في زمن الأنترنيت ….مهنة الصحافة …إلى أين؟

لتخليد اليوم العالمي لحرية الصحافة، اختار فرع فاس للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، موضوع يفرض نفسه آنيا وهو ” في زمن الأنترنيت …مهمة الصحافة…إلى أين؟” لطرحه للمناقشة والتداول، في لقاء احتضنه المقر الاجتماعي للفرع بفاس.
تميز اللقاء بمداخلات قيمة، أغنت النقاش، وخلصت إلى ضرورة تحصين مهنة الصحافة وحماية الصحافيين في زمن طغت فيه وسائل التواصل الاجتماعي، والتي فتحت الباب على مصراعيه لترويج المعلومات الكاذبة والأخبار المزيفة والتي تنتشر في الأوساط الاجتماعية كالنار في الهشيم، مخلفة أضرارا كبيرة، لأنها تمس بالحياة الخاصة للأفراد ولا تحترم الكرامة الإنسانية التي يوليها الدستور والقوانين الكونية مكانة خاصة. وبعيدة كل البعد عن أخلاقيات المهنة.
ودعا المشاركون إلى وضع حد للفوضى العارمة التي تعرفها الساحة محليا وجهويا ووطنيا.
وأكدوا خلال هذا اللقاء، الذي حمل شعارا راهنيا، له أكثر من دلالة وبالبنط العريض:”في زمن الأنترنيت…..مهنة الصحافة …إلى أين”؟،على ضرورة الضرب على أيدي منتحلي المهنة بيد من حديد، وذلك بتفعيل بنود مدونة الصحافة التي جاءت، بعد نضال طويل ، لحماية المهنة والمهنيين.
كما وقفوا عند الأدوار التي تلعبها النقابة الوطنية للصحافة المغربية باعتبارها النقابة المهنية الأكثر تمثيلية، والتي تتجلى في الدفاع عن المهنة والمهنيين من خلال محاربة كل الظواهر المسيئة لصاحبة الجلالة، خصوصا في زمن الانتشار الواسع لتكنولوجيا المعلومات التي وفرتها الشبكة العنكبوتية (الأنترنيت).وأصبح كل من هب ودب، يعتقد بأن امتلاك الهاتف المحمول كاف للممارسة الإعلامية، والتي يجهل أبجديتها وتقنياتها والقوانين الضابطة لها.
واستحضر المشاركون في هذا اللقاء، توجيهات النيابة العامة لوكلاء الملك في مختلف الجهات من أجل تحسين المهنة ،وتحريك المساطر القانونية في هذا الباب لوضع حد للفوضى العارمة التي تعيشها الصحافة بهذه الجهة عامة ،ومدينة فاس على وجه الخصوص، بعد أن كانت العاصمة العلمية تحتل مكانة متميزة كما وكيفا في تداول ونشر الأخبار بمهنية عالية بالرغم من وجود قلة من المهنيين، إذ كان المراسلون يقومون بأدوار هامة في هذا الإطار، إلى جانب باقي القطاعات الإعلامية.
ونبه المشاركون، إلى ضرورة تعامل المسؤولين من سلطات محلية، ومنتخبة، مع الهيئات الإعلامية ذات المصداقية، والتمثيلية الفعلية للمهنيين من صحافيين ومراسلين ومتعاونين مع المنابر المستوفية للشروط القانونية التي ينص عليها قانون الصحافة والنشر الذي تضمنته مدونة الصحافة ،والتي اعتبرها المشاركون متقدمة في كل مضامينها.
غير أن التطبيق الصارم لتلك المضامين يحتاج إلى التتبع الدقيق والمسؤول لكل الممارسات الخارجة عن القانون، والتي أصبحت تمارس بشكل كبير، وتسيء إلى المهنة والمهنيين. وتظهر خلال اللقاءات الرسمية والتظاهرات المختلفة.
كما ثمن المجتمعون الخطوات الجريئة التي قام بها المجلس الوطني للصحافة في محاربة العديد من السلوكات التي لا تشرف المهنة، معتبرين أن على كل الفاعلين، من مجلس، ونقابة، ومصالح إدارية، وجمعيات حقوقية، ومجتمع مدني إلى فتح حوار جدي وبناء للمساهمة في الحد من هذه الظواهر التي تمس في العمق المجتمع المغربي، وتجعله يعيش الرداءة والتفاهة بكل تجلياتها في ما تنشره وسائط التواصل الاجتماعي من معلومات زائفة، والتي تثير الكثير من التقزز والاشمئزاز.
وبالمقابل أبرزوا الجوانب الإيجابية لهذه الوسائط وما لها من خصائص تساعد رجل الإعلام على القيام بمهامه على أحسن وجه من خلال السرعة في نقل الخبر، والتعامل مع كل القضايا التي تخدم المجتمع بشكل ايجابي يحفظ الكرامة الإنسانية، ويقيد الحرية بالمسؤولية،على اعتبار أن الصحافي هو ضمير الأمة.
المشاركون ،استحضروا أيضا، أهمية التكوين وإعادة التكوين للعاملين في مختلف القطاعات الإعلامية، من خلال دورات تكوينية ذات قيم مضافة، لتحسين الأداء المهني للصحافيين.
ولتحفيز المهنيين على الإبداع والابتكار والاجتهاد، تم التذكير بأحياء جائزة فاس للإعلام والثقافة (الابداع) والتي سيتم الإعلان عنها قريبا، بشراكة مع جامعة سيدي محمد بن عبد الله (كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس) وفرع فاس للنقابة الوطنية للصحافة المغربية. وهي الجائزة التي أسست لها المندوبية الجهوية لوزارة الاتصال بفاس، واتحاد كتاب المغرب فرع فاس، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية فرع فاس،وساهمت فيها عدة هيئات وطنية ودولية،وكرمت من خلال فعالياتها على مدى ثلاث دورات عدة مفكرين ومبدعين وصحافيين ومراسلين، محليا ووطنيا،ورحم الله الأستاذ المهدي حاضي الحمياني رئيس اتحاد كتاب المغرب فرع فاس، الذي كان يعمل في صمت إلى جانب الأستاذ عبد السلام الزروالي الحايكي المندوب الجهوي السابق للاتصال، وأعضاء المكتب النقابي للصحافة المغربية منذ تأسيسه في 18ماي 1991، برئاسة الأستاذ عبد المجيد الكوهن وبعده الأستاذ محمد بوهلال، وتلاحقت بعدهما الأجيال لحمل مشعل الإعلام والثقافة.
اللقاء التواصلي انطلق بقراءة الفاتحة ترحما على الصحافية الفلسطينية شيرين ابوعاقلة التي اغتالها رصاص المحتل الاسرائيلي، هذا الاغتيال الذي تزامن وتنظيم هذا اللقاء، وتم استحضار كل الصحافيين الذين وافتهم المنية وكان أخرهم المصور احمد برادة، من فاس ونور الدين ديان من الدار البيضاء.
تجدر الإشارة إلى أن الأرضية التأطيرية الأولى، قدمتها الزميلة الدكتورة بشرى بهيجي مقررة المكتب النقابي، والتي كانت منطلق النقاش الجدي والهادف للحاضرين الذين أثثوا فضاء المقر الاجتماعي للفرع، بتفاعلهم مع مضامين الموضوع المطروح، فيما قدم الورقة الثانية الزميل محمد بوهلال.
الدكتورة بشرى ركزت في ورقتها على نقط هامة تخص مستقبل الصحافة والمهنة، مستحضرة رأي خبراء الإعلام في الموضوع المطروح للنقاش، الذي يقول بأن الحاضر المعقول والمستقبل المشرق للمهنة، يكمن في وجود عدة عوامل منها:
الإندماج الكامل بين وسائل الإعلام المختلفة والتكامل فيما بينها، و الذي يتطلب بالأساس تكوين صحافيين وإعلاميين بمواصفات جديدة وجيدة ،ومهارات مختلفة.