
حديث بسمة/ عزيزة حلاق
الرباط في يوم الفخر: ولي العهد يستقبل أبطال العالم ورسالة الأمل تُكتب لجيل الغد


من استقبال أسود الأطلس بعد ملحمة قطر 2022، التي هزّت وجدان العالم، إلى استقبال أشبال الأطلس بعد تتويجهم بكأس العالم للشباب 2025، يتكرر المشهد ذاته في عمقه لا في تفاصيله.


الناس في الشوارع، الأعلام في السماء، والدموع في العيون… دموع فخر الانتماء لهذا الوطن، اسمه المغرب.
كانت الرباط أمس على موعد مع الفرح الكبير، مدينة الهدوء والهيبة تحوّلت إلى قلب دافئ يضجّ بالحب والوطنية، وهي تستقبل أشبال الأطلس، أبطال العالم في كرة القدم، بعد إنجاز تاريخي رفع اسم المغرب عاليًا في سماء المجد الرياضي.
في المشهد المهيب، كان حضور صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن أكثر من رمزي. كان رسالة عميقة تُخاطب الجيل الجديد: أن المستقبل المغربي يُبنى بسواعد الشباب، وأن القيادة تؤمن بقدرتهم على الإبداع والتألق عالميًا.
ابتسامته وهو يصافح الأبطال كانت تقول دون كلمات:
“أنتم صورة المغرب الجديد، أنتم امتداد الحلم الملكي الذي لا يتوقف عند حدود الطموح.”
تلك اللحظة لم تكن نهاية رحلة، بل بداية عهد جديد من الثقة والمسؤولية. فحين يلتقي التتويج الشعبي بالاحتفاء الرسمي، تتجسد دولة تؤمن بأن الرياضة ليست مجدًا عابرًا، بل مدرسة للمواطنة والريادة.
ولعل أعمق ما حمله استقبال ولي العهد للأبطال هو ذلك الإيمان الراسخ بأن جيل اليوم هو أمل الغد، وأن الشباب ليسوا متفرجين على مستقبلهم، بل صُنّاعه الحقيقيون.
وفي عمق هذا المشهد البهي، تتجلّى الاستمرارية في المشروع الملكي لبناء مغرب جديد، مغربٍ لا يسير بسرعتين، مغرب يؤمن بأن النهضة لا تصنعها القرارات وحدها، بل تصنعها الطاقات.
من رؤية جلالة الملك محمد السادس إلى خطوات ولي العهد مولاي الحسن، تمتد خيوط الحلم الوطني لتقول لكل شاب مغربي: مكانك في الصفوف الأمامية من المستقبل.
فبين فرحة الجماهير التي خرجت إلى الشوارع مبتهجة، وصورة وليّ العهد وهو يربّت على أكتاف الأبطال في مشهد إنساني بليغ، ارتفعت في القلوب جملة صامتة لا تحتاج إلى ميكروفون:
نريد مغربًا يليق بأبنائه، لا مغربًا يُثقل كاهله من لا يرون في المناصب سوى غنيمة.
نريد دولة تُكمل هذه الصورة الجميلة التي صنعها الشباب بعرقهم، بمؤسسات نزيهة، ومشاريع حقيقية، وشفافية تُضيء، ومحاسبة لا تستثني أحدًا، وعدلٍ يُشبه فرحتنا هذه.
كم هو جميل هذا الوطن، وكم هم المغاربة “زوينين” في محبتهم وعفويتهم، وكم يستحق هذا البلد مسؤولين في مستوى هذا الجمال، لا من يختبئون خلف الشعارات ويُتعبون الوطن بحساباتهم الضيقة.
في لحظات الفرح الكبرى، لا نحتاج إلى منابر كثيرة لنعبّر عن حبنا لهذا الوطن، يكفينا أن نكون صادقين معه. فالمغرب لا يريد من أبنائه إلا ما يمنحهم إياه: الكرامة، والعدل، والثقة.
فالوطن القوي لا يُبنى بالوعود والخطابات، بل بالثقة في الأجيال الصاعدة، في نزاهتها، وفي قدرتها على أن تقول:
“نعم نستطيع… فقط امنحونا الفرصة.”
وإذا كان شباب اليوم قد رفعوا الراية في الملاعب، فالمطلوب من المسؤولين أن يرفعوها في المؤسسات. لأن الفرح الحقيقي ليس أن نربح كأسًا وصافي، بل أن نربح وطنًا يليق بنا جميعًا.

