حالة امرأة أخرى … تشبه كثيرات …

حاورتها: ليلى الشافعي
عندما تراها من الخلف تبدو لك كمراهقة نسيها الزمن في منعطف ما، وعندما تراها من الأمام تبدو لك امرأة ناضجة قد تخاتل الخمسين من عمرها، وعندما تجلس إليها، تعلمك بمرحها الذي لا ينتهي، أنها تشارف على السابعة والستين، وأنها تقاعدت منذ سبع سنوات، وأنها تحافظ على شبابها بفضل علاقتها المتميزة بالحياة، رغم الأسفار المراطونية من بنسليمان إلى المحمدية، والتي أدخلها فيها طليقها.
كانت الشابة لطيفة ( وهي حسب التصنيف الجديد لمنظمة الصحة العالمية لم تخرج من الشباب سوى قبل سنتين)، خريجة جامعة سيدي محمد بن عبد االله ظهر المهراز بفاس شعبة العلوم السياسية باللغة الفرنسية، تشتغل كإطار في مجموعة صناعية مغربية كبرى، تتقلد منصب بيع الكوابل الكهربائية في مختلف دول العالم، فضلا عن كونها تشغل اليوم منصب مستشارة في الجماعة الحضرية للمحمدية.
تم الطلاق بين لطيفة وزوجها حسب مسطرة الشقاق التي لجأ إليها هذا الأخير مدعيا أنها مجنونة، وأنه بات يخاف على نفسه منها، فيما كانت هي قد اكتشفت خيانته لها، ورفضت أن تعيش علاقة ثلاثية بينها وبين زوجها وعشيقته.
من أجل ذلك كله، وللكشف عن معاناة النساء في مختلف أنحاء العالم، مع اختلاف في الخصوصيات، قررت إجراء هذا الحوار مع هذه لسيدة التي تنتمي للطبقة الوسطى العالية:
س: مرحبا بك عزيزتي، حدثيني عن تجربتك الزوجية، هل تزوجت صغيرة في السن؟
ج: لا، تزوجت في سن السابعة والعشرين، بعد حصولي على الإجازة وقضاء الخدمة المدنية واشتغالي سنتين قبل الزواج. تزوجت عن حب، بعد علاقة دامت ست سنوات. في البداية كانت عائلته تخلق مشاكل كثيرة لأنها لم تقبل بزواجنا؛ فأنا لم أكن أتوفر على مواصفات المرأة التي كانت تتمناها له، فقد كنت امرأة مستقلة ماديا ومعنويا، وكانت لدي شخصية قوية ولم أكن أمثل الزوجة التقليدية التي تطيع زوجها وعائلته، لذلك لم أكن أتفاهم معهم. لكن المهم في ذلك (تستطرد مبتسمة) أن أخواته استفدن من تجربتي، فأكملن كلهن دراستهن وحصلن على ديبلومات مكنتهن من الاستقلال المادي، وأنا فخورة لأنهن اتخذنني كنموذج، ذلك أن أختهن البكر (أي قبل ولوجي هذه العائلة) لم تكمل دراستها.
المهم، عندما تزوجنا كنا فقراء جدا. بدأنا حياتنا من الصفر. كنا نأكل على الكارتون ونفترش الجرائد، وأحيانا، عندما لا يكون لدي ما أطبخ، أحضر الزيتون بالبصل، يعني عشنا الفقر المدقع. أول مبرد كنت أنا من اشتراه، وأول تلفزيون اشتراه هو. وبحكم كون والدتي امرأة تقليدية، فهي من طرزت الشراشف وأنجزت الزرابي وبعثت لنا بكل ذلك بعد أن اكترينا بيتنا. وعندما اكترينا بيتنا الأول كنا نفترش لحافا على الأرض، وكان بحوزتنا دراجة نارية من فئة موبيليت، وكنا أحيانا لا نعثر على عشرة دراهم لوضع البنزين، فنعمل على جرها من ساحة الأمير مولاي عبد الله في الدار البيضاء حتى الحي المحمدي حيث كنا نسكن. أنا بدأت بالحد الأدنى للأجور، وهو بدأ ب 2500 درهم، وكان يعطي منها لعائلته 500 درهم، وكنا نكمل شهرنا بالدين.
عندما تزوجنا كانت والدتي وحدها من أشرف على تنظيم العرس من الناحية المادية، غير أنها وكأية أم تقليدية، قالت لي إن عليه أن يقدم لك المجوهرات. احتججت بالقول إنني لست بضاعة. ورغم ذلك، ومن أجل إرضائها، أخذت قرضا من الشركة التي كنت أشتغل بها، واشتريت مجوهرات كانت عبارة عن دمالج وخاتمين من الذهب، كي لا أُشْعِرَ والدتي بفقره، لأنها كافحت كثيرا من أجلي ومن أجل دراستي.
س: اسمحي لي، ما السبب الذي أجج الخلافات بينكما؟
ج: في البداية كانت خلافات محتملة، لا تستدعي الفراق. كان هو مسلم عادي، وكنت أنا حداثية. لم أكن أصلي، وهو كان يمارس هاته الشريعة، لكنه في وقت ما، ربما غالى في إسلامه وتحول إلى سلفي. ففي يوم ما، وكنت قد وضعت العطر في رمضان، قال إن عليَّ ألا أضع العطر في رمضان لأنه حرام. لقد وقعت بيننا مشاكل كثيرة بسبب هذا النوع من الخلافات.
المشاكل كانت دائما، وكانت البنات ما يزلن في عمر الزهور، وكنت أرغب في أن يتربين وسط أسرة متماسكة.
كنت يتيمة لم أعرف والدي، الذي توفي عندما كان في عمري شهر واحد، ولم أكن أرغب أن تعيش بناتي نفس التجربة. والدتي كانت تقول لي أنت عشت يتيمة وترغبين في أن تعيش بناتك نفس التجربة. كانت تعيش بهاجس أنها ربت بناتها وحدها وأنني سأربي بناتي وحدي. كان لديها هذا الهاجس عندما كانت حية، وكنت أحاول إرضاءها.
في عام 2009 أغرم بسيدة أخرى، فزادت الخلافات بيننا. عندما كنت أواجهه بخيانته كان يحاول تشكيكي في نفسي، قائلا إنني حمقاء ومريضة. في يوم ما، بعد أن شعرت بتعب نفسي من هذا الوضع، ذهبت معه عند طبيب نصحني بالسفر وحدي وتغيير الجو. ورغم كون طلب الطبيب مني السفر وحدي، فقد اقترحت على زوجي أن يرافقني، وكانت ابنتنا قد دعتنا عندها في ألمانيا ووضعت لنا برنامجا مشتركا. غير أنه رفض. سافرت وحدي، وعندما عدت قال لي أنت أنجزت برنامج السفر وأنا سأنجز برنامج الطلاق.
لم تكن المرة الأولى التي يهددني فيها بالطلاق. فقد كان يهددني باستمرار، غير أن عائلتي كانت تتدخل كل مرة معتبرة أن الأمر معيب، مستعملة عبارات “حشومة” و”عيب”، ورغم عدم إيماني بهذه الأفكار، فقد كنت أقول مع نفسي، إنه بعد مرور39 سنة من الزواج لم يعد هناك مجال لتشتيت أسرتي.
كان زوجي أول رجل تعرفت عليه، وآخر رجل. وكنت أعتبر، بعد حصول كلانا على التقاعد، وبعد أن باتت بنتانا كبيرتين ومستقلتين عنا، أن الوقت قد حان لنعيش حياتنا أخيرا ونتمتع بالأسفار، لكن هنا جاءت الخيانة وجاء الطلاق.
س: هل أنت البكر ضمن إخوتك؟
ج: لا، أنا آخر العنقود، كنت الصغيرة المدللة.
المهم، عشنا، ربينا بناتنا، وكنا نصرف كل شيء بالتساوي، إلا العمل المنزلي، كان يقول: أنت امرأة، إذن أنت تدفعين أجرة الخادمة، وهو يدفع ثمن الكراء والأكل والماء والكهرباء. وعندما اشترينا أول شقة، دفعنا خمسين في المائة لكل واحد منا. أخذناها بالدين. أما مدارس البنات فكنا ندفعها بالتساوي. لكن بالنسبة لملابسي وملابس البنات وتأثيث البيت، كنت أنا المكلفة بها. كان لا يهتم بشراء أغطية الصالون المغربي (التلامط) وما شاكل ذلك من المهام التي لا يعرف الرجال من أين يأتونها.
بعد ذلك كبرنا وكبرت معنا مداخيلنا. بنتنا البكر قالت لي ذات يوم: ماما، بعد كل دخول مدرسي تسألنا المعلمة عن مكان قضاء عطلتنا الصيفية، التلاميذ يجيبون بأنهم يذهبون إلى إيطاليا أو فرنسا أو … بينما نحن كل سنة نقول إننا قضيناها في شمال المغرب، لماذا لا نذهب إلى الخارج كباقي التلاميذ؟
كانت الشركة التي أشتغل بها، تسلمني مكافأة سنوية تحفيزية قدرها أربعون ألف درهم. في السنة الموالية، قضينا العطلة في إسبانيا بعد أن حجزت بها. بعد ذلك، بتنا نقضي عطلنا الصيفية كلها في الخارج. أصبحت أعتبرها هدية سفر كل سنة لمدة عشر سنوات؛ وكنت أستدين من البنك مبلغ 15 ألف درهم، كنقود الجيب، لأنه لم يكن يعطيني شيئا. كنت أسلم زوجي مبلغ 40 ألف درهم التي تسلمها الشركة لي، كي يتدبر كل احتياجاتنا في الخارج، من كراء في اسبانيا وأكل وبنزين لمدة أسبوعين. كان يقول لي إنه يضع حصته، لكنني لست متأكدة من ذلك، غير أن هذا الأمر لم يكن يهمني ما دام جميع أفراد الأسرة بخير.
ذات يوم، اقترحت علينا أخته أن نشتري أرضا في بني ملال، فاشتريناها. أنا كنت أشتغل، فسلمته توكيلا لشراء الأرض باسمي. قال لي سأكتبها في اسمك وحدك حتى أعوضك عن أرض المحمدية التي كتبتها باسمي رغم مساهمتك في شرائها. غير أن أرض بني ملال كتبها مناصفة بيننا ولم يكتبها باسمي كما وعدني.
كانت هناك مسألة خطيرة في القانون المغربي؛ أنا كنت منشغلة كثيرا بابنتي هالة، التي كانت آنذاك وحيدتي، وكنت أخشى عليها من فقداني. كنت أخاف عليها من صروف الدهر، فقررت أن أفتح حسابا باسمها في البنك. عندما ذهبت إلى البنك، قيل لي أن ليس لدي حق فتح حساب باسمها لأنني امرأة، وأن على وزجي أن يتكفل بذلك. وكذلك كان. وفعلا كنت أضع جميع مدخراتي في حساب ابنتي، وكان هو يسحبها ليضعها في أرض المحمدية بحكم كونه هو من يدير الحساب؛ ثم بعد ذلك أنكر كل شيء، وقال إنني لم يسبق لي أن دفعت مليما واحدا فيها، الشيء الذي مكنه من لهف أرض تبلغ قيمتها مليونا و600 ألف درهم، بينما أرض بني ملال مناصفة بيني وبينه رغم كوني أنا من دفع ثمنها.
توالت الأيام، وبدأت أشعر أن زوجي لم يعد مهتما بي، ولم يعد يكلمني ولا أراه إلا نادرا. استمر الوضع على هذه الحال حوالي أربع سنوات ،،، آه ،،، عفوا ،،، قبل ذلك كان قد اتصل بي هاتفيا ليقول لي إن خاتم الزواج ضغط على أصبعه واستأذنني في خلعه، فقلت له بحسن نية، اخلعه إن كان يضايقك. وكان يقول لي بأن هناك زميلة له في العمل جميلة وشهباء وغير متزوجة، وإنه يشفق عليها؛ فلم أقم بالربط بين الأشياء، حتى جاء وقت أصبح يصرخ فيه لأتفه الأسباب، وأصبح يعنفني شفويا ..
س: هل سبق أن ضربك؟
ج: نعم، ضربني مرتين فيما أذكر. المهم، جاء اليوم الذي تعبت فيه من المشاكل فقررت أن أنفصل عنه وأن أصعد إلى أعلى الفيلا ويمكث هو في الأسفل. قضينا أربع سنوات على هذه الشاكلة. كنت ألتقيه في باب الفيلا فلا يقول لي حتى صباح الخير.
س: هل كان لك دور في شراء الفيلا؟
ج: نعم، دفعت التسبيق عبر حصولي على دين من الشركة التي كنت أعمل فيها. بعد مرور أربع سنوات، من 2008 إلى 2012، شعرت أن هناك جديد في حياته. أربع سنوات لا يكلمني ولا ينظر إلي. في أحد الأيام، وكنت في مهمة بفندق شيراطون بالجزائر، انفجرت قنبلة. كان الناس في مختلف أنحاء العالم ينادون على أقاربهم للاطمئنان، إلا أنا، فلم يسأل عني زوجي. وعندما واجهته قال لي لو وقع لك شيء كنت سأسمعه عبر الإذاعة (تصوري). في تلك الفترة كنت أعاني مغصا في بطني سيتبين لاحقا أنه متعلق بالمرارة. قدمت من الجزائر وأنا في حالة يرثى لها. لم يعرف الأطباء مصدر معاناتي. خلال خمسة عشر يوما نزل وزني بخمسة عشر كيلو، وبات الكل ينتظر نهايتي. بعد ذلك، وعدني الطبيب الذي كان يتابعني ويقدم لي المورفين لنقص حدة الألم، أن يعمل لي العملية بعد عودته من العطلة. وأنا ذاهبة لإجراء العملية، قلت له شيئا فشتمني فانفجرت مرارتي. وعندما وصلت عند الطبيب سألني عن سبب شحوبي.
من كثرة الرعب من انفجار المرارة، ذهبت من غير شيك، فرفضوا إدخالي، فطلبت من زوجي أن يسلمهم شيكا حتى أرده له، فرفض. ومن بعد، اتصلت بالحاج السقاط وهو الرئيس المدير العام للشركة، الذي سألني “مال هذا كيقفقف؟ شنو خاصك؟” قلت له إنهم طلبوا مني تسبيقا، فأرسلت الشركة مبلغ ستة ملايين سنتيم وضعتها في الصندوق. مديري بكى عندما سمع أن زوجي رفض تسليم الشيك كضمانة. هذا الذي يدعي اليوم أنني مدينة له بسبعين ألف درهم.
س: هل هو بخيل إلى هذه الدرجة؟
ج: معي فقط … لم يسبق له أن أدخل علي حتى منديل رأس، ولم يسبق له أن قدم لي أية هدية على الإطلاق.
س: هل سبق لك أن اشتريت له هدايا؟
ج: نعم، كنت أشتري له هدايا، لكن سلوكه دفعني للتوقف عن ذلك. المهم، عندما شعرت به بدأ ينحرف، بدأت أفكر بطريقة عملية. كان ما يزال هناك مبلغ 300 ألف درهم على إكمال الفيلا، فأكملته. واضعة المبلغ في اسم ابنتي أميمة لأنها كانت هي من دخلت المغرب آنذاك (كانت تقيم في ألمانيا آنذاك). ودفعت زوجي ليكتب الفيلا في اسم بنتَّي. كنت أخاف أن يتزوج بالأخرى، فتدخل معي في البيت، ويذهب كل ما استثمرته من أجل بنتَيَ سدى. بعد ذلك اكتشفت خيانته. في سنة 2014، دخلت إلى هاتفه، ووجدت الرسائل بينهما.
س: متى بدأت علاقته بالأخرى؟
ج: 2008 أو 2009 عندما قال لي إن خاتم الزواج بدأ يضايقه في أصبعه. لقد أزال الخاتم ليبدأ علاقته بها.
س: هل كانت تعرف أنه متوج؟
ج: نعم، كانت تعرف ذلك. هناك مسألة أرغب في التركيز عليها، لو كانت امرأة غير مثقفة وغير واعية، أو محتاجة ماديا وترتبط برجل متزوج، فقد أعتبرها مسألة شبه عادية، ولكن أن تدعي أنها مثقفة، وتنتمي لأكبر العائلات المثقفة في المغرب، وترتبط برجل متزوج، فأنا أراها إنسانة سافلة لا تستحق الاحترام.
إذن في 2014 اكتشفت الخيانة … (أنا مقاطعة: بماذا أحسست عندما اكتشفت أمر “الخيانة”؟) هي: أنا زوجي كان قد قاطعني منذ أربع سنوات. ذات يوم أخذت هاتفه وبدأت أبحث فيه عن السبب. وجدت أن رقمي سجله باسم الشركة التي أشتغل فيها IMACAP ومحا اسمي، بينما وضع اسمها هي وتاريخ ميلادها. وكنت كلما تكلمت له عن عيد ميلادي يقول لي، نحن مسلمون وعيد الميلاد عندنا حرام.
عندما اكتشفت العلاقة تحدثت معه عنها طالبة منه إيقافها. أنكر وقال إنها مجرد خزعبلات تدور في رأسي. بعدها سافرت إلى موريتانيا في مهمة واتصلت بقريب من العائلة طالبة منه مراقبته. وبالفعل، فقد تبعه، وكان ذلك يوم جمعة. قال لي قريبي إنه خرج من العمل، وأوصل أحد أصدقائه إلى محطة القطار، ثم عاد حيث كانت تنتظره سيدة، حملها ودخل إلى بيته ليتوضأ ثم ذهب معها إلى مطعم العمل ودفع طابقي كسكس لكليهما، وهو على وشك الذهاب للصلاة. هنا سأتأكد من هذه العلاقة. وكنا قد عدنا لبعض في 2014، فاتصلت به، وقلت له، لقد وعدتني أن تقطع علاقتك بتلك السيدة ولم تف بالوعد. أقسم أنه لم يعد لرؤيتها، وكان على وضوء وذاهب للصلاة، فقمت ببعث صورة لهما معا في ذلك اليوم داخل المطعم، فتلعثم وقال لي: آه، لقد نسيت لذلك أقسمت. عندما أقسم على الكذب وهو يصلي، فقدت فيه الثقة. قلت له، الآن بات عندي سيان أن تصلي وتزكي وتصوم وتفعل أي شيء، فأنا لم أعد أثق بك.
س: همممم، الثقة عندما تذهب، يذهب كل شيء.
ج: بعد ذلك قمت بمراقبته عبر الهاتف، وكان يزورها في بيتها … عندما علمت أنني اطلعت على علاقتهما، بدأت تنشر صورهما في غوغل. نشرت صورة له مع أخيها، وهو كاتب مشهور. وضعت صورتها وصورته وصورة أخيها. ذات يوم كتبت له رسالة هاتفية تخبره بأن أحدهم قرصن إيمايلها، فسلمها هو إيمايله، وعندما بدأت تستعمل صندوق بريده، كانت صورته في الإيمايل وأسفل الصورة اسمها هي.
س: لم أفهم، كيف وضع صورته مع اسمها هي؟
ج: غوغل يقدم هذه المعلومة. بحكم كونها بدأت تستعمل إيمايله، طلعت صورته واسمها في غوغل. بعد ذلك اكتشفت أنه صوَّرَها حوالي 1600 صورة، توجد صورها في حاسوبه وهاتفه وفي أقراصه الصلبة كلها، يعني أنه مغرم بها.
بعد معرفتي بالعلاقة اتصلت بها هاتفيا وقلت لها: انظري، الرجل متزوج ولديه بنتان يربيهما. قالت إنه مجرد صديق. فقلت هذا كثير على الصداقة. فبدأت تحاربني. وذات يوم كنت أتممت قراءة رواية تحمل عنوان “صوفيا حبي” لإيلي شافاك، فحملها زوجي وأهداها لها. اكتشفت بعد ذلك أنه كان يحمل كتبي ويسلمها لها. وهي تتوفر على خزانة في غوغل، فأخذت ذلك الكتاب ووضعته فيها.
اكتشفت أنها تبعث إليه صور رجليها، وصورها بعد قيامها بعملية تجميل في أمريكا الجنوبية، وبعثت صورة لثدييها ووجهها بعد التعديل، وشعرها بعد تطويله. عندما قلت لها، ما تقومين به غير معقول، قاطعَتْهُ، بعد أن كتبت له “إما أن أكون كل شيء أو لا شيء، لا أستطيع أن أكون نصف صديقة ونصف حبيبة”. عندما قاطعته، ضاع الرجل وأصبح لا يكف عن البكاء، أنا معه وهو يبكي.
س: السيد أغرم بها غراما شديدا.
ج: يسمع أغاني الحب فيبكي. وفي يوم من الأيام خاطبني قائلا “انظري، بيني وبينك لم يعد هناك أي حب” قلت له “ومن حدثك عن الحب؟”
س: هل كنت ما تزالين تحبينه؟
ج: نعم، في ذلك الوقت كنت ما أزال أحبه، وكان ما يزال لدي أمل. لقد حاولت مرارا، وبعد ذلك تخليت عن المحاولة.
بعد حصوله على التقاعد، كبرت الخلافات بيننا. اشتغل في مكان آخر وبدأ بعد عمله يذهب عندها. أنا جالسة في البيت وهو معها. يعود بأحمر الشفاه على قميصه، يقول لي أنت من وضع أحمر الشفاه على القميص. أعثر في ملابسه الداخلية على آثار المجامعة، فينكر ويقول لي إنك المسؤولة عن ذلك. آخر مرة سألته عن معنى كل هذا؟ فقال “أنظري إذا أحببت، يمكن أن نذهب عند الطبيب، يعالجني إذا كنت مريضا أو يعالجك في حالة مرضك” فقلت أنا لست مريضة، أنت المريض بهذه السيدة، فإما أن تقطع معها وإما أن تقطع معي. لكن مع ذلك تنازلت، وذهبنا معا عند الطبيب الذي نصحني بالسفر، وعندما سافرت وعدت وجدته بدأ مسلسل الطلاق.
شخصيا لم أتصور أبدا إمكانية أن أكون في موقف كهذا. كنت أتصور أنني أعطيته ما لم تعطه أية امرأة لرجل. لم أتصور أن جزائي سيكون الخيانة ثم الطلاق.
كنت أعتبر أن لدى بناتي متطلبات كثيرة لا يمكنني ألبيها وحدي. فكنت أقول مع نفسي لا بأس، المهم أنه يشتغل من أجل بناته، بالرغم من بخله الكبير معي لدرجة لا يمكن تصورها. عندما أستلف منه مائة درهم من أجل الذهاب إلى الحمام، في الصباح يقف علي مطالبا إياي بردها. والآن وضع شيكان في المحكمة، واحد مؤرخ في 2017 والثاني في 2020، الأول بقيمة 70 ألف درهم، والثاني بخمسة آلاف درهم. الشيء الي لم ينتبه إليه هو أننا كنا آنذاك ما نزال متزوجين، (وفي القانون المغربي لا توجد سرقة بين الزوجين)، وكنت قد أعدت له المبلغ كاش لأنه طلب ذلك، وعندما طالبته بالشيكات قال إنه مزقها، فصدقته. انظري إلى أي مستوى وصلت به الدناءة.
لماذا أتحدث عن تجربتي؟ لأن على المرأة أن تعي أن مشاعر الحب لا تدوم، وأن الرجال لا يبقون على المبدأ. أنا لست ضد الرجال، هناك قلة لديها مبادئ وتكون وفية ولديها قيم وأخلاق … أنا اكتشفت أن هذا الرجل كان متدينا ويصلي، لكنه بدون أخلاق ولا مبادئ.
س: أريد معرفة ما الذي حدث بعد الطلاق؟ أين سكنتما، وكيف دبرتما حياتكما؟
ج: كنا نسكن في فيلا بالمحمدية. مكث هو بالأسفل وأخذت أنا الطابقين العلويين. جاء هو بمن وضع سورا في أسفل الدرج حتى يقطع إمكانية التواصل بصورة نهائية. كان يدخل إلى بيته من باب المطبخ، أما أنا من باب الفيلا الذي كان يتواجد في الطرف الآخر. بنيت مطبخا جديدا في الطابق الأرضي لأنه لم يكن متوفرا، ثم استقريت وأصبحت أعيش بمفردي. أخذت أستقبل عائلتي وأصدقائي وزملائي في الجماعة المحلية؛ اعتبرت أنني أدرت صفحة من حياتي وبدأت أستعد لاستقبال صفحاتها الباقيات. ولكنه هو … آه، قبل ذلك، وكنا ما نزال في طور الطلاق، ذهب ورفع عليَّ دعوة بالسب والقذف.
س: وما الذي حدث كي يرفع ضدك هذه الدعوى؟
ج: استغل رسائل قديمة كنت بعثتها له عبر الواتساب، أقول في إحداها ستعطيك الحياة آلاما على قدر ما آلمتني …
س: هذا ليس سبا وقذفا، أنت لم تقولي له مثلا تافه، أو حقير أو أشياء من هذا القبيل؟
ج: لا، تحدثت عن الخيانة، بأنه خائن وكاذب، المهم قلت له ما كنت أشعر به آنذاك، فاستغل الوضع ورفع دعوى ضدي. ونحن في طور الطلاق، قال له القاضي: هذه السيدة التي تقول إنها مجنونة، هل تزوجت بها مجنونة؟ خمس مرات والقاضي يسأله وهو لا يجيب، وفي النهاية قال له لا، فقال القاضي: “إذن لقد جنت بعد الزواج بك. أنت من دفعها إلى الجنون، إذن عليك صيانتها ومساعدتها حتى تخرج من هذه الحالة. لماذا طلبت الطلاق؟ الآن عمرك 66 عاما، كيف تعتقد أنك ستصبح بعد الطلاق؟ لن تكون إنسانا سويا ولن تنجح وحدك وأنت في هذه السن”. وهذا ما وقع بالفعل. لم يعد له شغل عداي. باتت حساسيته مفرطة اتجاهي. مرة يشتكي إلى الشرطة ب”سكب الماء عليه”، ومرة “الخادمة قطَّعت له الباش”، وأخرى “يوجد تسرب الماء في بيتي سبب لي الأذى”. في كل مرة أتوصل باستدعاء من الشرطة، بسبب شكاية من شكاياته.
س: واو، يتصل بالشرطة؟
ج: نعم، يتصل بالشرطة، يضع شكاية لدى هذه الأخيرة فتتصل بي.
س: يا لطيف يا لطيف
ج: وفي المحكمة تحالين على الجنائي. تجلسين مع البغي، ومع من رفع زوج ابنتها دعوى ضدها لأنها استغلت أولاده في التسول؛ ومع باقي المجرمين. كم مرة شعرت بالقهر فبكيت. لا يتعلق الأمر بدعوى واحدة أو إثنين أو ثلاثة. آخر مرة كانت في رأس السنة الماضي. اتصلت بي ابنتي، وطلبت مني اللحاق بها للاحتفال برأس السنة وعيد ميلادي في نفس الوقت. ذهبت عندها، فاتصل بي زوج ابنة أختي، وقال إنه بناء على أقوال طليقي، فقد تركت تسريبا في الماء، وأنه رفع دعوى أخرى مرفوقة بفيديوهات تبين أن البيت غارق بالماء. حوكمت غيابيا بغرامة مالية قدرها 2000 درهم و500 درهم للمحكمة، لكنني استأنفتها …
آه بعدا ،،، عندما طلقني، حكمت عليه المحكمة أن يدفع لي مبلغا ماليا قدره 300 ألف درهم، فاستأنف، فزادته محكمة الاستئناف 100 ألف درهم إضافية، فذهب إلى النقض والإبرام … ويقول للناس إنها سرقت مني 40 مليون سنتيم، كأنني وضعت يدي في جيبه وأخذت هذا المبلغ. وأنا أعرف أنه في ليلة الطلاق، كان عنده مليون و500 ألف درهم في حسابه البنكي، حمل حقيبة لإخراجها من البنك، وقد علمت ذلك بفضل العامل في البنك.
بعد ذلك، رفع دعوى أخرى، بتهمة شيكات بدون رصيد. وكنت قد أرجعت له المبالغ نقدا، وطالبته بالشيكات، فأخبرني بأنه مزقها، فصدقته. حجزت المحكمة على المورد الوحيد الذي أعيش منه، ألا وهو تقاعدي. أنا مريضة مرضا مزمنا هو السكري من الدرجة الثانية، وعليَّ أن أذهب عند الطبيب وأن أنجز التحاليل كما أنني أحتاج إلى الأكل والشرب والتنقل … حللت المشكلة مؤقتا، بأن بعثت لي ابنة أختي، مالا كي أقوم بكل ذلك.
أنا لا أحكي تجربتي للتشهير به أو فضح أسراري، ولكنني أشرح واقعا تعيشه معظم النساء في المغرب، وأرغب في أن يستفدن من تجربتي.
لم أتصور في حياتي إمكانية أن أعيش وضعا مثل هذا، بعد 39 سنة من الزواج. لم يسبق لي أن تصورت نفسي مطلقة. لم أتصور أنه سيأخذ حقوقي المادية. لم أتصور أن تذهب مساهماتي في الاستثمارات التي أنجزناها معا، سدى. لم أتصور أن تبلغ به الوقاحة أن ينكرها، فقط لأنني كنت أقول له زوجي، وأعتبر أننا نعيش على المودة والاحترام، فكشف لي الزمن عن شخص آخر لا علاقة له بالرجل الذي تزوجته … الخيانة، الغدر، الكذب وفوقها النصب والاحتيال.
س: أين يتجلى النصب والاحتيال؟
ج: النصب عندما أخذ الأرض وكتبها باسمه وحده. كنت أستثمر فيها معه، ومع ذلك طلبت منه أن يكتبها في اسم البنات، فكتبها باسمه رافضا أن يكتبها باسم بناته. والنصب في قضية أرض بني ملال التي أخبرني أنه سيكتبها في اسمي وحدي، فكتبها مناصفة بيننا. لقد تعود معي على الأخذ ولم يتعود على العطاء. أخذ وما زال يرغب في مزيد من الأخذ. أخذ صحتي، أخذ أموالي، أخذ عمري، والآن لا يبدو لي أنني عشت معه شيئا جميلا. حتى السفر كنت أنا من يُسَفِّرُه. وحتى عندما نسافر، كنا نذهب إلى الفندق، نأكل ونشرب ولم يكن يوجه لي الحديث. كنا نذهب كأشخاص غرباء لا يعرفون بعضهم. كان هدفه فقط أن يقال عنه أمام العائلة أنه سَفَّرَنِي. ذلك أنه كان معروفا في وسطي، ولمدة 14 سنة، أنني أنا من أنفق خلال السفر. عائلته التي كانت ترفضني بدأت تقول إنه الوحيد في العائلة الذي عرف كيف يتزوج. من الأكل على الكرتون إلى الأكل في أواني البورسلين والفطور في أواني الكريستال والفيلا ثم “الفيرما” وبيت في طنجة وبيت في مراكش، والحساب البنكي الممتلئ عن آخره؛ وأنا أطلب منه مائة درهم فيرفض تسليمها لي…
كنا مرة في إحدى المناسبات عند أخته، كنت قد نسيت بطاقتي البنكية، أذكر أنها كانت حالة وفاة، لا أذكر إن كان أبوه أم شخصا آخر. كنت أرغب في الذهاب إلى الحمام، فطلبت منه 200 درهم، فرفض، فأقرضتني أخته نقود الحمام. واليوم يضع الشيكات، ويدعي أنه لم يحصل على المقابل.
س: كيف أخذتما بيِتَي كل من طنجة مراكش؟
ج: بيت طنجة أخذته من مالي الخاص.
س: هل ساهم فيه؟
ج: لا لم يساهم بأي شيء. أنا أخذت المكافأة السنوية، ودفعت التسبيق، وبقيت أنتظر حوالي عشر سنوات، قبل أن يتم التسليم. وعندما تسلمته أخذت قرضا من البنك ودفعته لأكمل البيت. أما بيته في مراكش فقد دفع مبلغه من ماله الخاص، والضيعة ملكي دفعتها من مالي الخاص.
س: ماهي الخلاصة التي خرجت بها بعد هذا المسار؟
ج: الخلاصة هي أن الزواج يجب أن يبنى، خارج فكرة المبادئ أو الأفكار الدينية أو الأخلاقية، على شروط واضحة ومحددة. مثلا أن يتم اقتسام الممتلكات بالتساوي بمجرد إعلان الطلاق، وأن يكون كل من الطرفين يدفع خلال الحياة الزوجية حسب أجره، تماما كما يوجد في بعض البلدان الأوروبية. الآن ابنتي متزوجة من ألماني، يقول لها أنت تربحين أكثر مني، يجب أن تدفعي الثلثين وأنا أدفع الثلث؛ لذا أطالب بأن يطبق هذا في المغرب أيضا. أنا كنت أتقاضى في وقت من الأوقات راتبا أقل من زوجي، رغم كوني كنت أبذل مجهودا مضاعفا.
لقد كنا نعيش عهد “النية” والثقة والمشاركة والتضامن العائلي. كنا نعيش بمبادئ، لكن في هذا الجو يصبح من السهل على الخبيث الاصطياد في الماء الصافي، ذلك أن الاصطياد لا يكون فقط في الماء العكر. لقد خلصت إلى أن الحياة الزوجية لا يجب أن تقتصر على مبادئ، بل، بعد الحب والاحترام، يجب إعادة النظر فيما هو مادي لتحقيق ما قلته سالفا.
كما أطالب بإعادة النظر في قدر الطلاق. فأنا مثلا حصلت، عندما تطلقت دون رغبتي، على 625 درهما في الشهر …
س: 625 درهم؟
ج: نعم، 30 مليون مقسومة على 39 عام تأتي 625 درهم في الشهر، في الوقت الذي يعتبر حسابه البنكي ممتلئ عن آخره. وعندما طالبت بكشف حسابه البنكي، قال لي القاضي بأن القانون لا يخول لي ذلك. القاضي قدم لي وثيقة في محكمة الأسرة في “حي الولفة” تقول ليس من حق المحكمة تسليم وثيقة تعطيني حق ولوج حسابه البنكي.
أنا كنت أدفع للخادمة وحدها 2000 درهم في الشهر، وأدفع ثمن حمامي وصالوني وطبيبي وثيابي وأدفع لسيارتي وهاتفي وأُمَرِّضُ نفسي وأساهم في كل ما يلزم البيت وفي النهاية يأتيني هذا القدر الهزيل، ويُسْتَأْنَفُ عليه فوق هذا وذاك. حتى عندما أضافت المحكمة 100 ألف درهم، لم يرتفع القدر كثيرا، أقل من ألف درهم في الشهر.
س: ماذا تقترحين أنت حتى تتلافى النساء اللواتي يشبهنك الوقوع فيما وقعت فيه بسبب ثغرات في القانون؟ مثلا هل تقترحين أن يتكفل القضاء بنفسه بالبحث في ممتلكات الزوج مستفيدا مما يتوفر عليه من سلطة بدل ترك المرأة لدواليب السلطة وكوارثها؟
ج: أنا لم أعش هذه الوضعية. لم أبحث عن أي من ممتلكاته. ما كنت أطالب به هو فقط أن يعترف لي بكل ما ساهمت فيه، كما أنني لم أطالب باقتسام الممتلكات، أنا فقط طالبت بأخذ حقي في الأرض التي ساهمت فيها.
س: لأنك بعد الطلاق، عندما تظهرين للمحكمة كل ممتلكات الزوج بما في ذلك حسابه البنكي، فستحكم لك بتعويض كبير، ألا ترين ذلك؟
ج: المحكمة رفضت أن تسلمني إمكانية الولوج لحسابه البنكي.
س: إذن هل تقترحين قانونا يسمح للمرأة بذلك؟
ج: أقترح أن تطلب المحكمة من الزوج أن يحضر بنفسه ممتلكاته، وأن لا تذهب الزوجة للبحث عنها. أن يحضر هو نفسه كشف الحساب تماما كما تطلب منه راتبه. فأنا ذهبت إلى محكمة الأسرة في “حي الولفة”، كي يخبرني القاضي بأنه ليس من حقه تسليم رخصة لي للحصول على كشف حسابه. أنا أقترح أن يتغير هذا الوضع. وإذا كذب الزوج فعليه أن يعاقب، لأن هناك من يزور أجرته، ويحولها إلى مبلغ هزيل؛ أو أن تقترح المحكمة خبيرا يتكلف بجمع وثائق ومعلومات عن الزوجين معا.
س: في الواقع كل الأوراق لعبت لصالح زوجك لأن القانون المغربي ما زال ذكوريا. هناك عنصران أساسيان يجب تغييرهما في القانون، أولا عنصر الوصاية على الأبناء، يجب أن يصبح الاثنان أوصياء حتى يتم تلافي المشكل الذي وقعت فيه. فرفض البنك أن تفتحي حسابا باسم ابنتك، وإشراف زوجك على الحساب الذي كنت تضعين فيه مدخراتك، وسحبها بالتدريج لإدخالها في الأرض لعب لصالحه، وكانت الوثائق التي دفعها هو أقوى من الوثائق التي دفعتها أنت؛ ثم هناك مسألة كشف حساب الزوج التي يجب إعادة النظر فيها.
ج: في أوروبا اليوم، من حق المحامي جمع كل المعلومات عن الزوج دون حاجة إلى رخصة من القاضي، صفته وحدها تخول له ذلك.
المرأة تقوم بنفس دور الرجل إن لم يكن أكثر، وفي هذا الاتجاه وجب أن يذهب القانون. والزوج لا يستطيع تحقيق أي شيء دون تعاون المرأة معه. كيف تطلب المحكمة من المرأة أن تحمل لكم وثائق 39 سنة من الزواج كي تثبت حقها، وبأي حق يدخل بيتنا في المحمدية للبيع في المزاد العلني،،
س: عن أي مزاد علني تتحدثين؟
ج: كنا قد اتفقنا أنا وطليقي على بيع الفيلا التي كتبناها لبنتينا. فقمت بتسليمها لسمسارة في المحمدية. بدأت هذه الأخيرة تبحث عن المشتري، فإذا به يدخلها في المزاد العلني، فعل ذلك ضدا فيَّ.
س: لماذا أراد بيعها في المزاد العلني؟
ج: لا أعرف، ربما كيد، أو مزاج.
س: هذا زوج لا يهتم حتى بمستقبل بناته. هل هو مستعد لإيذائهن بسبب مزاج. صراحة لا أفهم كيف يمكن لأب أن يجعل بناته يذهبن ضحية لمزاجه بهذا الشكل؟
ج: أ لا تفهمين ما معنى الكيد؟ إنه الكيد، وحقده عليَّ.
س: ولماذا يحقد عليك؟
ج: لأنني لم أقل آسفة، أرفض هذا الطلاق.
س: مثلا، إذا جاء شخص ووضع مائة درهم في المزاد العلني، هل يمكن أن تباع الفيلا بذلك القدر؟
ج: لا، المحكمة تعين خبيرا يُقيِّم الفيلا. وأنا اعترضت على طريقته في بيع الفيلا، غير أن المحكمة لم تأخذ ذلك بعين الاعتبار. وقلت إن البيت وضعناه عند السمسارة ومتفقين على مبدأ البيع فلماذا يدخله في المزاد العلني؟ إلا أنني أعرف لماذا فعل ذلك، فبيعه بهذه الطريقة سيجعل المدة تطول نسبيا، وبذلك سيظل مستفيدا من البيت كله، بعد أن دفعني للخروج منه.
س: ولماذا خرجت منه؟
ج: بسبب مضايقاته وتحرشاته التي لا تنتهي. كل مرة يرفع دعوى ضدي في المحكمة، وصل عدد الدعاوي إلى خمسة أو ستة، ماذا سأظل أفعل معه؟ يستفزني وأنا مريضة بداء السكري فأبدأ بالصراخ. لقد حول حياتي إلى جحيم، لذلك فضلت الخروج والنأي بأعصابي بعيدا عنه. يمكن اعتباره اضطرار للهرب. وضع الفيلا في المزاد العلني كيدا وحقدا …
س: هل هو حقود إلى هذه الدرجة؟
ج: لم أعرف أنه حقود حتى فعل معي ما فعل. ما معنى أن يدفع للمحكمة شيكا سبق أن تقاضى ثمنه؟ وكان يخفيه عني طيلة ردح من الزمن، بعد أن أخبرني أنه مزقه، أليس هذا بدافع الحقد أو الجنون؟
س: ربما أراد معاقبتك؟
ج: يعاقبني لأنني لم أقل آسفة، أرفض هذا الطلاق.
س: كأنك وجدتها من الجنة والناس؟
ج: نعم، رغم أنني أمام المحكمة، قلت للقاضية أنا لا أرغب في الطلاق. كان بإمكانه أن يتراجع لكنه لم يفعل. وفي آخر جلسة، تسأله القاضية إن كان مصرا على الطلاق، فيقول إنه مصر عليه. وأضاف أنه يرغب في أن يرتاح، ثم انفجر باكيا.
س: تريد أن ترتاح، فلماذا البكاء؟ أعتقد أنه وجد نفسه بين نارين، نار العشيقة وضغوطاتها ونار الزوجة التي لا يرغب في مفارقتها.
ج: أنا لا أطب منه سوى إرجاع مستحقاتي وتركي أعيش بسلام.


