انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
ثقافة وفنون

المحطة القادمة:سفر فني عبر قطار “ليزاداك”

بسمة نسائية/ عزيزة حلاق

في أمسية مفعمة بالفن و البوح و الحنين، كان الجمهور على موعد مع عرض استثنائي بعنوان “المحطة القادمة… تولك شو”، شكل سفرًا مسرحيًا عبر الأجيال، انطلق من محطة 1985 ليستمر حتى محطة 2025، جامعًا نخبة من خريجي المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، من عوالم الفن والابداع والإعلام، شكلوا علامات مضيئة في المشهد الفني والتنشيط الثقافي.

 المحطة القادمة… تولك شو فني عبر الزمن

البرنامج، الذي جرى تقديمه مباشرة أمام الجمهور، هو فكرة وإعداد وتقديم طلبة السنة الرابعة شعبة التنشيط الثقافي، تحت إشراف وإدارة الإعلامية وأستاذة التواصل فاطمة الأفريقي، وبتواطؤ فني جميل مع طلبة السنة الأولى سينوغرافيا تحت تأطير الأستاذ عبد الحي السغروشني. فيما تولّى الموسيقى الأستاذ ناصر الهواري، أما تصميم الرقصات فكان من توقيع المبدعة فايزة الطلباوي.

الرحلة لم تقتصر على الحكي فقط، بل تخللتها مواد غنائية ولوحات راقصة، أضفت على العرض طابعًا حيويًا وممتعًا، إلى جانب استحضار التحولات السوسيوثقافية التي أثرت على المشهد الفني، من خلال قصص ومشاعر وذكريات الضيوف الذين تعاقبوا على صعود القطار.

انطلق القطار من أولى محطاته، سنة 1985، حيث كانت البداية مع الفنانة القديرة سعاد خويي، التي صعدت القطار، رفقة الطالبة أميمة بابلية. وتحدثت بروح مرحة وشغف متقد عن تجربتها ضمن أول دفعة تخرجت من المعهد، وكان مقرّه آنذاك عبارة عن ملحقة بسيطة خلف مسرح محمد الخامس بالرباط.

سعاد خويي، التي كانت الفتاة الوحيدة وسط طلاب ذكور، استحضرت بتلقائية بعض المواقف الساخرة التي جمعتها بزملائها، من بينهم المخرج السينمائي العالمي فوزي بن السعيدي، والفنان الراحل محمد الشوبي، ولم تُخفِ فخرها وامتنانها للمستوى الرفيع من التكوين والمهارات التي حظي بها جيلها، مؤكدة أنهم تعلموا من أساتذتهم بقدر ما ألهموهم.

نزلت سعاد خويي من القطار، لتصعد مكانها الإعلامية سناء الزعيم و معها دعاء بنخالد. سناء هي إحدى خريجات دفعة 1996، التي اختارت أن تبدأ مسيرتها كمنشطة لبرنامج ثقافي، قبل أن تلمع في إعداد وتقديم برامج ناجحة على القناتين الأولى والثانية، بأسلوب مميز، وحضور قوي، وكاريزما خاصة.

وبصراحة شفافة، قالت سناء:

“كان يستفزني أن يُعلق أحدهم على لباسي، أو تسريحة شعري، أو مكياجي، بينما كنت أترقّب نقاشًا حول ما أقدّمه من محتوى ومضمون!”

لكنها، في لحظة تأمل، قررت أن تتوقف. أن تبتعد قليلاً. أن تختلي بنفسها وتراجع أوراقها، بعيدًا عن الأضواء.

ثم عادت، لكن بشكل آخر… عادت عبر الميكروفون، مع بدايات العهد الجديد وتحرير القطاع السمعي البصري، حيث التحقت  براديو  “أصوات”، لتواصل الحكي والتأثير، ولكن بنبرة أكثر نضجًا، واختيارًا أدق لما تريد أن تقوله وكيف.

ثم حلّت لحظة حب دافئة، صعدت خلالها الممثلة الواعدة هاجر كريكع رفقة زوجها رضا العبدلاوي، السينوغرافي المبدع، في صورة تعكس تناغم الفن والحياة. وحاورتهما الطالبة كنزة دريدر .

هذا الثنائي الجميل ليس إلا واحدًا من بين العديد من الأزواج الذين جمعهم المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، فكان الحلم مشتركًا، والطريق واحدًا، والقلوب على موعد دائم مع الفن والحب.

ولأن القصص كثيرة، والزيجات التي وُلدت بين مقاعد هذا الصرح لا تُحصى، خصص المشرفون على العرض روبورتاجًا مؤثرًا، ضم صورًا لمحطات الحب والزواج التي رافقت أجيالًا متعاقبة من الطلبة، توثيقًا لذكريات صنعتها الدراسة، وباركها الفن، وخلّدها الزمن.

ثم كانت المحطة المقبلة، مع الممثل أيوب أبو النصر، المعروف بدور “الفراقشي” في مسلسل “الدم المشروك” الذي عُرض خلال رمضان الأخير. استقبلته في هذه المحطة اكرام حميصة.

ابن الدار البيضاء، القادم من حي شعبي، لم يُخفِ أبدًا رغبته في التمثيل منذ طفولته، رغم نظرة مجتمعه إلى هذه المهنة باعتبارها مغامرة غير مضمونة.

لكنه رفض الاستسلام، وجاء إلى الرباط، طرق أبواب المعهد، وفتح لنفسه أفقًا جديدًا بالإصرار والعمل والموهبة.

اليوم، يقف مرفوع الرأس، ممثلًا موهوبًا، محبوبًا، موجّهًا رسالته لمن يحلم مثله:

“آمن بنفسك، آمن بموهبتك، واتبع حلمك… الطريق صعب، لكنه يوصل.”

حين يصبح المعهد عرضًا حيًّا للحلم

وكانت المحطة الأخيرة في هذه الرحلة الشيقة، مع الممثلة الواعدة نهال سلامة، طالبة بالسنة الرابعة، تستعد لتوديع مقاعد الدراسة بعد شهر فقط، لكنها لا تفكر في الرحيل… بل في الاستمرار.

سئلتها  هبة لحلو: “وماذا بعد التخرج؟”

فجاء جوابها صادقًا، نابعًا من القلب:

“لا أرغب في مغادرة ليزاداك… أراني أواصل هنا، في فضاء العطاء والتعلم، أرغب في متابعة دراستي في سلك الماستر، وربما لاحقًا الدكتوراه، دون أن أتخلى عن شغفي الأول: المسرح والتمثيل.”

وفي هذا السياق، أكدت لنا مديرة المعهد الفنانة لطيفة أحرار، في دردشة جانبية، خبر إحداث سلك الماستر بالمعهد، ابتداءً من شهر شتنبر المقبل، مع بداية الموسم الجامعي الجديد، ليصبح بذلك حلماً إضافياً يتحقق لطلبة المؤسسة، ويتيح لهم فرصًا جديدة في مسارهم الأكاديمي والفني.

بهذا الحلم، اختُتمت الرحلة، واكتمل المشهد.

لكن المؤكد، قطار المعهد لم يتوقف، بل يواصل سيره، يحمل كل جيل إلى محطته، ويهيئ الجيل القادم للركوب.

“المحطة القادمة” لم تكن مجرد عرض مسرحي/ حواري، بل كانت مرآة لزمن من العطاء، وممرًا من الماضي إلى المستقبل، بروح طلبة أحبّوا ما يفعلون، فصدقوا وأبدعوا، وكانوا في مستوى التحدي الذي رفعوه، رفقة أستاذتهم فاطمة الأفريقي.

فشكرًا لكم، على هذه الرحلة الفنية، الإنسانية، والثقافية، عبر الزمن… بدأت سنة 1985، وها هي تمتد بأحلام دفعة 2025، لتؤكد لنا أن الفن لا يشيخ، وأن “ليزاداك” ليست مجرد معهد، بل ذاكرة ومسار ومصير.

برافو للأستاذة لطيفة أحرار، مديرة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، التي كانت وراء هذا الوجه الجديد للمعهد، بانفتاحه، وتنوع أنشطته، وروح الحيوية التي سكنت فضاءه.

 

 

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا