“Art’Com Sup تحتفي بالفن المغربي المعاصر

سنحت لي الفرصة مؤخرًا للتعرف ولأول مرة، عن الكاتب والناقد الفني المغربي يوسف وهبون، وكان ذلك عبر دعوة تلقيتها من مدرسة Art’Com Sup لحضور تقديم آخر اصداراته” Le plaisir paradoxal”،“اللذة المفارقة: كتابات حول الفنون البصرية في المغرب”،
لم يقتصر اللقاء على تقديم الكتاب ومضامينه، بل تمكنت محاورته الأستاذة رانيا زوبيري، الوسيطة الثقافية المتخصصة في الفن، والتي قادت الحوار بأسلوب متقن وبحرفية إعلامية عالية، من إعطاء الضيف مساحة بوح لنكتشف فنانا بآراء تعكس عمقا فكريا ووعيا نقديا نادرا ما نصادفه.
فكنا أمام نموذج فريد لفنان يرفض المساومات، ويصر على الإبداع والتفكير الحر، حتى وإن كان الثمن العزلة والاختلاف عن السائد.
تقديم
في السابع من فبراير الماضي، استضافت Art’Com Sup حدثًا استثنائيًا بالشراكة مع دار النشر والمعرض الفني House of Beau، في لحظة فريدة أثرت المشهد الثقافي والفني المغربي. تم خلال هذا اللقاء تقديم أحدث مؤلفات الكاتب والناقد الفني يوسف وهبون بعنوان “اللذة المفارقة”، بحضور نخبة من الشخصيات البارزة في عالم الفن والثقافة، احتفاء بالغنى والتنوع الذي يميز الفن المعاصر في المغرب.
أقيم الحدث في الفضاءات العصرية لـ Art’Com Sup، بحضور شخصيات مؤثرة، من بينهم فنانين بصريين ونقاد فنيين وباحثين. وشهدت المناسبة نقاشات ثرية أكدت أهمية الحوار بين الإبداع الحي والتحليل النقدي في تطور المشهد الفني المغربي.
اللقاء حول كتاب يوسف وهبون، وهو فنان تشكيلي وناقد فني، “اللذة المفارقة: كتابات حول الفنون البصرية في المغرب”، شكل فرصة لمناقشة قضايا النقد الفني في سياق مغربي ديناميكي ومتغير. ويعد هذا الكتاب الأول ضمن إصدارات House of Beau، حيث يقدم تحليلاً دقيقًا للأعمال الفنية المعاصرة، مسلطًا الضوء على تطور الإبداع البصري في المغرب.
تناولت النقاشات كيفية دعم النقد الفني للفنانين الناشئين، والتفاعل مع التحديات التي تفرضها ساحة فنية في تحول مستمر.
كما سلط الحدث الضوء على التزام House of Beau بنهج رفيع المستوى في نشر الفكر الفني ونقده، حيث تسعى إلى تعزيز الفنون البصرية في المغرب، وترسيخ مكانتها كفاعل رئيسي، ليس فقط من خلال المعرض الفني، ولكن أيضًا كمؤسسة نشر تُعنى بالفنون والثقافة البصرية.
وهكذا، كان الحدث الذي نظمته Art’Com Sup وHouse of Beau نجاحًا كبيرًا، إذ جمع شخصيات بارزة من المشهد الفني المغربي، وأتاح فرصًا ملهمة للحوار والتبادل. وأكد على أهمية دعم الإبداع المعاصر والنقد الفني باعتبارهما عنصرين أساسيين في إثراء الثقافة المغربية والمساهمة في تطورها.
المزاوجة بين الرسم والكتابة النقدية
يتميز هذا الفنان بقدرته على الجمع بين ممارسة الفعل الإبداعي وبين تحليله ونقده. فهو لم يكن مجرد فنان يرسم اللوحات، بل كان مفكرًا ومحللًا للحركة التشكيلية في المغرب، يكتب المقالات النقدية التي تناقش قضايا الفن واتجاهاته بعمق فكري وطرح فلسفي متزن. اعتبر أن دور الفنان لا يجب أن يكون مقتصرا على إنتاج الجماليات البصرية فقط، بل عليه أن يكون أيضا مفكرا يسهم في تطوير الذائقة الفنية والنقدية في المجتمع.
حبه للعزلة ورؤيته الوجودية
نستشف من خلال حديثه، الكثير من الشفافية والصدق، اعترف أنه يميل إلى العزلة، ليس بدافع النفور من المجتمع، بل كوسيلة للتأمل والإبداع. واعتبر أن العزلة هي المساحة التي تسمح له بالغوص في أعماق ذاته والتفاعل مع تساؤلاته الفلسفية حول الفن والوجود. كما أن موقفه الرافض للأبوة – الذي جاء في سياق بوح صادق- لم يكن موقفا تقليديا، بل استند إلى قناعة فلسفية وجودية عميقة، حيث رأى أن الإنجاب هو استمرارية لوجود غير محسوم المعنى، وأن الإنسان ينبغي أن يكون مسؤولا عن نفسه فقط، لا عن كائن آخر قد يواجه نفس التساؤلات والقلق الوجودي.
خاتمة
يمثل هذا اللقاء بالنسبة للمنظمين، خطوة جديدة نحو ترسيخ حوار متفاعل بين الفنانين والنقاد والجمهور، وهو أمر ضروري لتعزيز إشعاع الفن المغربي على المستويين المحلي والدولي.
فما أحوجنا لمثل هذه اللقاءات الثقافية واستضافة أسماء من هذا المستوى، أكيد سيسهم في تعزيز الحوار الفكري ونشر الوعي الثقافي. فهذه الفعاليات تتيح تبادل الخبرات والأفكار، مما يسهم في تطوير الذائقة الفنية، وتنمية الحس النقدي، وتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة. كما أنها تشكل منصة للإبداع والابتكار، حيث يمكن للمواهب الناشئة الاستفادة من تجارب الرواد في مختلف المجالات، وتسهم عموما في بناء مجتمع أكثر وعيا وانفتاحا، قادرا على مواكبة التطورات الفكرية والفنية العالمية.
.