انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
ثقافة وفنون

“تحت القصف: يوميات التوراني في حرب إسرائيل على لبنان

تحت القصف: يوميات مغربي في حرب إسرائيل على لبنان ( 2024 )”، عنوان مؤلف للصحافي عبد الرحيم التوراني

سعيدة الحيحي

“تحت القصف: يوميات مغربي في حرب إسرائيل على لبنان (2024 )”، عنوان المؤلف الجديد للكاتب الصحافي عبد الرحيم التوراني، الصادر عن دار ” توبقال للنشر ” والواقع في نحو 200 صفحة من القطع المتوسط.

ولدى تقديمه للكتاب – يقول الشاعر بول شاوول- إن ما كتبه التوراني في يومياته “تحت القصف”، هو سفر عميق ملتبس، بين ما يعتمله الواقع وما يدهشه الخبيئ، وذلك بلغة مفتوحة بدقائقها وانتظاراتها ودهشتها، وحتى خيباتها، تماما ككل لبناني كابد في الأوقات الملتبسة ما يوحي بما تراكم من مثالب واهتزازات التاريخ وكسور الزمن…

وذكر بول شاوول المترجم والناقد الأدبي والكاتب المسرحي، بأن التوراني، المتعدد في توجهاته وثقافته، الذي يكتب عن بيروت وعن أجوائها، وعن أهم شوارعها (الحمراء).. عاش في لبنان طويلا، من المدينة إلى الأطراف، كمن يعايش بلدا فيه روحه بتفاصيل واكتشافات، هي إلى أبعادها من صميمه ومن عيشه ومن شفافيته، فهي أكبر من موضوعات أنثروبولوجية، ببحثها، وأكثر من اكتشافات جزئية، وأكبر من ملاحظات وخواطر.. فقد كتب كأنه يفارقها، ويشعر بأنه من فصولها وسمائها وبلداتها وشوارعها..

فالكاتب  بذلك – يضيف بول شاوول – ينضم إلى كثيرين صاغوا بيروت، لا بالحلم ولا في الحقيقة، بل في أسطورة معلقة بين الأمس واليوم، بضربات مقتصدة ولحظات سائبة، جمعها كأنها مخطوطات من حيوات باتت على جدة بين الأمس واليوم والغد، وحفر بلغة تشبه بيروت في ذاكرتها المتوالية وحاضرها المشرع “، على أشكال من غموض ما ينبشه الكاتب في إضاءات، هي إلى توهجها طالعة من ركامها بحيوات ولحظات تجتذب كاتبا لم يستخدمها كموضوع، بل كحياة طويلة، مجهولة الحاضر والمستقبل، أي يعيش لحاظاتها بين الوقوع والانتصاب.

وبعدما أعرب عن اعتقاده بأن ما كتبه عبد الرحيم التوراني عن لبنان وبيروت جزء من صوت راويه، اختصر في دقائقه بلدا بأكمله، خلص إلى القول بأن الكاتب المغربي، عاش لبنانيا في كل حالات بيروت، دون أن ينسى أنه بين انتماءين، خاص في بيروت، ودائم في المغرب… وهذا ما يجعلني أقول إنه مواطن القطرين…

أما عبد الرحيم التوراني فتساءل في مستهل مؤلفه، “من أين لنا أن ندرك ما هي الحرب..؟!” مؤكدا بعد ذلك، بأنه لم يكن يتوقع على الإطلاق أنه سيجد نفسه يوما ما أمام مثل هذا القدر من الابتلاء، ولم يتصور في أي وقت مضى من قبل، أنه سيزج به في اختبار وجودي صعب، وسيطرح عليه إيجاد حل سريع لحسابات عصية، معادلة من الصعب الموازنة بين طرفيها، من قبيل حاصل المسافة ما بين الموت المؤكد والموت شبه المؤكد؟

في عموم لبنان – يحكى المؤلف – كان الخطر قائما بشكل يومي ومنهجي. الخطر حاضر عند كل ثانية ودقيقة، وعلى مدار الساعات.. خلف كل باب وعتبة.. يرافق الأنفاس اللاهثة فوق الأسِرَّة، والرؤوس التي تحت الأوسدة.. يمشي فوق الأرصفة ويتعانق عند تقاطع الشوارع وامتداد الطرقات، يوضح الكاتب الذي يثير الانتباه في هذه الحالة بأن الجوهر الإنساني يجتهد في البحث عن تفسير للمأساة غير المتوقعة.. لكن أمام زلزال الألم وعدم الفهم وانعدام اليقين لن تكون الإجابة سوى احتمالات غير مؤكدة، وطرح لما يشبه فرضيات.. ليس أكثر!

وأردف ما معنى أن يعيش المرء تحت التهديدات.. في رعب مستمر ودائم من التعرض للقصف؟ وكيف تتغير العلاقات الإنسانية داخل الأسرة الواحدة وبين الجيران والأقربين؟ كيف تتغير اللغة والمفردات؟…كيف يتغير الشعور بالانتماء وبالإيمان…؟ إنها أسئلة وغيرها من التساؤلات لا إجابات لها حتى لدى الخبراء في استراتيجيات الحرب… الذي  هو زمن الظلمة والقلق والمخاوف القاسية، زمن الفوضى وعدم اليقين.. ولا ملاذ…

ويحكى الكاتب، بأنه قضى أياما وليالٍ من الحرب.. أياما وليال هي أطول من ساعاتها.. أوقات من قلق وضعف إنساني واضطراب نفسي.. لكني لحسن الحظ كنت محاطا بأحباب وأصدقاء وأناس حقيقيين، منحوني بكرم ما يكفي من الشجاعة ومن الأمل ومن روح التفاؤل.. ساعدوني على إبعاد كل ما هو فظيع وغير مرغوب فيه من وقائع هذه الحرب العدوانية.. وأتاحوا لي البقاء ما أمكن على قيد الحياة.. ولاستقبال شموس الصباحات المتوالية المشرقة بكل الأمل وأشعة الإصرار، والساعية إلى إسدال ستائر اليوم الأخير من الحرب..

بيد أنه يبين، بأن الكتابة، في ظل هكذا وضع، كانت ملاذا وهروبا مدى الحياة من أمكنة وأزمنة الخطر.. وكان التدوين وسيلة وشهادة مباشرة.. على البقاء.. على أني هنا والآن.. شهادة روحية وشخصية عن أهوال الحرب والعدوان الإسرائيلي الذي يعد حدثًا دراميًا نَغَّصَ الحياة العادية على اللبنانيين والفلسطينيين.. فالكاتب يقر بأنه لم يكن زائرا.. في رحلة سياحية للتَّنزه والاسْتِمتاع ببلد الأرز.. بل إنه اختار منذ سنوات الإقامة الطوعية في وطن جبران…

 

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا