نونبر 1955: وعود ..وانتظارات!
جليل طليمات يكتب: في ذكرى عيد الاستقلال
كتب الزعيم الوطني والديمقراطي الراحل عبد الرحيم بوعبيد في مذكراته واصفا لحظة عودة الملك الراحل محمد الخامس الى عرشه يوم 16نونبر 1955، ما يلي :
” ..كان ذلك اليوم يوما لا ينسى في تاريخ الأمة المغربية . ..عشرات الآلاف من المواطنين حجوا الى المطار ، ومئات الآلاف وقفوا على طول المسار الملكي الذي قاده إلى المشور .تبجيل اسطوري وجماعي لشعب بكامله.(.،..) سيدي محمد مول الجلابة حرير ..بداية الاغنية الشهيرة لمحمد فويتح، كان هنا بلحمه ودمه، بابتسامة مضيئة، التي كانت قبل أيام من هذا اليوم ترى في القمر . كنا كما في حلم ، نظرا إلى أن حضوره نفسه كان يبدو كحلم ، كرؤية في الانتشاء الجماعي للشعب كله ..” ( ع الرحيم بوعبيد ، شهادات و تأملات ، ص 176,177)
بعد هذا الوصف الحي المفعم بعواطف وطنية، ينصهر فيها شخص الملك العائد من منفاه، ويحل في كل الوطن و في كل مواطن، ليصبح بذلك هو الأمة والأمة هي هو، يستدرك عبد الرحيم بوعبيد، لا كشاهد فقط بل كأحد الصناع المركزيين لهذا الحدث، ولما بعده، فيقول:
” غير انه، وبعد الايام المجنونة والامل المفرط، تاتي الاوقات العصيبة لحصيلة سنوات مديدة من الكفاح. لقد تم احترام الميثاق، العهد الوطني الذي عقده الملك والحركة الوطنية، فاستعادت البلاد كرامتها بتكسيرها لأغلال التبعية الاستعمارية، واستعادت مكانتها في محفل الأمم الحرة وذات السيادة، غير أن الجانب الآخر من الميثاق المتعلق بدمقرطة المؤسسات كان لايزال ينتظر التحقيق، وفقدت الاندفاعة من أجل بناء مغرب جديد، في عالم جديد ، فكان أن أفسدت السياسة الروحانيات وغطت عليها، ” ..
ويتساءل بمرارة :
هل كانت تلك وقتها “خيانة النخب؟ ” على كل، في الوقت الذي نفكر فيه بهذه الطريقة لابد أن نقر بهذا الواقع : الغد لا يفي دوما بالوعود التي قدمها الامس ” ..
نعم ، لم يف بها بعد مضي كل هذه العقود ..فكم هي الخيبات صادمة ..وأثمان استكمال ” العهد الوطني ” غالية ..و الدمقرطة متعثرة بطيئة ..ومتلاعب بها… فليستمر الكفاح من أجل تحقيق كل وعود الامس وانتظارات الغد …