انضموا لنا سيسعدنا تواجدكم معنا

انضمام
ثقافة وفنون

“لام شمسية” بين الظاهر والخفي والمسكوت عنه!!

 

من بين عشرات المسلسلات العربية التي عُرضت خلال الموسم الرمضاني 2025، لم أتابع أيًّا منها. لكن بين الحين والآخر، كانت تستوقفني بعض اللقطات القصيرة على منصة “تيك توك”، أشاهدها دون أن تترك في نفسي أي أثر. إلى أن وقعتُ صدفة على مسلسل بعنوان مثير وغريب: “لا شمسية”. جذبني العنوان وحده بفرادته، وزادت قوة اللقطات من فضولي لمشاهدته. وهكذا وجدت نفسي أمام عمل فني بديع من حيث الإبداع البصري، قوي وصادم من حيث الموضوع.

ربط خلفية العنوان ‘لام شمسية’ بقصة المسلسل، يجسدها الطفل البطل الذي يظهر في المشاهد الأولى، مرددًا نشيدًا مدرسيًا:

لام شمسية ولام قمرية، واحدة نقولها وواحدة خفية.

القمرية كما هي، مثل الباب والعين والقلب،

والشمسية متخفية، مثل السر ومثل الذنب.

القمرية لام منطوقة، موجودة في كل الأحوال،

والشمسية لام مسروقة، فليس كل المكتوب يُقال.

ذكاء صُنّاع العمل يبدأ من هذا العنوان: “لام شمسية”. ففي اللغة العربية، هي اللام التي لا تُنطق، حيث تُدمج في الحرف الذي يليها، فتظل موجودة لكنها غير ظاهرة. اختيار هذا العنوان يحمل دلالة رمزية تتجاوز القاعدة اللغوية، إذ يُحيل إلى شيء مخفي، غير منطوق، لكنه حاضر بقوة. وهذا تمامًا جوهر موضوع المسلسل: “البيدوفيليا”، الجريمة التي تتوارى خلف الأعراف والصمت المجتمعي، لكنها تظل مؤثرة ومدمّرة في العمق.

القصة والحبكة الدرامية للمسلسل يطرح قضية شائكة قلّما تناولتها الدراما المصرية بهذه الجرأة، حيث تدور الأحداث حول زوجة تُفاجَأ بمشهد صديق الأسرة المقرب (أستاذ جامعي) يتحرش بطفل زوجها.

أمام صدمة المشهد، تشك فيما رأت. وعندما تحاول كشف الحقيقة، لا أحد يصدقها، فتجد نفسها ممزقة بين تصديقهم وتكذيب عينيها… إلى أن تتأكد شكوكها أمام حقيقة أكثر من صادمة، حين تفاجأ يالطفل الضحية يعيد “اللعبة” مع أخيه. وهنا تتقاطع مأساتها الزوجية مع جريمة التحرش، فتتوالى الأحداث بوتيرة متصاعدة، حيث يمتزج الماضي بالحاضر، ونشهد تطور الشخصيات بطريقة تدفع المشاهد إلى إعادة النظر في أحكامه ومواقفه.

القصة والحبكة الدرامية للمسلسل، تطرح قصة تمزج بين الدراما الاجتماعية والنفسية، حيث يسلط الضوء على شخصيات ذات أبعاد عميقة، تعيش صراعات داخلية وخارجية تجعل المشاهد مشدودًا للأحداث. الحبكة كانت متماسكة ومبنية بإحكام، ما جعل كل حلقة تحمل عنصر التشويق والمفاجأة، دون أن تفقد الخط الدرامي اتزانه.

مسلسل “لام شمسية” ليس مجرد دراما، بل درس في كشف المسكوت عنه. يعري مصائبنا السرية ويوجهنا إلى الحلول الفعلية بدلاً من اللجوء إلى الشعوذة والجهل.

عندما يتعرض طفل لأزمة، يجب أن نذهب للطبيب، وعندما تعاني امرأة، يجب أن تحصل على الدعم النفسي الحقيقي، وليس الفتاوى.

عرض المسلسل، حلقة أولى تمهيدية رائعة، بدأت بتقديم بسيط وغير مباشر للشخصيات الرئيسية، أما الشخصيات الثانوية فتم تقديمهم في موقع واحد وهو الحدث الرئيسي للحلقة (حفلة عيد الميلاد) انتهاءً بالمشهد الختامي الصادم الذي تنطلق من خلاله القصة وتُبنى عليه جميع أحداثها لاحقًا.

في ميزان المتعة والقيمة الفنية، يبقى مسلسل ‘لام شمسية’ متفوقًا على باقي الأعمال التي تدّعي الفضيلة بسطحية. إنه نموذج للفن الحقيقي، حيث يجمع بين الجمال، والإيحاء، والرسالة العميقة. كما أنه يجيب بشكل غير مباشر عن سؤال حارق: هل تستطيع الدراما كسر جدار الصمت حول القضايا المجتمعية المسكوت عنها، مثل البيدوفيليا؟ والجواب نعم، فقد قدّم ‘لام شمسية’ نموذجًا جريئًا ونجح في ذلك.”

إنه عمل درامي استثنائي يستحق الإشادة والمتابعة.

ملخص القصة وفريق العمل

القصة تبدأ حين تكتشف مُعلمة (أمينة خليل)، أن عددًا من الأطفال يتعرضون للتحرش والتنمر في المدرسة، وتحاول بذل قصارى جهدها لمساندتهم ودعمهم وإيجاد حلول للدفاع عنهم، بينما تظهر العديد من المشكلات التي تهدد استقرار عائلتها، وتبعث التوتر والقلق في حياتها.

– ﺇﺧﺮاﺝ: كريم الشناوي

– تأليف: مريم نعوم

راجية حسن (سيناريو وحوار) –

طاقم العمل: أمينة خليل، أحمد صلاح السعدني، محمد شاهين، يسرا اللوزي، أسيل عمران ثراء جبيل.

اظهر المزيد

عزيزة حلاق

مديرة مجلة بسمة نسائية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

تم اكتشاف Adblock المرجو وضع مجلة بسمة في القائمة البيضاء نحن نعول على ايرادات الاعلانات لاستمرارية سير المجلة. شكرا