
بسمة نسائية/ الرباط
في إطار النقاش الوطني الدائراليوم حول ضرورة تغيير مدونة الأسرة، وفي اطار انخراط الجمعيات النسائية في هذه الدينامية، ومن أجل إثراء هذا النقاش العمومي وتعميقه، نظمت جمعية “ملتقى الأسرة المغربية” يوم الجمعة المنصرم، 02 دجنبر الجاري، ندوة احتضنتها المكتبة الوطنية، حول موضوع” مدونة “مدونة الأسرة بين الدستور والمواثيق الدولية”.
الجمعية سطرت ضمن أوراق هذه الندوة، الأهداف من هذا اللقاء. ولخصته في النقط التالية:
أهداف اللقاء
– المساهمة في إثراء النقاش العمومي وتعميقه حول إصلاح مدونة الأسرة.
– تحليل مقتضيات مدونة الأسرة على ضوء المستجدات الدستورية والمواثيق الدولية والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والقيمية.
– تعميق المكتسبات لترسيخها وتصحيح الاختلالات لإنصاف جميع مكونات الأسرة.
– البحث في الآليات والمساطر الإجرائية ضمانا لتنفيذ الأحكام وإقرارا للحقوق والواجبات.
– بلورة مجموعة من المقترحات والتوصيات حول بعض الإشكاليات الجوهرية التي أبان عنها تطبيق المدونة.
وفي الورقة التقديمية، استحضرت الجمعية، سنة 2004 التي صادفت صدور مدونة الأسرة الجديدة، التي شكلت ساعتها، حدثا تاريخيا وسياسيا ومكسبا حقوقيا نوعيا في مسار النهوض بحقوق الأسرة والنساء والأطفال، تجلى في التنصيص على ثلاث مباديء أساسية: المساواة في الكرامة بين أفراد الأسرة والمسؤولية المشتركة للزوجين والمصلحة الفضلى للطفل.
هذا الإنجاز الحقوقي يعد تتويجا لنضال طويل قادته الحركة النسائية والحقوقية منذ سبعينات القرن الماضي، مرورا بعدة محطات تمخضت آخرها عن إقرار مدونة الأسرة، إذ اعتبرت مدخلا تشريعيا مؤسسا لبناء أسرة حديثة، ولبنة أساسية في مسار تحول مجتمعنا نحو الديمقراطية والحداثة.
لكن، وبعد مرور قرابة عشرين عاما على دخولها حيز التنفيذ، أبان تطبيق المدونة منذ السنوات الأولى عن العديد من الثغرات والإشكالات، إن على مستوى المضامين أو الصياغة أو آليات تفعيل بعض المكتسبات، وكذا على مستوى العقليات والممارسات.
ولتجاوز هذه الاختلالات، تحركت الجمعيات النسائية، منذ بداية تطبيق مقتضياتها، من خلال تنظيم عدة لقاءات علمية مكنت من رصد الإشكاليات الجوهرية، وتقديم مذكرتين الأولى سنة 2007 والثانية سنة 2009، جرى التأكيد من خلالها على مجموعة من المباديء والمقترحات والتوصيات من أبرزها:
– رد الاعتبار للأسرة بما هي كيان مجتمعي لها دور أساسي في ضمان التوازن والاستقرار داخل المجتمع.
– أهمية قيم المحبة والمودة والتضامن داخل الأسرة.
– ترسيخ مبدأ المساواة من خلال القضاء على كل مظاهر التمييز في المراكز القانونية للزوج والزوجة (مثال الولاية والحضانة في حالة الطلاق).
– إيجاد الآليات الضرورية لتنفيذ الأحكام .
– تأسيس محاكم خاصة بالقضاء الأسري مستقلة ماليا وإداريا.
– مأسسة هيأة مختصة في الصلح والوساطة.
ولاحظت جمعية ملتقى الأسرة، كما جاء في ورقتها التقديمية لهذه الندوة، في السنوات الأخيرة بالخصوص، تراجعا في تطبيق بعض بنود المدونة، من خلال تقديم تفسيرات وتأويلات قضائية، والالتفاف على بعض النصوص، كما هو الحال بالنسبة (للتطليق للشقاق والتعدد وتزويج القاصرات…). الأمر الذي أصبح يستدعي فتح حوار وطني جاد ومسؤول ، انطلاقا من رؤية متوازنة للأسرة، بما هي كيان اجتماعي يشكل الدعامة الأساسية لنمو وتطور الفرد والمجتمع، بحثا عن أجوبة كفيلة بإحقاق المساواة والعدل والإنصاف ، وأنسنة العلاقات الأسرية ، وحفظ كرامة الرجال والنساء والأطفال.فضلا عن استحضار التحول في أدوار الرجال والنساء في إطار المتغيرات التي تشهدها السياقات الاقتصادية والاجتماعية والقيمية ، وما يرتبط بها من تصاعد في مؤشرات الطلاق وخاصة التطليق للضقاق (مسطرة تصالحية وقائية)، اختلاف المحاكم في اعتماد المساطر والإجراءات، وتزويج الطفلات والعنف الأسري والزوجي.
كل هذه العناصر والظواهر، تحتم ملائمة مدونة الأسرة مع أحكام الدستور والمواثيق والاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية مناهضة التمييزضد النساء، واتفاقية حقوق الطفل، فضلا عن إعمال مبدإ الاجتهاد المستنير المرتكز على مباديء العدل والمساواة والإنصاف، كرفع الحيف والتمييز الذي مازالت تتضمنه بعض مقتضيات المدونة على مستوى الحقوق والواجبات، والتي تنعكس آثارها سلبا على النساء والأسرة والأطفال.