انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
ثقافة وفنون

المرأة في الفلكلور المغربي:حارسة الذاكرة وجسـر العطاء

بسمة نسائية: عزيزة حلاق

في فسيفساء الفنون الشعبية المغربية، تبرز المرأة كركيزة أساسية، لا باعتبارها مجرد موضوع أو ملهِمة، بل فاعلًا محوريًا، وناقلة أمينة لذاكرة جماعية ضاربة في أعماق التاريخ.

في قلب فعاليات الدورة 54 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية، يسطع حضور المرأة المغربية ليس فقط كمؤدية ضمن الفرق الفلكلورية، بل كقائدة وموجّهة، تحمل على عاتقها نبض الإيقاع وروح الذاكرة، وتعيد صياغة صورة المرأة في التراث الشعبي من موقع القيادة والإبداع.

في هذه الدورة الجديدة من المهرجان الوطني للفنون الشعبية، الذي احتضنته مدينة البهجة مراكش، من 3 إلى 7 يوليوز الجاري، سجلنا في “بسمة نسائية” الحضور القوي للمرأة في الفرق الاستعراضية الفلكلورية، حيث لم تعد المرأة مجرد عنصر مكمل، بل أصبحت وجهًا بارزًا في مقدمة الركح، تسير الإيقاع وتلهم الحركة.

المرأة، كما في فرقة هوارة، تتوسط صفوف الرجال، تقودهم بإشارة من يدها، وترسم بخبرتها مسار العرض. ليست مجرد زينة للمشهد، بل مصدرًا للزخم الفني والروح الشعبية الأصيلة.

وتنفرد فرقة هوارة بخصوصيتها داخل المشهد الفلكلوري، إذ تقودها امرأة تؤدي رقصة مميزة تُعرف بـ”رقصة الأفعى”، تحاكي من خلالها حركات الزواحف وهي تطوّق فريستها قبل الانقضاض عليها. عرضٌ درامي مكثف يُجسّد صراع الإنسان مع قوى الطبيعة والمخاطر الكامنة فيها.

هذا الحضور النسائي اللافت يعكس تطور مكانة المرأة في الفنون الشعبية، ويؤكد نظرة المجتمع التقليدي لها كحاملة أصيلة للموروث، لا كرمز صامت أو كائن هامشي. لقد أصبحت المرأة اليوم في قلب الفعل الفني، لا على هامشه، تثبت وجودها بإيقاعها، وصوتها، وخطوتها الواثقة على الركح.

تنوع ثري وإبداع نسائي أصيل

ما يُميز الفنون الشعبية المغربية هو غناها وتنوعها اللافت: من أهازيج الأطلس، إلى نبرات الريف، وإيقاعات الصحراء، ودفوف السهول. لغة تترنح بين العربية والأمازيغية والحسانية، ورقصات تحمل كل منطقة طابعها وطقوسها. أما الأزياء، فهي لوحات حية من الزخرفة، والحلي، والنقوش التي تسكن ذاكرة النساء منذ الطفولة.

في هذا التنوع الخلّاب، تلعب المرأة دورًا فنيًا خالصًا، فهي التي تحيك اللباس التقليدي، وتزينه بالفضة والخيوط الملونة، وتُتقن إيقاع الطعارج، وترقص بحركة تحفظها الذاكرة الجسدية كما تحفظ اللسان الحكاية.

المرأة المغربية فنانة بالفطرة. تترك لمساتها في كل ما يحيط بها: في تطريز القفطان، في رسم الحناء، في غناء العيوط، وفي رقصات “أحواش” و”الكدرة” وغيرها من الايقاعات.   المرأة في بعض المناطق، هي التي تقود الطقوس الاحتفالية في الأعراس والمواسم، تغني، تزغرد، وتُحرك المشاعر بإيقاعات الدف أو بصوتها الشجي..

ظلت الراوية الأولى للتراث اللامادي: تحكي، تُغني، تُردد الأهازيج، وتعلم بناتها رقصات العيد والزفاف، وتوشوش لأحفادها أسرار الحناء. لكنها اليوم، تقف أيضًا على الخشبة كقائدة، تدير فرقة، وتُمثّل مدينتها أو قبيلتها بكل فخر، كما نشهده في فرق عديدة خلال هذه الدورة.

خاتمة: أصالة تتجدد بحضور نسائي واعٍد

يُعيد مهرجان الفنون الشعبية في دورته 54 التأكيد على أن المرأة ليست فقط شريكة في الفن، بل ضمان لاستمراريته، حاملة لروحه، ومُجددة لشكله، ومنفتحة على المستقبل دون التفريط في الجذور.

فوسط هذا التنوع الكبير في الرقص والغناء واللباس، يبقى الحضور النسائي هو النغمة التي تعطي الفلكلور المغربي لونه الخاص، وحرارته، وإنسانيته..

 

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا