“موسم طانطان” احتفاء بثراء وتنوع الثقافة الصحراوية..

طانطان/ بسمة نسائية/ ثقافة وفنون
ينتظر أن ينطلق اليوم السبت الافتتاح الرسمي لفعاليات الدورة 16، لمهرجان “موسم طانطان”، الذي ينظم هذه السنة تحت شعار “موسم طانطان …تثبيت للهوية ورافعة للتنمية المستدامة”.
فعلى مدى أسبوع، ستعيش طانطان، على إيقاع موسم ثقافي تراثي وفني، يحتفي سنويا بثراء وتنوع الثقافة الصحراوية.
وكما جرت العادة، التحق عدد كبير من ضيوف المهرجان أمس الجمعة 7 يوليوز الجاري، ومختلف المنابر الإعلامية التي حضرت لتغطية هذ ه التظاهرة، بالوفد الرسمي الذي قام بزيارة ضريح الشيخ محمد الأغضف، الولي الذي ارتبط اسمه منذ وفاته بهذا الموسم كملتقى ذو طابع روحي، بجانب أبعاده الاقتصادية والاجتماعية.
ويأتي هذا الموسم للقاء وترسيخ التقاليد المحلية ومنح فضاء شاسع لمختلف القبائل الصحراوية التي تلتقي في ساحة “ساحة السلام والتسامح” حيث نصبت فيها الخيام لأكثر من 30 قبيلة، يقدم منتسبوها بعض من أدوات تقليدية وطقوس محلية أشهرها جلسات ارتشاف “الشاي الصحراوي”، أو ما يعرف محليا وباللهجة الحسانية ” نتييوا”.
وعند مدخل هذه الساحة أحدثت أجنحة خاصة، منها جناح الخيام الموضوعاتية لوكالة الجنوب وجناح الألعاب الشعبية وجناح مسابقة الطبخ التقليدي وجناح العناصر المعترف بها من طرف اليونيسكو وجناح دار الصانع وخيمة الشعر. وجناح الامارات العربية المتحدة، البلد العربي الذي صار شريكا لهذا الموسم السنوي، الذي اكتسب صيتا كبيرا وشهرة واسعة، خاصة بعد أن أعلن سنة 2005 من قبل منظمة اليونسكو رائعة من روائع التراث الشفهي وغير المادي للإنسانية، واعتبر كنزا من كنوز الثقافة الصحراوية المغربية.
*فلسفة وتاريخ موسم طانطان
يعتبر موسم طانطان، شهادة حية وفريدة على ثراء وتنوع التراث الثقافي للبدو الرحل في الصحراء. إذ يرمز إلى السلام والتسامح، ويشكل فضاء مهما للتبادل الثقافي والاقتصادي بين القبائل، باعتباره التقاء البدو الرحل من مختلف الأقاليم الجنوبية للمملكة والدول المجاورة. إذ يشكل موسم طانطان موعداً سنوياً لاجتماع نحو 30 قبيلة من قبائل الرحل التي تعيش متنقلة بين الجنوب المغربي وموريتانيا، في مهرجان عفوي تلتقي فيه التجارة بثقافة وتقاليد الرحل وعاداتهم ونمط عيشهم المميز.
وعن تسمية “طانطان”، يقال إن هذا الموسم التلقائي كان يلتئم حول بئر على ضفاف وادي بن خليل، الذي استمدت منه مدينة طانطان اسمها الذي سيحمل على مر الزمان صدى طنين قطرات الماء المتساقطة من دلو معلقة على بكرة في فتحة بئر.
ومنذ 1963 وبعد وفاة الشيخ محمد الأغضف، تم تنظيم هذا الموسم سنوي كموسم ذو طابع روحي، قبل توقفه ما بين 1979 و2004، لأسباب أمنية في المنطقة.
وفي 2004 كانت انطلاقة جديدة لهذا المهرجان، ترأس افتتاح دورته الأولى صحاب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد والمدير العام لليونسكو وقتها، كويشيريو متتسورا.
وفي السنة التالية، 2005، حصل موسم طانطان، الذي تشرف على تنظيمه جمعية ألموكار، على اعتراف اليونيسكو به كتراث شفهي لا مادي للإنسانية، ليُدرج في لائحة التراث الثقافي للإنسانية سنة 2008.
وعلى الرغم من أن الموسم الجديد اتخذ بشكل مهرجان حديث، فإنه ظلّ يختزل الحياة البدوية بتقاليدها العريقة وثقافتها المتنوعة والغنية. وأصبح موسم طانطان مرآة لهذا الموروث، ورافعة للحفاظ عليه وتثمينه.
المهرجان تتخلله فقرات متنوعة، تتميز بالأساس ب سباق للجمال وعروض الفروسية المغربية بجانب أمسيات شعرية وحفلات ارتشاف الشاي الصحراوي، وجلسات سماع للفن الموسيقي والشعري الحساني، وسهرات فنية بمشاركة نجوم الأغنية المغربية، وفرق شعبية من مختلف جهات المغرب، .
بالإضافة إلى ندوات فكرية ومعرض للوحات فنية وآخر للمخطوطات الصحراوية. بجانب أنشطة جمعوية ورياضية وثقافية تنظم من قبل الجمعيات المحلية
وتتوزع هذه الأنشطة، في عدد من فضاءات المدينة، خاصة السهرات التي سيُحييها عدد من الفرق الموسيقية والفنية، كما أنه وبشراكة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، ستنظم يوميا سباقات الإبل بساحة “السلام والتسامح” بجانب عروض لأشكال تراثية غير مادية تعكس غنى الثقافة وتنوع الموروث الأصيل..
ويشكل الموسم أيضا، فرصة لتنظيم عدة أنشطة جمعوية دأبت مؤسسة ألموكار على القيام بها لفائدة ساكنة المنطقة، إذ وقع الاختيار هذا العام على مجموعة من الجمعيات التي قدمت مشاريع ملموسة تروم دعم الساكنة وتشجيع المشاريع المدرة للدخل خصوصا في صفوف الشباب والنساء.
وبغرض منح المشاركين فرصة لإبراز مدى حرصهم على المحافظة على تراث منطقتهم وتقاليدها العريقة، ستنظم خلال أيام الموسم مسابقات في الألعاب التقليدية المتوارثة من جيل إلى جيل، وأخرى في الطبخ الصحراوي المحلي باعتباره جزء لا يتجزأ من التراث الأصيل.