فيلٌ على سطح الجزائر… والبيت ينهار

حديث بسمة/ عزيزة حلاق
تُروى في أدغال الأمازون حكاية صيادٍ التقط فيلًا صغيرًا تائهًا، رقّ له قلبه فحمله إلى سطح منزله. كان يُطعمه ويعتني به كل يوم، إلى أن كبر الفيل واشتدّ عوده، فضاق به المكان حتى صار عبئًا لا يُحتمل.
وحين حاول الصياد إخراجه، اكتشف أن الباب أضيق من جسده الضخم، وأن الطريق الوحيد لإنزاله هو هدم البيت نفسه.
صار الصياد أسيرًا لمخلوقٍ ربّاه بيده، لا يستطيع فراقه، ولا احتمال بقائه.
هكذا تبدو الجزائر اليوم مع جبهة البوليساريو؛ مشروعٌ وُلِد صغيرًا للضغط على المغرب، فتحوّل مع الزمن إلى عبءٍ خانقٍ على من أنشأه.
ما بدأ كأداةٍ للمناورة السياسية في سبعينيات القرن الماضي، عبر افتعال أزمة حدودية وخلق كيانٍ ينازع المغرب في صحرائه، انتهى إلى كابوسٍ سياسي ودبلوماسي يستنزف الدولة الجزائرية من قوت شعبها وسمعتها الدولية.
واليوم، بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 2797 يوم الجمعة 31 أكتوبر 2025، سجّل التاريخ اعترافًا صريحًا بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، واعتبار مقترح الحكم الذاتي الحلَّ الواقعي والجاد الوحيد.
لم يكن القرار محطةً تقنية في نزاعٍ طويل، بل تتويجًا لمسارٍ من الثبات الدبلوماسي والرؤية الاستراتيجية التي تبناها المغرب بثقة وهدوء.
وفي هذا التوقيت الرمزي، تزامنًا مع الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، جاء خطاب جلالة الملك محمد السادس ليؤكد أن المغرب اختار المستقبل، في مقابل نظامٍ لا يزال أسير ماضٍ لم يعد له مكان.
خطابٌ واثق، منسجم مع منطوق ومضمون قرار مجلس الأمن، ومتوافق مع الدعوات الأمريكية لتجاوز القطيعة التي يتحمل مسؤوليتها نظام العسكر في الجزائر، في سياق حرص المغرب الثابت على إحياء الاتحاد المغاربي.
لقد أوقع قرار مجلس الأمن الجزائر في مأزقٍ حقيقي لم تستوعبه بعد.
فـ”البوليساريو”، الذي قال عنها هواري بومدين حين اجتمع بمؤسسين هذه الجبهة الانفصالية وقتها، “سأضع حجرة في حذاء المغرب”، تحوّل اليوم إلى فيلٍ ضخم فوق سطح الجزائر، يرهقها بثقله، ولا تدري كيف تتخلّص من عبئه.
الزمن تغيّر، والحقائق باتت أوضح من أن تُغطّى بالدعاية أو التضليل الإعلامي، ولم يعد بوسع النظام الجزائري أن يُخفي عجزه وراء شعاراتٍ ورّط بها شعبًا أنهكته الأزمات.
وفكّها يا من ورّطتها



