي منه، يقول الشيخ أبرام، حين يتحدثون عن الدعم يكون المسرح أولا ثم الموسيقى بتنويعتها العصرية فقط، بينما لا وجود للملحون في قائمة المدعمين، والمشكل الأول في ذلك هو عدم هيكلة ممارسيه، بحيث ليس لهم تكتل نقابي أو إداري أو سند قانوني. وما يتقاضاه جوق الملحون بأكمله في حفل أو مهرجان لا يصل حتى إلى ربع ما يتقاضاه فنان شاب حديث العهد بالغناء تخرج للتو من مدرسة ّالبوز” ويوتيوب وسلّطت (بكسر اللام) عليه الأضواء. وفي بعض الأحيان يعامل رجل الملحون بما لا يليق بمن يحمل على عاتقه صون وحماية ورواج تراث أنفس مما تتصوره عقول عششت فيها كل أنماط التفاهة والحموضة المركزة.

لكن ومع هذا الاعتراف اليوم، من طرف منظمة دولية من حجم اليونسكو بهذا الفن كتراث لامادي للإنسانية، لا يمكن إلا أن يكون ذلك إيجابيا بالنسبة لفن الملحون وممارسيه ودارسيه. ويتمثل ذلك في لفت انتباه المغاربة إلى أهميته الثقافية والتاريخية لأن الملحون هو ديوان المغاربة وهويتهم. و هي إشارة أيضا للقيمين على الشأن الثقافي لدعمه بكل الوسائل ليستمر في توهجه وإشعاعه.

بقي أن نشير إلى أن توفيق أبرام، هذا الفنان العاشق للأصالة، وعاشق للوطن، هو ضابط سابق، عمل كرجل امن المهمة التي تقاعد منها مؤخرا. ومن بين مشاركاته تلك التي بصم عليها في المعرض الدولي للكتاب في الدار البيضاء والرباط من خلال رواق المديرية العامة للأمن الوطني بعرض وتوقيع ديوانه “سلوان القلب والروح”.

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا