انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
أخبار بسمة

جربت الخريف المغربي… وأحببته!

رسائل تأخرت عن موعدها

بقلم: زكية حادوش

في الدقيقة التسعين من مقابلتنا مع صيف هذا العام، قلنا كمغاربة: لنجرب الخريف بعد أن خذلنا الربيع! … ربما أعلناها متأخرين عن موعدنا كالعادة وكهذه الرسائل، لكن كما يقول “الإفرنجة”، فإن التأخر في الوصول خير من عدم الوصول.

قد يرد علي لئيم بالتساؤل عن علاقتي بالذين خرجوا في احتجاجات “جيل زي” (Gen Z)، لأني أنتمي إلى جيل “إكس” أو “الجيل المنسي”، لكن من يعرفني يعلم أني طوباوية حتى النخاع. لا أفصل أي شخص ولا أي جيل عن الذات الجمعية التي تشكل هويتي وكينونتي الوطنية، ومن ثمة الإنسانية. وأستحلف من يعاني من الانشطار الداخلي والانفصامية والنقاش السفسطائي في الثنائيات المصطنعة، ألا يكمل قراءة هذا العمود لأنه سيكون مضيعة للوقت بالنسبة إليه!

عودة على بدء، خرجنا خريفا، كمغاربة “جيل زي” مدعومين بأجيال أخرى، للاحتجاج من أجل الصحة والتعليم والكرامة وأشياء أخرى متضمنة في الملف المطلبي المنشور من قبل “الحركة”، وهي بالمناسبة مطالب مشروعة كنا وما زلنا نرفعها كمغاربة منذ فجر “الاستقلال”، منا من قضى نحبه دونها، ومنا من ينتظر. فوصلنا للعالمية وتصدرنا “الترند” صوتا وصورة… ليس بسبب قوة الاحتجاجات، ولكن بسبب عنف التدخلات الأمنية غير المتناسبة تماما مع تلك الاحتجاجات. رأينا اعتقالات غريبة ومضحكة (وكثرة الهم تضحك كما نقول) بين من تصيدته ميكروفونات وكاميرات الإعلام ووجد نفسه محمولا من طرف رجال الشرطة والقوات المساعدة كصندوق من الطماطم من سوق الجملة، ومن كان خارجا في “نزهة في الحديقة” مع أهله ولم يستوعب كيف وصل بعد ذلك إلى مركز الشرطة مع زملاء في المحنة لم يسبق أن رآهم، ومن ظل ينادي على أمه لتلحق به في “الواشمة”، إلى غير ذلك من اللقطات العجيبة التي سيظل الإنترنيت شاهدا عليها وعلى ما يسمى بالخصوصية المغربية!

لا يجب أن ننسى، رغم أننا جيل منسي، أن خريفنا المغربي لم يحمل تلك المناظر “المضحكة” فقط، بل حمل إلينا كذلك مناظر تقشعر لها الأبدان من لقطات أغلبها من “جيل ألفا” ينطون فوق سيارات الأمن ويخربون ويحرقون، كأنهم خارجون للتو من مباراة دربي خسر فيها فريقهم المفدى. ثم مناظر لدهس متظاهرين من طرف سيارة “الأمن”، وجثث ثلاثة مواطنين قتلى، رحمهم الله، ما كان يجب أن تبث ولا أن تنشر احتراما للكرامة الإنسانية ولأخلاقيات مهنة الإعلام.

إبان الخطاب الملكي في الجمعة الثانية من أكتوبر 2025 بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية، عادت لقطات “الكاميرا الخفية الكوميدية” إلى الانتشار عالميا، بين “وجوه بؤس” ترقص وتغني أمام البرلمان، و”ممثل أمة” ينضم إليهم في التطبيل، و”فاعلة جمعوية” لا تريد صحة ولا مستشفيات لأنها وأمثالها “لا يمرضون”، ووجوه أزمة من “علية القوم” يدعون انتماءهم إلينا وهم يعيشون فوق كوكب “فيغا” (وهذه إشارة لن يفهمها سوى مجايلو المنسيين)!

لم ينته الخريف حتى امتلأت نفس شوارع الاحتجاجات بالاحتفالات العارمة إثر فوق المنتخب الوطني لكرة القدم لأقل من عشرين سنة بكأس العالم عقب انتصاره على الأرجنتين يوم 20 أكتوبر. فشهدنا مواطنين يشهرون نفس الأعلام الوطنية ويفرحون بنفس الحماس ويتصدرون نفس “الترند”!

ثم جاءت الليلة البيضاء التي أعقبت القرار الأممي بخصوص قضية الصحراء المعتمد حول مبادرة الحكم الذاتي المغربية، ليلة الجمعة 31 أكتوبر الذي استمرت إلى صباح السبت والتي حملت فيها نفس الرايات ورددت فيها نفس الهتافات، هذه المرة احتفاء بالقرار وتأكيدا على مغربية الصحراء…

حصيلة هذا الخريف المغربي تعبر حقا عنا كمغاربة متعددين ومختلفين شكلا ومضمونا، لكن تجمعنا “تمغربيت” ويوحد بيننا التوق إلى عيش كريم ومستقبل أفضل لبلدنا ولأجيال شعبنا المتعاقبة. مهما فرقتنا المسافات المجالية والزمنية والتيارات الفكرية والبنيات التحتية والفوقية، يجمعنا العيش المشترك ووحدة المصير والكفاح من أجل الكرامة والحرية والأمل في غد أفضل، في مواجهة عدونا المشترك: كل من يخدم مصلحة “الذات الفردية” فقط، ضدا على إرادة ومصلحة ذاتنا الجمعية. والسلام!

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا