انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
حديث بسمة

 8 مارس: ذكرى ميلاد بسمة .. ذكرى عيد المرأة

من "أنوال" إلى "بسمة نسائية" – 33 عامًا: صمود الشغف الصحفي في زمن التفاهة

حديث بسمة/ عزيزة حلاق

في مثل هذا اليوم، قبل 33 عامًا، خطوت أولى خطواتي في عالم الصحافة بجريدة “أنوال”. وكان من المصادفات الجميلة أن يتزامن يوم التحاقي بالعمل مع اليوم العالمي للمرأة، 8 مارس 1992، وهي لحظة فارقة رسمت مساري المهني وشكلت هويتي الإعلامية.

وبالصدفة ذاتها، وبعد مرور 25 عامًا، وتحديدًا في 8 مارس 2017، أطلقت موقع “بسمة نسائية”، عبر إحداث مقاولة إعلامية تحت اسم “مرا ميديا”،  MRAMEDIA عنوان من اقتراح الصديقة والزميلة سميرة مغداد، ومنحته هويته البصرية الفنانة الجميلة منى عفة.

شكرًا سعود الأطلسي.. شكرًا صباح بنداوود.. شكرا عز العرب العلوي..

خلال مسيرتي الصحفية، مررت بمحطات لا تُنسى، والتقيت بأشخاص كان لهم أثر خاص في تجربتي الإعلامية. ومن بين هؤلاء، أستحضر اسم الإعلامي والكاتب والمحلل السياسي الأستاذ طالع سعود الأطلسي، الذي كان أول من استقبلني واحتضنني مهنيًا، وضمني إلى هيئة تحرير “أنوال” – وما أدراك ما “أنوال” – ألحقني بالقسم الدولي. وظل متابعًا لمساري، مشجعًا وداعمًا وموجهًا، وأشعر اليوم بالفخر بأن يكون اسم الأطلسي من بين كتاب الرأي الذين يواظبون على نشر مقالاتهم في ركن “رأيهم” على موقع “بسمة نسائية”.

كما أستحضر اسم الإعلامية والصديقة صباح بنداوود، التي منحتني فرصة الإعلان عن التجربة الجديدة في مساري المهني كمديرة نشر، حين استضافتني في برنامجها الإذاعي سنة 2017، بمناسبة 8 مارس، حيث تم الإعلان الرسمي عن إطلاق موقع “بسمة نسائية”، عبر الأثير.

عود على بدء

ونحن نحتفي بالذكرى السابعة لانطلاقة “بسمة نسائية”، أجد نفسي أتأمل كيف تغيرت الصحافة بين الأمس واليوم.

في زمن البدايات، كانت الصحافة مهنة نقل الحقيقة، تحمل مسؤولية الكلمة، تنوير الرأي العام، والتحقق من المعلومة والمصدر، وكان المنتسبون إليها يؤمنون بدورهم التنويري والتوعوي. كنا نكتب بشغف، ونناضل من أجل القيم التي نؤمن بها، ونسعى جاهدين لإيصال صوت الحقيقة.

أما اليوم، فقد أصبح المشهد الإعلامي يعاني من اجتياح وسيادة صحافة التفاهة والتشهير والابتذال والمعاطية. وكما أشار إلى ذلك الأستاذ عزيز كوكاس في حوار مع “بسمة نسائية”، عندما تحدث عن واقع الإعلام والصحافة في بلادنا قال:”

أم المهازل اليوم، هو تفشي الإثارة والمحتوى السطحي والعناوين المثيرة للجدل. فالكثير من المنابر تعتمد على العناوين الخادعة والمحتويات الترفيهية أو الفضائحية لتحقيق نسب مشاهدة عالية على حساب المضامين العميقة والتحليلية. وأصبحت شبكات التواصل فيسبوك ويوتيوب وتيك توك مصدرا أساسيا للأخبار بالنسبة للجمهور، مما يجعل الصحافة التقليدية تواجه منافسة شرسة. زد على ذلك انتشار الأخبار غير الموثوقة عبر المنصات الرقمية الذي يزيد من صعوبة التأكد من الحقائق، مما يضع تحديات إضافية أمام الصحافة المهنية”.

اليوم، وبناءً على تجربتنا الشخصية في موقع “بسمة نسائية” وكمقاولة إعلامية، بات من الصعب على الصحافة الجادة أن تجد لنفسها موطئ قدم وسط زحام الإثارة والفضائح. فهي تخوض صراع وجود حقيقي، وأصبح الاستمرار في تقديم محتوى هادف مغامرةً وتحديًا لا يخلو من المخاطر.

لكن، ورغم كل التحديات، يبقى الشغف بالمهنة أقوى من الإحباطات. فلا يزال هناك من يؤمن بأن الصحافة ليست مجرد وسيلة لكسب المال، بل رسالة ومسؤولية. ومن هذا الإيمان وُلد موقع “بسمة نسائية” كمحاولة لمقاومة السائد، والاستمرار في تقديم محتوى يرتقي بالوعي، مسلطًا الضوء على قضايا المرأة والمجتمع بعيدًا عن التسطيح والاستهلاك السريع.

حين أطلقنا بسمة نسائية، خضنا مغامرة حقيقية. كنا أربع صديقات، لكل منا تجربة إعلامية متميزة (سميرة مغداد، زليخة أسبدون، كريمة رشدي، وأنا)، وضعنا خبراتنا في خدمة مشروع إعلامي بجهودنا الذاتية، دون دعم (لا جهة، لا حزب ولا مول الشكارة).

كنا مؤمنات برسالتنا، نحمل حلمًا مشتركًا بالمساهمة في الارتقاء بدورنا كإعلاميات، وتسليط الضوء على قضايا المجتمع ككل. أما تركيزنا على قضايا النساء، فلأنهن ببساطة ركائز المجتمع.

لم تكن البداية سهلة، لكنها كانت ضرورية. خضنا المغامرة دون رأس مال مادي، لكننا امتلكنا حلمًا كبيرًا ورأس مالًا واحدًا، لكنه ثمين: تجربة صحفية تمتد لأكثر من 30 عامًا، وعلاقات واسعة أثمرت دعمًا وتشجيعًا معنويًا من شخصيات آمنت بنا وبأهمية هذا المشروع الطموح. “وفي هذا السياق، لا يمكنني إلا أن أتوجه بخالص الشكر والامتنان للصديق المخرج عز العرب العلوي، الذي احتضن مشروعنا منذ بداياته، وفتح لنا أبواب مكتبه، واضعًا إياه رهن إشارتنا بكل سخاء ودعم. إذ جعل مكتبه مقرًا لمؤسستنا.

لم تستمر التجربة الجماعية طويلًا، ووجدت نفسي وحيدة أمام تحدٍ كبير: إما الاستسلام والانهزام أمام الإكراهات التي يتطلبها المشروع، أو المواجهة والاستمرار. فاخترت خوض التحدي بكل إصرار، ولا زلت عند هذا الاختيار، وأدركت مع الوقت أن الرهان كان يستحق هذا العناء.

ونحن نحتفي بذكرى انطلاقة ” بسمة نسائية، وبذكرى 8 مارس اليوم العالمي للمرأة، لا يسعني إلا أن أستحضر كل المحطات التي شكلت مساري، وأجدد العهد مع نفسي بأن أظل وفية لما آمنت به منذ أول يوم دخلت فيه هذا المجال، مهنة الصحافة التي مارستها وأمارسها بحب وشغف، رغم كل شيء. وما يزيدني إصرارًا هو الدعم الذي أتلقاه من كتّاب وكاتبات الرأي، الذين يشاركوننا أفكارهم، ومن الأصدقاء المتابعين، ومن القرّاء الأوفياء الذين لا يبخلون بتعليقاتهم المشجعة ورسائلهم الملهمة. وسأنشر لاحقًا بعضًا من هذه الرسائل الجميلة التي وصلتني، عربون تقدير وامتنان لكل من يواصل دعم هذا المشروع وينوه بمحتواه.

أصدقائنا الأعزاء، ما كان لـ” بسمة نسائية” أن تستمر وتنجح لولا دعمكم المتواصل. اليوم، الرهان الحقيقي هو دعمكم، ودعم كل من يشاركنا إيماننا برسالتنا، ويساهم معنا بأفكاره ومقالاته. أنتم، قراؤنا ومتابعونا، أنتم من تشكلون القوة المحركة والدافع الحقيقي وراء مواصلة مسيرتنا.

في ختام هذه الكلمات، لا يسعني إلا أن أتوجه بأسمى التهاني لجميع النساء في هذا اليوم المميز، (8 مارس)، الذي يخلد نضالهن وجهودهن المستمرة في مختلف ميادين الحياة. وللصحفيات على وجه الخصوص، اللواتي يواصلن السير بثبات في عالم الإعلام، متحدياتٍ التحديات والظروف، ويمنحن قلمهن صوتًا للحق والعدالة. وتحية خاصة لزميلاتي في الجمعية المغربية للناشرات والإعلاميات.

أنتنَّ القوة، أنتنَّ التغيير. كل عام وأنتنَّ بأتم صحة وسعادة. لنتحد معًا في معركتنا ضد الرداءة والتفاهة، ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا