مدرسة المساواة أين نحن منها؟

بسمة نسائية/ صور: زليخة
في ندوة موسعة عقدت بالرباط، يوم الثلاثاء 24 يناير الجاري 2023، جرى التداول حول موضوع هام تطرق إلى “مستقبل المساواة بين الجنسين من خلال المنظومة التربوية”.
الندوة نظمتها الجمعية الديموقراطية لنساء المغرب، وهي بالمناسبة، هيئة استشارية معتمدة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة، و ساهم فيها نخبة من الخبراء والمسؤولين في المجال الحقوقي والتربوي.
الندوة تنعقد، حسب الورقة التقديمية لهذا اللقاء، استكمالا لفعاليات مبادرة ترافعية وتحسيسية حول أهمية وراهنيه الانتقال بالمدرسة، كمؤسسة للتنشئة من فضاء لإعادة انتاج الصور النمطية التمييزية السائدة، على فاعل استراتيجي في مجال تربية الأطفال من الجنسين بروح المساواة والمساهمة بالتالي، في النهوض بثقافة المساواة في المجتمع.
انعقاد الندوة في 24 يناير، لم يكن اعتباطيا، بل اختير لكونه يصادف اليوم العالمي للتربية الذي من شعاراته هذه السنة (2023) الدفع بالالتزام بمخرجات ” قمة الأمم المتحدة لتحويل التعليم” التي عقدت بمشاركة بلادنا في شتنبر 2022 باعتبارها أكبر ملتقى عالمي حول التحديات الراهنة والمستقبلية في هذا المجال الحيوي، والتي من أبرزها ” دعوة العمل لتعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين الفتيات والنساء في ومن خلال التعليم”.
المشاركون في هذه الندوة، أكدوا على أهمية الجهود المبذولة في مجال التحسيس بالمساواة من خلال المدرسة، داعين إلى استخلاص الدروس من محدودية أثرها ووقعها، مع التشديد على ضرورة تجاوز التدخلات الجزئية والظرفية من خلال ضمان وضع إجراءات كفيلة بإحداث تغييرات هيكلية حاسمة بخصوص قضية تشكل محور رهانات المجتمع الحالية والمستقبلية.
الوضع الراهن للمساواة من خلال المنظومة التربوية
وللتذكير، فقد قامت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب في إطار المبادرة المواطنة “من أجل مدرسة المساواة ” بعدة أنشطة في مقدمتها إعداد مذكرة ا موجهة إلى وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة “من أجل مدرسة المساواة بين الجنسين”، من أجل إعمال التغيير المنتظر الذي دعا إليه البرنامج الحكومي (2021/ 2026)، و”المدرسة الجديدة ” التي نص عليها القانون الإطار للتربية والتكوين، والأهداف الاستراتيجية لخارطة الطريق المعلن عنها من قبل الوزارة، في إطار مساهمة المدرسة في تفعيل المادة 19 من الدستور حول المساواة بين الجنسين.
وتلفت المذكرة الانتباه إلى العديد من المبادرات التي قامت بها وزارة التربية الوطنية منذ البرنامج الوطني للتربية على حقوق الانسان، وإلى العوامل التي عاقت إرساءها واستمراريتها وتقدم تحليلا نقديا من أجل بناء مدرسة تربي الأولاد والبنات في احترام تام لمبدأ المساواة بين الأفراد بغض النظر عن جنسهم، مع إبراز ما يجعل هذا المطلب ضروريا وممكنا وملحا في الآن ذاته بالنسبة للمغرب. خاصة بعد أن كشفت النتائج المحصل عليها حول واقع المساواة في المدرسة تراجع الهوة بين الجنسين على مستوى المؤشرات المتعلقة بالتمدرس وتعاقب عدة محاولات توخت التحسيس بالمساواة من خلال المدرسة. ومع ذلك تبين أن المدرسة لا تستعمل بشكل كاف “سلطتها” وقنواتها المؤثرة لضمان محاربة فعالة للصور النمطية وجملة من الممارسات التمييزية.
وبناء على ما سبق، تقترح الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب من خلال مذكرتها عدة توصيات ومداخل للتفكير والعمل من أجل مدرسة تمكن التلميذات والتلاميذ من الأدوات والوسائل اللازمة لتعلم العيش سوية على قدم المساواة في التمتع بالحق في الكرامة والحقوق في المدرسة والأسرة والمجتمع.
الندوة كانت فرصة بالنسبة للجمعية، لطرح مقترحاتها، يمكن تلخيصها في مداخلة وداد البواب، منسقة مجموعة العمل بالجمعية الديمقراطية لنساء المغرب من أجل تعزيز ثقافة المساواة في المنظومة التربوية التي قالت :”لقد آن الأوان من أجل تدارك الوضع بشكل مستعجل، من خلال القطع أولا مع التضارب الفكري الذي يميز التعامل مع مبدأ المساواة بين الجنسين، من مادة لأخرى، من مدرس(ة) لآخر، من كتاب مدرسي لآخر، من إدارة تربوية لأخرى؛ وثانيا، القطع مع ضعف الانسجام بين الخطاب التربوي والممارسة الفعلية؛ وأخيرا، القطع مع منطق التلقين عندما يتعلق الأمر بالقيم الإنسانية، بما في ذلك المساواة، لصالح مسارات تعلمية قائمة على التوعية النقدية”.