عبد الكريم الجويطي في ضيافة صالون الربوة: “لو كتب الواحد لنساء الربوة فقط لكفاه هذا وزاد…”

عزيزة حلاق
“لا خوف على الإبداع الحقيقي، بل لا خوف على البلد، بوجود هذه العينات النادرة من النساء”،هذا ما خلص إليه المبدع عبد الكريم الجويطي، وهو في ضيافة سيدات صالون الربوة اللواتي اجتمعن نهاية شهر أكتوبر المنصرم، في موعد كان له سحر خاص.
كان حديث سيدات الربوة عن رواية “المغاربة”، فيما تحدث مبدعها عن عمل آخر قيد التحضير، شد إليه اهتمام الحاضرات، يتناول أفكار جريئة وجديدة طرح بعض منها في لقاء الربوة عبر سؤال جوهري يؤرقنا نحن المغاربة، هل يمكن أن نتغير وكيف؟ وما دور الرواية والروائي في هذا التغيير؟
إنه نص جديد، يقول الجويطي، يسائلنا جميعا، كيف يمكن أن نتغير في ظل ما يحدث اليوم؟ كيف يمكن أن نتغير، ونحن نعاين داعشيين يعيشون معنا ويكتبون بالفرنسية، وهذا هو الغريب،، كيف يمكن أن نستوعب انتشار هذه الأفكار بين أناس يدافعون عن العصور الوسطى والمفروض أنهم ينتمون للغة فولتير.
في هذا النص يقول البطل لشخص آخر كيف يمكن أن تعانق قضية وأنت لا تستطيع معانقة من تحب بحرية؟ إذ لا يمكن أن نقوم بثورات عامة ونحن لم نقم بثورة مع أنفسنا في علاقتنا مع نسائنا مع أفكارنا وأولادنا؟…
واستحضر الجويطي كتابات وحياة ” تروتسكي ” كأحد أهم وجوه الثورة الروسية، وقال عندما تقرأه تفهم كيف أن الثورة تنسج في اليومي وفي علاقة الثوري/القائد بالأب والأم والآخر..وذكر بالمناسبة أن المرأة هي من خلقت الأدب الروسي…موضحا أن هذا هو الموضوع الذي يسكنه حاليا، في محاولة للإجابة على سؤال التغيير..هل هو ممكن؟
الجويطي أبان من خلال طرحه هذا، أن المثقف الحقيقي قطعة من ضمير الشعب، وقال :” أنا إصلاحي وأنتمي لأناس يؤمنون بالحرية الفردية وبتوزيع الثروات، وأحلم بالتغيير، وأحاول المساهمة في هذا التغيير من خلال الرواية، هذه هي الخدمة أو الدور الذي يمكن أن تقدمه الرواية لمجتمع ليس فيه علم النفس وليس فيه سوسيولوجيا، وليست فيه أشياء يمكن أن يرى فيها المغاربة أنفسهم… هذه الرواية كتبتها بهذه الخلفية، أسعى إلى أن تدفع الرواية بالقارئ للتفكير في أشياء لم يسبق أن فكر فيها ولم يسبق لي شخصيا أن تحدثت عنها في رواية “المغاربة”… مثل سؤال:” لماذا المغاربة كرماء”؟…وقال بنوع من الاندهاش: المغربي كائن فريد من نوعه …
الجويطي تحدث أيضا عن تجربته كمسؤول جهوي لوزارة الثقافة ببني ملال، وكيف خرج من هذه الدائرة الإدارية يجر الكثير من الخيبات، معتبرا في النهاية أن كل من يخدم هذا البلد بأمانة وإخلاص يخرج بمرارة/ فيديو
معطيات بالأرقام قدمها الجويطي وهو يتحدث عن كتاب بصدد ترجمته عن قطاع الفوسفاط وكيف يتم تدبيره اليوم، وعن المستقبل الواعد لهذه الثروة التي تمنحها الطبيعة للمغاربة، مشيرا إلى أنها كانت وراء توتر العلاقة بين المغرب والسعودية…
في صالون الربوة، غالبا ما نجد أنفسنا أمام مدخل لمراجعة أفكارنا ومواقفنا وقناعتاتنا، وقد كان الموعد كذلك مع عبد الكريم الجويطي وروايته “المغاربة”، التي حظيت بقراءة مستفيضة قدمتها الأستاذة عائشة العلوي لمراني، و قال عنها هو نفسه بأنها الأجمل.
وكتب في اليوم الموالي تدوينة على صفحته في موقع التواصل الفايسبوك، قال فيها:” كنت البارحة في ضيافة صالون نساء الربوة، الذي تديره باقتدار وكرم حاتمي الأستاذة خديجة شاكر. كانت جلسة باذخة واستثنائية استمعت فيها لقراءات ثاقبة ومذهلة في رواية المغاربة. على هذه الأرض ما يولد الفرح ويشحن بالطاقة الإيجابية ويخلق كوة ضوء في حلكة مغرب البؤس. شكرا لمن تجشمن عناء السفر من فاس ومراكش وآسفي وبني ملال.. شكرا لمن اقتطعن من وقتهن حيزا لقراءة النص والكتابة عنه… شكرا لكل الفرح وصداقة الأدب وكرم اقتسام الشغف.. كانت جلسة لا تنسى…حتى أنني قلت صادقا لو كتب الواحد لنساء الربوة فقط لكفاه هذا وزاد…”.
اللقاء وكما جاء في الكلمة الترحيبية للأستاذة خديجة شاكر، كان بالفعل فرصة لإرواء عطشنا، وإشباع لهفتنا. عطش فرضه علينا لُهاثنا ونحن نعبر رواية المغاربة، بحثا عن تاريخ “يلاحقنا” أو هروبا منه. ولهفة نبعت من أعماقنا ونحن نتشوق إلى رفع الحجب التي تنسدل علينا بأسئلتها القاتمة بفعل أحداث وشخصيات ومواقف تعج بها هذه الملحمة الروائية.