اخبار بسمةالسلايدربنت بلادي
نورا أزرقان: هولندا اختارتني ولم اخترها
الاستثمار في البشر يتطلب إرادة سياسية أولا وأخيرا...

بسمة نسائية/ بنت بلادي
التقتها بهولندا: سميرة مغداد
* سياسية من أصول مغربية تسهر على تحسين ظروف عيش الهولنديين والمهاجرين..
نورا ازرقان سياسية وفاعلة جمعوية لها حضور مميز في المجتمع الهولندي، مهاجرة مغربية مناضلة. بدأت مشوار نضالها من الجامعة المغربية بتطوان، قبل ان تلتحق بعائلتها بامستردام، حيث كان والدها عاملا بالخارج، شأنه شأن العديد من ابناء الريف المغربي، الذين هاجروا لحالهم لأوروبا بحثا عن جودة حياة أفضل، قبل ان يقرروا الحاق ابنائهم بهم. تقول نور ل”بسمة نسائية”:
“يمكن أن أقول إن هولندا اختارتني ولم اخترها. في البدايات درست بالجامعة المغربية وناضلت مع الطلبة التواقين للديمقراطية والعدالة الاجتماعية، في إطار فكر يساري التف حوله جيل بكامله آنذاك فترة الثمانينات.
التحقت بهولندا بداية التسعينات لدراسة اللغة النيرلاندية، وثم الانخراط في تكوين جديد بدراسة أخرى هي العلوم السياسية، بعد ان درست لمدة سنتين الجغرافيا، ثم ماستر في العمل الاداري تخصص تسيير ثقافة المؤسسات، وتلقت أيضا تكوين في المرافقة النفسية والسلوك الاجتماعي”.
واليوم، تتراس نورا أزرقان مكتب لتسيير شركة ومؤسسة مستقله تمولها الدولة تحت مسمى “الراحة النفسية ” أو الرفاهية ( فيلزاين ) لتأهيل المواطنين للمشاركة في الحياة الاجتماعية ليصبحوا فاعلين ومنتجين في كل المجالات، إلى جانب اهتمام آخر متعلق بالأنشطة الثقافية والاجتماعية ومشاريع ترتبط بالثقافة، إضافة إلى فرع خاص بالحماية الاجتماعية، مثل اشتغال شباب مع الشباب المشردين أو النساء المسنات للحفاظ على الصحة ومساعدتهن على الرياضة مثلا، لضمان جودة الحياة.
وتضيف نورا بهذا الخصوص:” نتكلف بأماكن معينة مثل دور الأحياء التي تعنى بجميع احتياجات الحي وطلباته، وتساهم في استقطاب الافكار والمبادرات المختلفة في الثقافة والفن ونمط العيش ماعدا ماله ارتباط بالأديان”.
سبق لي تقول نورا، أن اقترحت في المغرب الاشتغال مع بعض الاصدقاء على مبادرة الجامعة الشعبية التي تكونت فيها أيضا، وتتعلق بتنظيم وتحفيز المواطن على الانخراط والمشاركة في الحياة العامة بكل تجلياتها، واقترحت القيام بتأطير وتكوين الشباب في مجال الحقوق والمشاركة والتواصل وتدبير التعامل الاجتماعي اليومي. وتوضح قائلة: نختص في تكوين المؤسسات بكل ما له علاقة بتقنيات التفاوض وتأسيس الجمعيات، وهو مشروع طموح، لكنه يستدعي انخراط الدولة والمجتمع المدني، ويؤهل المواطن ليكون مواطنا صالحا يعرف حقوقه وواجباته. وهذا طبعا مبني على مبدأ حقوق الانسان و الاستثمار في البشر والمجموعات لتحقيق النجاح، وهو رهان المستقبل في الدول العربية، فتجربة هولندا رائدة، حيث نجحت إلى حد كبير خاصة مع المهاجرين لإدماجهم الاجتماعي. لكن هذا الامر يتطلب التزاما حقيقيا من الدولة، وعلى سبيل المثال، فالجامعة الشعبية تستثمر فيها الدولة الهولندية بنسبة 70 في المائة، لذلك فالنهوض بالمجال الاجتماعي والاستثمار في البشر يتطلب إرادة سياسية أولا.
من جهة أخرى رشحت نورا لتكون عمدة إحدى المدن في هولندا، لكنها اليوم كما تؤكد لنا، تفضل عملها كمديرة مسؤولة على أحد أكبر مكاتب الرفاهية بشمال هولندا تعمل على تسيير و تدبير وتكوين فاعلين جمعويين وموظفين مهمتهم اليومية أمن المواطنين الاجتماعي والاقتصادي والصحي، وهو نظام يعتمد على حسن التدخل والتعامل مع المواطنين كيفما كان جنسهم وانتمائهم وسنهم ليكونوا متوازنين ومواطنين صالحين.
وتوضح نورا التي اشتغلت دوما في مجال الادارة والعمل الجمعوي والسياسي، أن هولندا فتحت لها فرصا كثيرة لتطوير نفسها ولم تجد صعوبة في الاندماج، لأنها كانت واعية بواجباتها، وبحثت عن سبل تنمية مداركها والدفاع عن الحريات والحقوق التي امنت بها دائما.
وتلخص مشاكل الاندماج في تعنت بعض المهاجرين وبعض التطرف الفكري الذي يضخم مفهوم الدين والتدين ويجعل عوائق كثيرة بينه وبين المجتمع الهولندي. وتدافع نورا عن جيل المهاجرين الجديد وخاصة النساء اللائي يحققن نجاحات وانجازات لأنهن استفدن من الجو الديمقراطي للبلد وفرص التعلم الكثيرة.
تعتبر نورا نفسها ريفية مغربية الهوى، دون أن تنكر انها مواطنة هولندية تأسرها الحياة الهولندية التي توفر إلى حد كبير الحرية ومبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، حيث تقول إنها لم تندم على هجرتها وتأسيس أسرتها بسلام، فهي زوجة وأم لسيلين ونضال اللذين ترعرعا على قيم مغربية أصيلة وحياة أوربية منفتحة على العالم.
أما عن طموحها السياسي فتقول إنها لا تفكر كثيرا في شغل مناصب معينة، لأنها اليوم شغوفة بعملها. فرغم صعوبته ومتاعبه، إلا أنه يحقق لها الاشباع النفسي ويجعلها باستمرار لصيقة بنبض المجتمع مما يحفزها أكثر على العطاء، حيث تعتبر أن ما تقوم به اليوم وتتقاضى عنه راتبا محترما هو الشيء الذي كانت تناضل من أجله أيام كانت طالبة في المغرب لأجل قيم الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة. لذا فهي سعيدة جدا بتحقيق هذه المعادلة ولو خارج المغرب، وتتمنى خالصة أن يكون للمغرب نفس التوجه قريبا معبرة عن استعدادها لتشارك تجربتها مع بلدها الأم إن توفرت الإرادة السياسية والامكانيات المادية لهذا المشروع الذي تراه مستقبل كل المجتمعات لأجل المضي نحو التعايش بسلام.