حسناء بركي .. كفاءة مغربية عالية في عالم الترجمة

بقلم : نادية أبرام
الدوحة/ ومع
اختارت حسناء بركي، الكفاءة المغربية المقيمة في قطر، ولوج عالم الترجمة الفورية، بثقة ومسؤولية ، فحالفها النجاح وكان وراء ارتقائها على سلم المهنة وإرضاء طموحها.
اقتحام مجال الترجمة الفورية، ليس بالأمر السهل، ولا ينحصر في إتقان لغة أو لغتين لممارستها، بل من أساسيات مهنة المترجم الفوري، أن يمتلك معرفة جيدة باللغة وسياقاتها، وطرق توظيفها في التعبير.
فالمترجم ، اعتبارا لدوره المحوري في نقل ما يقال بأمانة، خاصة في لحظات تاريخية فارقة، عليه أن يكون متسلحا برصيد لغوي جيد، وبخلفية فكرية وثقافية غنية، علاوة على إلمامه بما يشهده العالم من أحداث وتطورات على كل المستويات.
حسناء بركي ، زيادة على فصاحة لسانها وصوتها الهادئ والمريح، تمتلك هذه المقومات، التي جلعت منها مترجمة فورية مميزة، وقبل أن تنطلق في المجال، خبرت شروطه، ومتطلباته الدقيقة لتحقيق هدف النجاح ، لذلك لم تأخذ وقتا طويلا، لتكون ضمن الأسماء البارزة على قائمة المترجمين ويكون لها صيت في أروقة المؤتمرات الدولية.
بعد حصولها على الباكلوريا، التحقت حسناء بجامعة الحسن الثاني للدراسة في شعبة الأدب الانجليزي، حيث نالت الإجازة بتفوق مما أعطاها رغبة في الرفع من درجاتها العلمية، فاختارت بريطانيا التي تتقن لغتها.
حصلت حسناء بجامعة ليدز البريطانية على الماجستير في الأدب الإنجليزي، وبنفس الجامعة درست ماجستير أخرى هذه المرة تخصص الترجمة.
تحدثت حسناء، بكثير من الحب، عن تفاصيل مسارها المهني، الذي بدأ في قطر بعد مغادرتها بريطانيا، وتحديدا بمركز الجزيرة الإعلامي للتدريب والتطوير، ثم بتلفزيون قناة “الجزيرة”، وهو العمل الذي استهواها لكون الترجمة تتم على المباشر، فصنعت اسما جعلها تتلقى الكثير من العروض.
بعد سنوات من العمل واكتساب الخبرة، استقالت حسناء من “الجزيرة” لتتفرغ للعمل الحر، فغطت مؤتمرات دولية عديدة داخل وخارج الدوحة، وعلى إثر سنوات الحصار على قطر، تقول ، “عدت إلى قناة (الجزيرة) لكن هذه المرة كمتعاونة لترجمة حوارات ولقاءات عدة شهدتها المرحلة، دون التخلي عن مشروعي الخاص.
مكنني عملي، تضيف حسناء، ” من التعرف إلى شخصيات وازنة ومرموقة على المستوى العالمي، وعلى ثقافات مختلفة، قمت بالترجمة الفورية في أحداث دولية هامة وعشت تجارب رائعة، لها مكانة خاصة في قلبي وذاكرتي، منها مفاوضات سلام دارفور التي احتضنتها الدوحة، وامتدت على مراحل، حضرتها من البداية حتى النهاية، وكلما كان يتحقق انفراج جديد فيها ، كنت أشعرت أنني جزء من هذا الانجاز ، فعلا كانت تجربة فارقة في مساري المهني”.
كما شاركت، تضيف حسناء، مع فريق الترجمة في المسار الثاني للمفاوضات السورية التي تمت تحت رعاية الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في بلدان مختلفة بأوروبا، وبتركيا ولبنان، تميزت بالعمل على الشق الدبلوماسي لتسوية أوضاع السوريين، وبإعادة كتابة الدستور
وعن تقييمها لتجربتها بعد مرور سنوات من الممارسة، قالت ، حسناء ” مهنة الترجمة الفورية، أضافت لي الكثير في حياتي، فتحت لي آفاقا رحبة على المستوى المعرفي، كل يوم أتناول موضوعا جديدا وأعرف معلومة جديدة، وفرصا للتعرف على شخصيات وازنة عربيا وعالميا”.
في رأي حسناء ، المترجم الفوري الناجح ، لا يختلف عن ممارس لمجال آخر ، وقالت ” على من يختار مجال الترجمة أن يحبها، لتعطيه كل أسباب النجاح، والمثابرة، ومن شروطها أيضا، القراءة والإطلاع على مواضيع الساعة، ومعرفة مسبقة بالشخصية التي قد يتعامل معها المترجم، ولكنته وطريقة كلامه ، والقيام بأي بحث قد يساعد في إنجاز المهمة بشكل مرضي”.
وأوضحت، بالقليل من الحسرة، أنها لم تعد تقبل العمل الذي يستدعي تنقلها إلى الخارج، بعد أن شعرت أن ذلك يتم على حساب مسؤوليتها الأسرية، لكن مع تطوير نشاطها في قطر التي تحتضن باستمرار العديد من الفعاليات الدولية، من خلال مؤسسات قطرية، ووزارات، كالخارجية والعمل والعدل، ومع اللجنة العليا للمشاريع المهتمة باستضافة قطر لكاس العالم، وفي الأنشطة المرتبطة بهذا الحدث الكروي الهام.
حسناء بركي ، التي رأت النور وأطلقت أولى صرخاتها في هولندا، انتقلت في سن الخامسة من عمرها، للعيش في المغرب في كنف جدتها بإيعاز من أسرتها..
تقول حسناء بهذا الخصوص ” الجدة تختلف عن الأم ، هي امرأة متشبعة أكثر بالتقاليد وبالعادات المغربية، ربتني على هذه الأسس، ورسخت في داخلي علاقتي بوطني، بكل تفاصيله ، أعتقد أنني لو ترعرعت مع أسرتي في هولندا، لما كان ارتباطي ببلدي بهذا العمق.
وخلصت ، حسناء، إلى القول ” أحافظ على كل ما يربطني بالمغرب وطقوسه، رغم أني عشت فترة في بريطانيا وأعيش حاليا في الدوحة التي أسست فيها أسرتي، لأن زوجي ، الفلسطيني الأصل مزداد بقطر، تخرجنا سويا من جامعة ريدز، وهو من ساهم في اختياري دخول مجال الترجمة”.