“من عبدول إلى ليلى” بحث عن الانتماء وانتصار للحب
أنا حرة دمي عراقي أنا جمرة.. أنا ثورة.. أغني لبلدي

سمة نسائية/ ثقافة وفنون/ سينما
تطوان/ عزيزة حلاق
أنا حرة ..دمي عراقي …أنا جمرة ..أنا ثورة أغني لبلدي…
مطلع قصيدة يبدأ بها الفيلم بصوت المخرجة.. وبها ينتهي….
في طبق سينمائي مختلف، قدمت لنا المخرجة العراقية / الفرنسية، ليلى البياتي فيلمها” من عبدول إلى ليلى” الذي عرض ضمن أفلام المسابقة الرسمية للدورة 29 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط.
الفيلم عبارة عن ملحمة امرأة، تغني لتلملم جراحها…وتنشد قصتها شعرا بلغة عربية لا تجيدها، لتعيد اكتشاف هويتها وانتناءها.. تبدأ ليلى بتعلم اللغة العربية، وتترجم قصائد والدها المعارض السياسي والمنفي العراقي.
تعيد ليلى الفتاة الشابة الجميلة الفرنسية ذات الأصول العراقية، بناء قصتها، بعد فقدانها الذاكرة نتيجة حادثة سير، ليصبح همها تفكيك هويتها وإعادة بناءها عبر البحث عن الجذور والرغبة في العودة إلى الأصل.
الفيلم عمل سينمائي مصنوع بطريقة أخرى، الحكي فيه بالغناء والرسم، لقصة البطلة ليلى كامرأة تحاول ترميم ذاكرتها وهويتها وكينونتها من خلال والدها المناضل العراقي اليساري، المغترب والمبعد قهرا عن أرضه ومسقط رأسه ومن خلال والدتها الفرنسية التي تحاول اقناعها بالعدول عن فكرة العودة إلى العراق.
رحلة إعادة بناء الذاكرة، تبدأ بتعلم اللغة العربية، وترديد أبيات شعرية لوالدها، تسافر عبر الزمن وتنتقل بين فرنسا ومصر والعراق، وتتوقف في محطات يتداخل فيها ما هو شخصي بأحداث خارجية، تعرضها لحادثة سير وفقدانها الذاكرة، لتستفيق بعاهة مستديمة على مستوى الرجل..
يحدث لها ذلك، بتزامن و الأحداث التي عرفتها المنطقة، حرب الخليج، عاصفة الصحراء وسقوط نظام صدام حسين..
فالجانب السياسي حاضر في الفيلم، ممثلا في منفى والدها الذي كان معارضا لنظام صدام حسين وتعرض للتعذيب في السجن ومعاناته هو وآخرين، ونفيه إلى الخارج.
من خلال رحلة البحث هاته، تنقلنا ليلى عبر حوارات ثنائية مرة مع والدها، وأخرى مع والدتها، في حبكة سينمائية توثيقية، تعيد نسج الأحداث، التي عاشها الأب (تعذيب واعتقالات)، قبل أن يجبر على الهجرة والاغتراب..
قصة ليلى، هي قصة جيل من الشباب العربي الذي ولد وكبر ودرس في المهجر، لكنه يظل يعيش في اغتراب وبحث دائم عن الهوية والانتماء..
فيلم” من عبدول إلى ليلى”، حضور جميل للصورة والموسيقى التي ترافق مشاهد مؤثرة أحيانا، كانت أقواها تلك الرسالة الأخيرة التي بعثتها لأمها.. رسالة حب…
أنا حرة ..دمي عراقي …أنا جمرة ..أنا ثورة أغني لبلدي…
فإذا كان والدها قد علمها الغناء باللغة العربية، فإن أمها علمتها الحب. وهكذا يكون هذا الفيلم انتصار للحب وعودة للذاكرة المفقودة وبحث عن الانتماء..
ليلى البياتي في سطور
تعتبر ليلى البياتي فنانة متعددة التخصصات، ذلك أنها، مخرجة، وملحنة، ومغنية، وكاتبة سيناريو، ومصورة، وفنانة تشكيلية، من أصول عراقية، فرنسية الجنسية، تعمل في بلدان مختلفة. اختير فيلمها الطويل الأول “تلغراف برلين“، في العديد من المهرجانات الدولية وفاز بجائزة القناة الفرنسية (تي في 5 )، لأفضل فيلم فرنكوفوني في مهرجان كل الشاشات بجنيف وجائزة أفضل تصوير من (أختونغ) برلي، وفاز فيلمها “من عبدول إلى ليلى”، بجائزة “نيتباك” بمهرجان “الجونة” السينمائي.