“كلشي ساد” فسلا والأغلبية ما فهماش علاش؟

“كلشي ساد” هذه هي الجملة التي استفاق على تريدديها المواطنون فيما بينهم بمدينة سلا هذا اليوم. إذ تظهر الصور التي التقطتها جولة قامت بها “بسمة نسائية” بين دروب المدينة القديمة، حالة الشلل التام الذي بدت عليه أحياء وأزقة وسط سلا العتيقة. إذ أغلقت معظم المحلات التجارية ومحلات أصحاب الدكاكين الصغيرة “المحلبات” و”البقالة”، و”الجزارين” ….. وساد هذا الوضع وسط المدينة القديمة وامتد إلى باقي أحياء وشوارع المدينة.. وهو ما خلف استياء واسعا بين المواطنين، الذين تساءلوا عما هم فاعلون أمام الوضع المقلق. خاصة وأن الأمر مرتبط باحتياجاتهم اليومية الضرورية من خبز وسكر وحليب وغيرها من المواد التي يصعب الاستغناء عنها.
في جولتنا هاته، تحدثنا إلى بعض المواطنين فقال بعضهم إنهم لا يفهمون لماذا أغلقت المحلات التجارية، فيما اعتبر البعض الآخر بأنه إضراب مشروع ، جاء كرد فعل على قرار الحكومة بالرفع من قيمة الضريبة على التجار. معلقين على الأمر ب القول :” احشومة عليهم هادشي ماشي معقول، واش يخليوا الأغنياء ويحكروا على الضعفاء؟”. وقال أحدهم يملك محلا لبيع المواد الغذائية” علاش ما ينقصوش من عدد البرلمانيين والوزراء ويحيدوا ليهم الامتيازات التي يستفيدون منها، لو فعلوا ذلك سترون كم ستوفر الدولة لخزينة الدولة”.
أما التجار المضربين عن العمل، فأجمع جلهم على أنهم أغلقوا محلاتهم تضامنا و استجابة لحركة الإضراب التي عرفتها مدن أخرى احتجاجا على الفصل 145 من قانون المالية الذي ينص على الفوترة الاليكترونية، وعلقوا على الأمر بالقول ” كلنا في الهوا سوا”. حاولنا أن ننقل لهم توضيح الحكومة بأن المحلات الصغيرة و “البقالة” غير معنيين بإجراء “الفوترة الاليكترونية”، فقاطعني أحد التجار:” لم نعد نثق بما تقوله الحكومة.. فهذه التطمينات مجرد مسكنات مؤقتة، إذ بعد الأطباء والتجار الكبار سيأتي دورنا”.
في مقابل ذلك،لاحظنا من خلال هذه الجولة، أن هناك تجار شكلوا استثناء، باشروا عملهم بشكل اعتيادي. سألناهم لماذا لم ينخرطوا في هذا الإضراب، كان جوابهم، سواء أضربنا عن العمل أم لم نضرب، فلا فائدة..سيبقى الوضع على ما هو عليه ولا نعتقد بأن هناك أمل في أن تتراجع الحكومة عن قراراتها.
خرجنا من هذه الجولة بقناعة مفادها بأن التجار مصممين على مواصلة احتجاجاتهم وبأن الحكومة ملزمة بالإنصات لمطالبهم، وبأن الحلقة المفتقدة هي انعدام الثقة وغياب التواصل. فكثيرة هي القرارات التي من شأنها أن تطمئن المتضررين من الإجراءات الجديدة التي جاء بها قانون المالية 2019 لا تصل للمعنيين بالأمر، وإن وصلت فلا تصل بالشكل المطلوب، مثلا بأن “الفوترة الرقمية” لا تهم التجار الذين يؤدون الضريبة الجزافية، وبأن الحكومة ستلغي الفوترة الرقمية، كلها إجراءات لا يثق بها المعنيون بالأمر. وبالتالي فالجهات الوصية على هذا القطاع ملزمة بتقديم معطيات ووعود واضحة، وعلى الحكومة وبشكل استعجالي، أن تفتح قناة حقيقية للتواصل مع التجار والمهنيين، وإشراكهم في أي حوار يتعلق بمصيرهم، أما إن بقي الوضع على ما هو عليه، فانعدام الثقة ستتعزز والإضراب سيتواصل وستمتد حركة التجار الاحتجاجية إلى مدن أخرى. وسيبقى المتضرر الأول والأخير هو المواطن البسيط الذي لا يمكنه اقتناء احتياجاته من الأسواق الممتازة.
.