انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

جديد المرادفات عن الذاكرة والذكريات!

بقلم: هاديا سعيد

بسمة نسائية/ أصواتهن

١- صدقوا أو لا تصدقوا:

الذاكرة هي: تواريخ. أرشيف. طريق. كتاب. مكتبة. صور. أرقام. أسماء. أشخاص. أماكن. مباني. مكاتب. أثاث. أدوات. رفوف. خرائط. أطر. أقلام. ورق. هواتف. آلات. سيارات. قطار. مناظر. محلات. أشياء. أكداس. أعمدة. هياكل. مساحات…. سفر. أوراق رسمية.  حرب. سلم. طقس.  بلاد. آفاق مبرمجة في عقلي. إنها الوعاء والهندسة.

الذكريات هي: بقايا شموع. يد تربت على كتف. دمعة مالحة. ضحكة كالموسيقى. فراش ينتظر. قبلة أمي. دمعة أبي. تلويحة وداع. عناق. شجار. زعل. تراضي. فلاح على أرض بور. زهرة ذابلة من الجفاف. أنين. رسالة محت سطورها الدموع. صياح عشاق في شارع عام. عائلة تختبىء تحت الطاولة لحظة القصف.  مفتاح بيت قديم. رائحة بيت جديد. تلويحة في مطار. آخر فنجان قهوة حب. ابتسامة تبكي. نظرة يحرسها الحزن. خطوات أولى لمولود جديد. إنها فوضى القلب وأنين الخسران وبهجة الفرح.

٢-مقارنة بين الذاكرة والذكريات:

الذاكرة عاقلة: ترتب. تهندس. تكدس. تؤرخ. تكبر مثل الدنيا. تولد من اوراق وجداول وملخصات شخصية لتصل الى ارشيف ورفوف وأماكن عامة وأجندة ومبان من المتاحف والمكتبات والساحات واسماء الشوارع والأعياد. لكنها تبقى عناوين وتبقى كالوطن والنظام والنظافة والنظارات.

الذكريات طائشة: إنها لعوب. منفلتة. متمردة. تحبنا فتؤذينا، وتكرهنا فتعذبنا. هي ابنة عاقة او ابن عاق للذاكرة. لا تلتزم بالواجبات أو الأصول والقواعد. هي خارج السيطرة خاصة لمن يملكها! تفاجئنا بصور وحالات ومواقف وكلام وأغاني وأفلام وصور وألوان ووجوه و… كل ما نريد ولا نريد! يا إلهي كم تبدو مستعصية أحيانا حين تهرب أو تصمت أو تتثلج مثل طبق نخرجه من المجمدة لكنه يصر على بقاء خارج كل طقس!

٣-ماذا يحدث لو أن الذاكرة واجهت الذكريات؟

الذاكرة:

لأنها عاقلة فهي تكظم غيظها، فالذاكرة تحب النظام وتحب الدقة وتحب التواريخ والحدود والسدود. وكل شيء لديها بميزان. تذكرنا أنها ولدت في أسرة لا تعرف الرخاوة أو الضعف أو التردد. وهي كانت الرائدة للعلوم والاكتشافات والتاريخ وبناء الأمم والأوطان! بل هي التي انشأت البلاد ونظمت العباد وحافظت على الثروات والانتصارات وذكرت وتذكر بالخيارات كي لا ينسى أهلها البدايات فكيف تجرؤ مراهقة صغيرة اسمها الذكريات أن تنفلت بنفسها متحدية كل أسوار التواريخ والارقام والبيانات والدساتير وتنشغل بعالمها الصغير الضئيل؟

الذكريات:

لأنها مستقلة وعنيدة وجياشة فالذكريات لا يهمها كل ما صنعته وقدمته تلك الذاكرة التي تعتبر نفسها الأم الحنون والحارس الجسور! تقول للذاكرة: أنت المبنى وأنا النوافذ والغرف السرية داخلها. أنت المتحف وأنا حكايات التدوين والرسم واسرار التيجان وبريق المجوهرات في صباها. أنت الغابة وأنا الأصوات التي لا يسمعها الا أصحابها. أنت التخطيط والجمود والتقنين وأنا التنفس والرياح.

٤-ذاكرتي وذكرياتي

لعلهما أم وأب، أو لعلهما عقل وقلب؟ ربما يكونا توأما غير متشابهين. لكني أدرك جيدا أنهما معا. هنا يبدو التناقض ربما الوحيد الذي يجمعهما للقاء وتعاون ولكن ليس على التطوير أو الإحسان أو العدل، بل ربما على المزيد من الخلاف والصراع والعداء والانتقام أحيانا!

تذكرني الذاكرة بالفصول والأعياد والأرقام والتواريخ والمناسبات وتهيمن على تاريخي العام لأحتفل بيوم الأم ويوم الأب ويوم المرأة العالمي ويوم الجندي المجهول والعيد الوطني ويوم الشهيد وذكرى النكبات والانتصارات واسماء ابطال الحروب والاكتشافات والعلوم والفنون. وكل ما أريده في التاريخ والجغرافيا والمجتمعات موجود ومبرمج ومقنن. والآن أصبح حضوره أسرع من قدرات مارد مصباح علاء الدين في الزمن القديم. المصباح أصبح غوغل والمارد تناسل وتكاثر ليصبح سوشيال ميديا!

ذاكرة حاضرة ناضجة كبرت واتسعت وخرجت بدورها عن سيطرة الاهل أو السلطة  أو المختصين لتصبح تحت هيمنة سلط وجهات ونفوذ غامض جغرافيا وتاريخا.

لكن الذكريات كما يبدو تظل في منأى عن كل هذا فقد خبأت نفسها داخل قلب كل منا وتدفأت بذاتها واكتفت أن تسعد أو تتعس انسانا واحدا فقط! هي لا تحب الجماهير وتكره الظهور في الأماكن العامة وتخجل من اعلان ما تملكه من كنوز أو أسرار أو فرح أو هلع. ولا علاقة لها بالعمر وقياساته ولا بالحجم وقدراته. هي هبة الله الخاصة أسرى بها بين شرايين القلب ونبضاته.

ذكرياتي، ذكرياتك، ذكرياتكم، ذكرياتكن، ذكرياتنا هي نحن. هي زمننا المطلق. توائمنا الخفية. هي نبع فجره المولى داخل نفوسنا ليكون مرآة وضميرا واستعادة ودرسا وإنذارا أو توجيها. هنا قد نصبح أسرى الذكريات أحيانا لأنها ستقودنا الى ما نريد أو تستحضر لنا ما نكره أو نهرب منه لكن صدقوني بالتجربة لا عبر التنظير أو التصور أكتشف كل يوم أن ذكرياتي الخاصة هي زمني وعمري وأهلي وأحبابي وتاريخي الحقيقي الذي لا يعلمه غير الله. وأعلم أن خساراتي فيها ودموعي واستعاداتي لحظات ومواقف وكلام وحتى لقطات مبتورة مما أحب ولا أحب هي أيضا حياة موازية أماتها الله بي ثم أحياها لسبب. حينها أصبح بطلة حكايتي وسيدة نفسي ومسؤولة أمام الله وضميري لأصحح أو أصلح أو أحسن من حكايتي. تلك هي الهدية إذا أردت الهداية. لكن حذار من أحلام الذكريات لأننا في لحظات ضعف قد نضيف أو نحذف من حقيقة الذكرى فيصبح الحلم جزءا من ذاكرة قديمة وما أبأس ممن يصدق تلك الكذبة التي كذبها على نفسه!

أخيرا…

ذكرياتنا الشخصية هي بطلة الزمان والمكان. وهي التي تكتب تفاصيل الحكاية فالحكاية من دون تفاصيل تبقى خبرا أو حدثا يمر… الا تلاحظون معي أن إعلامنا الحديث تنبه لذلك وعرف أنه إذا لم ينقل وينشر تفاصيل الحكاية الشخصية، فلن يصل ويؤثر؟ ولهذا تتصدر أخباره تفاصيل حياة الأفراد وما يعيشونه من خطر أو بؤس أو تحدي أو إنقاذ أو نجاح.

إنها التفاصيل التي تصنع الذكرى وتجمع الذكريات وهي التي تجعل كل فرد منا بطل حكايته وصانعا حقيقيا لما يطلق عليه اسم الذاكرة الجماعية.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا