
بسمة نسائية/ عزيزة حلاق
في إطار اشتغالي على مشروع صحافي، يوثق لأسماء نسائية تألقن في مجلات علمية وأكاديمية بالخصوص، وأنا أحاول جمع معلومات ومنشورات وكل ما كتب، عن الطالبة الشابة المغربية، التي فازت مؤخرا، بجائزة الجمهور في المسابقة الدولية “أطروحتي في 180 ثانية” بمدينة مونريال الكندية، صادفت هذا الصباح تدوينة للصديقة الروائية سلمى مختار أمانة الله، على صفحتها بالفايسبوك، (جات فمحلها) …
“من لا يرتبط اسمه بعدد.. لا يعتدُّ بوجوده”
تقول سلمى:
هزم الكَمُّ الكيفَ كسبه في كلِّ الجولات، الثَّراء بمفهومه الجديد يعكسه الرَّقم الذي تملكه في رصيدك البنكيِّ أوعدد (الفلاوور) المتابعين الَّذين تزخرُ بهم صفحاتك بالفايسبوك، التويتر والأنستغرام.. من لا يرتبط اسمه بعدد؛ لا يعتدُّ بوجوده، أصبحنا نتحدَّث عن الهرم العدديِّ، وحدَها الأرقام تُحدِّد موقعَك، بين القمَّة المؤثِّرة والقاعدة المُتأثِّرة، بينهما طبعاً مسافات ومدارج عريضة قد تقطعها في لمحة لو أسعفك الحظُّ وصرتَ بطلاً في فضيحةٍ ما، أو قمت بأيِّ إنجاز آخَر يخدُمُ التَّفاهة والابتذال. صناعة جديدة تُراهن على تجويف العقل، وإفراغِه من الفِكر، وحشرِه بالفقاقيع”..
#عمرالغريب# من رواية
هذا هو واقع الحال، “تهميش الكفاءات وتشجيع التفاهات”…في زمن التمييع والابتذال والسفاهة …
كتب (بضم الكاف) نثر قليل عن جيهان كنفاوي وعن العالمتين الأكثر تأثيرا في العالم، رجاء الشرقاوي و فريدة الفاسي، وأخريات كثيرات، لم يكتب عنهن شيء..
في المقابل سيتصدر اسمك المشهد الإعلامي وتستضيفك القنوات في برامج ماجنة وتجعل منك أكبر “مؤثر أبله” مثير للتأفف والشفقة أيضا، إن أسعفك الحظُّ وصرتَ بطلاً في فضيحةٍ ما، أو خنت زوجتك أو خانتك أو قمت بأيِّ إنجاز آخَر يخدُمُ التَّفاهة والابتذال، كما تقول سلمى في تدوينتها..
فلا يجب أن نصدم ونحن نتابع لقاءات مع مفكرين وأدباء وندوات فكرية، بعضها يعود لسنوات خلت، ولم تحظ باهتمام يذكر عدا عدد محدود جدا من المتابعين. مقابل ملايين اللايكات تحصدها عناوين من قبيل” فلانة تطل بتكشيطة تخطف العقول” أو ” آخر اطلالة بالمايو للنجمة …” أو ” شاهدو قبل الحذف. فضيحة….” وانتشرت ظاهرة أخرى مثيرة للاشمئزاز، حالات تقمص هذه الكائنات التفاهة، دور الضحية من أجل كسب التعاطف وحشد أكبر عدد من المتابعين بافتعال كذبة لا تمت للحقيقة بصلة.
لا يجب أن نصدم، من هذا الواقع، فقد دخلنا في نسق جديد، أو ما أسماه الفيلسوف الكندي “آلن دونو” في كتابه “نظام التفاهة” الذي يعرض من خلاله، فكرة مفادها اننا نعيش فترة مختلفة من فترات التاريخ البشري، حيث السلطة بعيدة عن يد من يستطيع التميز في القيادة، ومبسوطة في يد التافهين باختلاف درجاتهم ومستوياتهم..
هي صناعة جديدة كما تقول سلمى، تُراهن على تجويف العقل، وإفراغِه من الفِكر، وحشرِه بالفقاقيع..
وضدا على التفاهة والتافهين، أعرف بجيهان كنفاوي- موضوع هذه الورقة – هي طالبة مغربية باحثة في سلك الدكتوراه بكلية العلوم والتقنيات بفاس، فازت بجائزة الجمهور في المسابقة الدولية ” أطروحتي في 180 ثانية” بمدينة مونريال الكندية. وقد خاضت منافسة هذا الحدث الثقافي الذي يهدف للتبسيط العلمي أمام عشرين مرشحا من جنسيات بمختلف دول العالم والذين حظوا بالاختيار في النهائي.
والهدف من هذا البرنامج، أن يتمكن المشاركون من شرح موضوع أطروحتهم لنيل درجة الدكتوراه في ثلاث دقائق. ويصف المشاركون السابقون هذا الحدث بأنه “تجربة إنسانية عظيمة” عاشوها، لكنهم يرون أن حدود الفائدة منها لا تقتصر على المشاركين فقط، بل كونها تجعل الناس أكثر رغبة في التعلم والاهتمام أكثر فأكثر بالعلوم. هدف غير مسطر في “نظام التفاهة العالمي الجديد”.