خيباتنا الفرجوية ..
لم يعد يحركنا، يستهوينا، سوى خيباتنا الجماعية.. نضغط على الزر، نحدق ، نتلدد، ثم نبدأ في النفخ بمزامير وبطبول من كل التلوينات إلى أن تستنزف الحكاية كل عناصر الفرجة و التشويق.. فنصاب بالملل في انتظار حكاية أخرى تنعشنا من جديد. ..هي خيباتنا الجماعية، إفلاسنا وتلاشينا الإنساني، وبوصلتنا المفقودة التي لم نعد قادرين على استرجاعها فاستبدلناها بفرجة نتلقفها الواحد تلو الآخر.. هربا من وخزات الضمير الرهيبة. فرجة جماعية بدون مقابل.. فتاة معاقة اغتصبت علانية ضغطنا على زر الفيديو آلاف المرات.. أشبعنا فضولنا إلى درجة التخمة .. وانصرفنا.. وحدها تلك الفتاة تحمل جروحها وتستكين لقدرها كما استكانت قبلها الكثيرات اللواتي أسقطهن قانون الفرجة بالتقادم.
على معبر الرفس ضاعت البغلات.. صرخنا لبعض الوقت وانصرفنا وظل المعبر هو هو وظلت ظهور البغلات، كما هي… تلقفتنا بعدها حكاية بجرعة أكبر من الفرجة و بكل عناصر التشويق…مثلية جنسية، سيدا، واستغلال مركب لذلك كان السباق نحو من يحقق السبق ويدوس على ما تبقي من آدمية الشاب الذي كان يستجدينا فقط .. يستجدينا لكي نجد له مخرجا لوجعه.. فأوجعناه أكثر ونحن نتلقفه من موقع لآخر.. .
أصبحنا مجرد متفرجين بتدوينات محدودة الصلاحية .. اجتاحتنا الرقية الشرعية والغير الشرعية .. أصبحنا شيوخ ومريدين لكل زاويته.. قدمنا الشكر مقابل الطلاسم والأحجبة التي تفك عقدنا وإمراضنا وسحرنا وعجزنا، وليذهب الأطباء إلى الجحيم، ولتقبر هذه الحداثة ومشروعها لأن وأدها أسهل من أن نقدم قرابين باسمها… جرفنا شيوخ الرقية في براقع اللذة الممنوعة واستهوتنا الفرجة المستبيحة لأجساد كانت في البداية تبحث فقط عمن يحررها من واقع مثقل بأوجاع كثيرة.. فسقطت فريسة بين أبدي من يبيعون الوهم المغلف بالخلاص…
حكايات بقرف كبير هو عنوان لفشلنا، بجمعياتنا ونخبنا وتياراتنا ومثقفينا في كبح جماح خيباتنا الجماعية. ولازالت الحكايات متواصلة بعضها ينسج في العلن والبعض الأخر في السر وفي أماكن مظلمة وبوحوش من كل الأصناف، والأهم أن هناك من لا زال يسأل يوميا عن الجديد والمزيد من الفرجة لأن الوحش الحقيقي لا زال مستكينا فينا.. يحولنا يوميا إلى مجرد مدمنين على فيديوهات تعري بعضنا البعض، وتكشف عجزنا في إيجاد الإجابات الحقيقية لأوجاعنا ولهذا الفشل الجماعي الذي نستمتع يوميا بحكاياته وأبطاله.. نصرخ بعض الوقت ثم نستكين لنضغط على الزر مرة أخرى، فرجة مجانية أكيد.. لكن هي أيضا أوجاعنا وصرخات الكثير منا واستفزاز لضميرنا الجماعي وضمير نخبنا تستفز ولكن راه مكاين معامن، كلشي غير مفرج، وكلشي هاز شعار ماقادين على صداع ، وحاجز مقعد أمام الشاشة الكبرى وبالأمس فقط كنا بالآلاف ونحن نتلقف حكاية الرقيات غير الشرعية لاتحاد مثقفينا، فرجة بلا لحية وبلا بر قع زعما الحداثيون، حكاية أنعشتنا بعد أن استوفت حكاية شيخ الرقية الشرعية عمرها الافتراضي..